«هيئة الأسواق» تعيد هيكلة القطاع المالي... بعد عناء 8 سنوات

سرعة فصل التشابك الرقابي بين «المركزي» و«الهيئة» فرضت سيطرة الأخيرة

نشر في 17-07-2016
آخر تحديث 17-07-2016 | 00:05
No Image Caption
نظرا لتبدد المخاوف بشأن شركات الاستثمار بعد التغييرات الكبيرة على هياكلها المالية والإدارية، شهد سوق الكويت للأوراق المالية فعليا تغيرات جذرية على نماذج عمل هذه الشركات، وأصبحت بعض الشركات تبحث عن مصادر حقيقية لتحقيق الأرباح التشغيلية.
بعدما خفت حدة الاضطرابات المالية نسبيا، ودخول هيئة اسواق المال بدورها الرقابي على شركات الاستثمار العاملة في نطاق الأوراق المالية، واختصاص رقابة بنك الكويت المركزي على الوحدات التي تمارس نشاط التمويل، جرت إعادة هيكلة كبيرة لتنظيم القطاع المالي على ضوء القرارات والتعليمات التي أصدرتها الهيئة منذ انطلاق عملها منذ 8 سنوات، للحيلولة دون استمرار ممارسات خاطئة سادت خلال الفترة الماضية.

ونتيجة لتبدد المخاوف بشأن شركات الاستثمار بعد التغييرات الكبيرة على هياكلها المالية والإدارية، شهد سوق الكويت للأوراق المالية فعليا تغيرات جذرية على نماذج عمل هذه الشركات، وأصبحت بعض الشركات تبحث عن مصادر حقيقية لتحقيق الأرباح التشغيلية سواء من خلال التركيز وبشكل مباشر على العوائد من الاستثمارات غير المباشرة في سوق الأسهم، أو من خلال البحث عن استثمارات عقارية ذات عوائد تشغيلية.

وحددت مصادر استثمارية لـ"الجريدة" بعض التغيرات التي جرت على نماذج عمل شركات الاستثمار لإعادة تنظيم القطاع المالي في الكويت مجددا، والتي جاءت في:

• حجم رأس المال: بات الالتزام بحد أدنى لممارسة الأنشطة الاستثمارية وفق المستويات التي حددتها هيئة أسواق المال، والالتزام بحد أدنى متوفر ولا يقل عن 15 مليون دينار كحجم رأسمال مطلوب للترخيص لشركات استثمار، وكذلك تحديد رأسمال محدد لممارسة أنشطة بعينها، وألا يقل رأسمال الشركة المدرجة عن 10 ملايين دينار كحد أدنى.

كما جاء في كتاب قواعد الإدراج باللائحة التنفيذية الجديدة، الأمر الذي جعل الهدف من تأسيس هذه الشركات ممارسة أنشطة فعلية، والابتعاد عن مسألة تفريغ الشركات، إضافة الى أن توفير هذا الحد الأدنى من رأس المال كاف لانطلاق عمل الشركة والاعتماد على رأسمالها لممارسة أنشطتها بدلا من الاعتماد على الاقتراض من أجل ممارسة النشاط.

وفرضت الجهات الرقابية معايير جديدة على أنشطة شركات الاستثمار، وأهمها تطبيق معايير الملاءة وتنظيم السيولة التي تملكها شركات الاستثمار والتركزات الائتمانية في عمليات الاقتراض بألا تتعدى نسبة 2:1، وإجبار الشركات التي فقدت 75 في المئة من رأسمالها على تعديل أوضاعها.

• دراسات جدوى: باتت دراسات الجدوى أكثر مهنية مما سبق، وأصبح تقييمها يتم بشكل مهني وحرفي أكثر من الاعتماد على النماذج المكررة التي كانت تعتمد عليها بعض الشركات للحصول على موافقة الجهات المختصة، من أجل ضمان الحصول على الموافقات الرسمية من الجهات المانحة للتراخيص، وبات التشدد تجاه اعتماد دراسات الجدوى لشركات الاستثمار الجديدة، والتأكد من واقعيتها وقابليتها للتحقيق أمرا بالغ الأهمية، وبالتالي اندثرت عملية تأسيس الشركات التي لطالما لم تخل منها جريدة طوال الفترة الماضية.

• التقييم النظيف: باتت هناك أطر ومعايير محددة ألزمت بها الجهات الرقابية كل الشركات المدرجة عند تقييم أصول الشركات المختلفة، واعتمدت مكاتب وجهات محددة لتتولى عملية تقييم هذه الأصول بشكل مهني يعتمد على أفضل المعايير المحاسبية العالمية، من أجل القضاء على عمليات إعادة تقييم الأصول بطرق ملتوية لتضخيمها بهدف إظهارها في الميزانية بقيم أعلى لإظهار أرباح غير حقيقية أو الحصول على تمويل مقابل هذه الأصول، وخير دليل على ذلك عمليات التسييل الكبيرة التي جرت على بعض الأسهم المدرجة طوال الفترة الماضية والتي كشفت أن عمليات التقييم كانت تتم على أسس ومعايير غير صحيحة نهائيا.

• إدارة المخاطر: أصبحت الغالية العظمى من الشركات المدرجة تهتم بشكل كبير بنظم إدارات المخاطر واتباع أفضل المعايير العالمية لممارسة الأنشطة، والبحث عن متخصصين في هذا المجال لإسناد هذه المهام إليهم، وباتت هناك تقارير دورية ترفع بشكل دوري إلى مجالس إدارات الشركات والجهات الرقابية للتأكد من السير وفق نماذج عمل سليمة تنأى بالشركة عن ممارسة أنشطة قد توقعها في الشرك مثلما جرى في بعض نماذج الشركات القائمة.

• الكفاءات المديرة: حددت هيئة أسواق المال معايير محددة للاختيار وتعيين الكفاءات التي تدير شركات الاستثمار، حيث اشترطت مؤهلات وخبرات مهنية دقيقة لاختيار الادارات التنفيذية القادرة على ادارة هذه الشركات وجعلها قادرة على تحقيق الهدف من تأسيسها، لاسيما بعدما أثبتت الأزمات الماضية ملء الشواغر الادارية والتنفيذية في بعض الشركات بناء على معايير غير دقيقة تخدم مصالح الملاك تارة أو تعيينات تتم بدون دراية تارة أخرى.

• التدقيق الداخلي والخارجي: حددت الجهات الرقابية نظما محددة لعملية التدقيق الداخلي والخارجي، والزمت مدققي الحسابات باتباع أفضل المعايير المحاسبية الدولية في إعداد البيانات المالية للشركات المدرجة، ولم تكتف بذلك بل جعلت هناك مسؤولية على عاتقهم بإعداد تقارير دورية ترفع الى الجهات الرقابية، وتحديد ماذا كانت هناك مخاطر تحوم حول مستقبل ومصير الشركة أم لا، وحددت هيئة أسواق المال مكاتب معتمدة فقط للاستعانة بها في تقديم الميزانيات الخاصة بالشركات، ولا يمكن الاستعانة بأخرى غير معتمدة لدى سجلها المعتمد.

• المكافآت المالية: ألزمت هيئة أسواق المال قياديي الشركات بالإفصاح عن المكافآت والمزايا والحوافز ضمن تقرير خاص يرسل إليها ويعرض أمام الجمعية العامة، وحددت حدودا معينة لمنح هذه المكافآت والبونص للمديرين والقياديين، من أجل عدم الإفراط فيها حتى من خلال البحث عن تحقيق الأرباح بغض النظر عن المخاطر التي يمكن جنيها من وراء ذلك.

• الإصدارات والاكتتابات: شهد هذا القطاع تنظيما أكثر مما كان معمول به في الوقت السابق، وأصبح هذا تقنين للنماذج التي سادت خلال السنوات الماضية، حيث باتت عملية التقييم التي تتم لهذه الاصدارات تجرى بدقة عالية من قبل أطراف محايدة، سواء لعمليات تأسيس الشركات الجديدة أو زيادات رؤوس الأموال التي كانت تجرى بدون دراية وأضاعت على أثرها أموال المساهمين سواء بقصد أو دون قصد.

أموال العملاء: أجبرت هيئة أسواق المال شركات الاستثمار على الفصل بين أموالها والاموال المدارة لمصلحة الغير، كما الزمتها بإرسال تقرير دوري في يونيو من كل عام يتضمن كل العمليات والتغييرات التي طرأت على أموال العملاء، إضافة الى إرسال تقرير كل 3 أشهر لكل العملاء يتضمن خارطة عمل الأموال التي تدير هذه الشركات لمصلحتهم والارباح المتحققة والقيم الحالية لهذه الاستثمارات، بل أصبحت هناك شركات متخصصة في إدارة أموال الغير فقط تجنبا لحدوث أي عملية خلط بين أموالها وأموال العملاء.

• الاقتراض الحصيف: وضعت البنوك من خلال تعليمات بنك الكويت المركزي شروطا صارمة في الحصول على أي تمويلات جديدة مقابل الأسهم، حيث طلبت البنوك مزيدا من الضمانات، إضافة إلى التركيز على تمويل المشاريع التي تدر تدفقات نقدية، وأصبحت كل الاطراف تبحث عن أدوات طوية الأجل بدلا من الاعتماد على الأدوات قصيرة الأجل.

• تطبيق معايير الحوكمة: بعدما كانت هناك دعوات للالتزام بالشفافية والمصداقية أمام المساهمين باتت الآن هناك معايير محددة على كل الشركات تطبيقها منذ 30 يونيو الماضي تخص الحوكمة، من خلال فصل الملكية عن الادارة وعدم استغلال المعلومات الداخلية والافصاح الشفاف وتعاملات أعضاء مجلس الادارة وتعيينهم، على كل الشركات الالتزام بها وإرسال تقارير دورية لهيئة اسواق المال.

• التبادل والتدوير الوهمي: جرمت هيئة اسواق المال كل الأفعال والممارسات التي من شأنها ايجاد إيهام لدى المتداولين بأن هناك عمليات شراء أو بيع تتم على الأسهم بدون عمليات اعتيادية، وكذلك فصلت الحسابات التي كانت موجودة لبعض الشركات والتي كانت تعرف بالحسابات والحسابات المقابلة، الأمر الذي أدى الى القضاء على بعض عمليات التدوير والتصعيد الوهمي والتبادل بين أسهم الشركات التابعة والزميلة والتي كانت تجرى في سوق الكويت للأوراق المالية.

• توصيات شراء الأسهم: اندثرت خلال الفترة الأخيرة تقارير شركات الاستثمار التي كانت تتحدث عن القيم العادلة للأسهم وتوصيات شراء وبيع الأسهم، حيث كشفت الأزمات المستمرة في سوق الكويت للأوراق المالية عن عدم مصداقية أغلب هذه التقارير، وباتت هيئة أسواق المال تضع بعينها كل هذه الدعوات وأحالت بالفعل بعض المحللين الى التحقيق في النيابة العامة عبر وضع مواقع التواصل الاجتماعي تحت التلسكوب الرقابي.

• الصناديق والمحافظ: حددت هيئة أسواق المال أطرا تنظيمية وطرق عمل تخص قطاع إدارة الأصول لشركات الاستثمار، وباتت هناك شروط إلزامية على الشركات المديرة للمحافظ والصناديق الاستثمارية وعقوبات صارمة في حال ارتكاب أي مخالفات، كما أبدت الهيئة مرونة كبيرة في التعامل مع الجهات الخاضعة لرقابتها بشأن طرح أي أدوات استثمارية جديدة، ولكن بعد التأكد من جدوى منح تراخيص عمل هذه النماذج.

ضرورة الإسراع في فض التشابك الرقابي مع «التجارة» لتجنب التخبط والازدواجية في اتخاذ القرار
back to top