لو لم أكن مواطناً لتمنيت أن أكون بوكيموناً, فالبوكيمون حالياً فتنة حفل الاهتمام, يعيش زمن رفاهه السعيد, الكل صار يبحث عنه، ويلاحقه صبحةً وعشياً، ولكن لا لا، إن مجرد المقارنة بيني كمواطن وهذا البوكيمون المحظوظ ستجعل الأمر حتماً مضحكاً ومثيراً للسخرية، ولكن يا مولانا كما قال الأولون "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"، لعل مجلسنا بجناحيه التنفيذي والتشريعي يخاطب شركة "نيتيندو" الراعية للعبة "البوكيمون غو" لإنتاج نسخة خاصة توزع علي نواب الأمة ووزرائها وتياراتها السياسية وإعلامييها، نسخة تكون بذات الشكل العام للعبة "البوكيمون غو"، ولكن بشرط استبدال البوكيمون فيها بالمواطن.

يا الله بركاتك يا "فسحة الأمل" تصوروا منظر النواب والوزراء ورموز السياسة والإعلاميين وهم يرفعون شاشات "موبايلاتهم" باحثين عن المواطن في البراري والقفار والحواري والدواعيس، تخيلوا فقط أن يعيشوا أجواء اللعبة ويتملكهم هوسها فيبحثوا عنه في مكانه الحقيقي لا مكانه الافتراضي الذي ترسمه "المانشيتات " و"المشاريع الورقية وبيانات قهوة الصباح وتصريحات شاي الضحى، هل تتوقعون بعدها أن يستطيع وزير أو نائب التحدث عن الحل الوردي للمشكلة الإسكانية، وعن "تبات ونبات" الطلبات الماراثونية، بينما هو للتو اصطاد آلاف المواطنين البوكيمونيين المحشورين في شقق غرفتين وصالة؟! هل يستطيعون الحديث عن النهضة التعليمية والصحية في الوقت ذاته الذي يلتقطون فيه بشاشات موبايلاتهم مئات المواطنين البوكيمونات من معاهد الدروس الخصوصية وصالات الحوادث في المستشفيات؟ هل يستطيع إعلامي في صحيفة أن يخط مانشيتاً عن تقارير البنك الدولي التي تحلف برأس الدولار وبطلاق اليورو أن المواطن يعيش حالياً زمان الدلع والرفاه والنشنشة، هل يستطيع ذلك وهو قد فرغ للتو من التقاط عشرات المواطنين البوكيمونات المطلوبين للضبط والإحضار من أمام إدارة التفنيذ المدني، وهل سيجد نائب أو وزير أو صحيفة الوقت الكافي للتحدث ساعات وساعات عن مشاريع البنية التحتية ويضيعوا فرصة لا تعوض و"زي اللوز" لالتقاط مئات المواطنين البوكيمونات المحاصرين في الزحمة! بيني وبينكم لا أظن ذلك، فهوس اللعبة سيجعلهم أخيراً يعرفون مكاننا الحقيقي لا الافتراضي، وهذا هو بالضبط مفتاح حل المشكلات.

Ad

بلاها يا سادة بنك دولي وصندوق نقد ووثائق اقتصادية وخطط "بليرية"، فالحل يكمن في "المواطن غو" ويا ليتني كنت بوكيمونياً.