ألعاب في عصر هوليوود... «والعظمة» الأميركية متواصلة

نشر في 17-07-2016
آخر تحديث 17-07-2016 | 00:03
تعتبر دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجلس 1932 نقطة تحول في الجوانب الفنية، حيث لعب مدربو المنتخبات واللاعبون دوراً مهماً في تحطيم الأرقام، وكانت نموذجاً رائعاً في التنظيم والإعداد.
فرض الاميركيون نظامهم على الجميع إعدادا وإخراجا، إذا جاز التعبير، حتى ان بعض المدربين المواكبين لرياضييهم من خلف المحيط رفضوا في البداية فكرة الاختلاط في القرية الاولمبية، خشية أن يفسد ذلك خططهم ويكشف أسرارهم الفنية... ولا عجب أيضا من ذكر ان بعض الأرقام القياسية المسجلة من قبل الأوروبيين تحديدا لم "تحظ باحترام" المضيفين، وشككوا في صحتها، فتجاهلتها الصحافة في تحليلاتها واستعراضها لموازين القوى والتوقعات بشأن المسابقات والأسماء المرشحة لألقابها!

وفرضت السيدات وجودهن في "العالم الجديد"، وبرهنت الأميركيات والبولنديات والكنديات والألمانيات أنهن لسن جميلات فقط بل يستطعن الجري والوثب والرمي. وكانت أفضلهن صبية في سن الثامنة عشرة قادمة من تكساس تدعى ميلدريد ديريكسون، وتنادى "بيبي" وهي أحرزت لقب سباق 80م حواجز وسجلت رقما عالميا مقداره 11.7 ثانية... ونافست الألمانيتين إيلين بروميلر وتيلي فلاشر في رمى الرمح، وتفوقت عليهما في المحاولة الأخيرة برمية عالمية مقدارها 43.68م.

كانت أمنية "بيبي" وهدفها الأسمى أن تكون أعظم رياضية... وعلى رغم إيقافها لاحقا من قبل الاتحاد الاميركي لألعاب القوى بـ"تهمة" استخدام اسمها في إعلان للسيارات، فإنها احترفت الرياضة وبرعت خصوصا في المباريات الاستعراضيات في ألعاب البيسبول وكرة السلة وكرة المضرب. وتفوقت في الغولف فحصدت ألقابا عدة، وأسست رابطة اللاعبات المحترفات.

تزوجت "بيبي" عام 1938 من المصارع اليوناني الأصل جورج زاهاريس، ولم تقف إصابتها بالسرطان حجر عثرة امام طموحاتها، إلى ان قضت نحبها سنة 1956 عن 48 عاما.

وفي المضمار والميدان، لم يغب الذهب عن الاميركيات إلا حين خاضت البولندية ستانيسلاوا والاسبوتيش التي عرفت بـ"ستيلا والش" سباق 100م وحققت رقما قياسيا مقداره 11.59 ثانية.

ثورة أرقام

وأحدثت ساعات التوقيت الميكانيكية التي أطلق على مقاساتها باللغة الفنية اسم "التوقيت الكهربائي" ثورة في مفهوم الأرقام المسجلة، فها هو الرقم العالمي لسباق الجري 100م يتحطم سريعا ويتدحرج من 10.8 إلى 10.3 ثوان، وبطله الجديد الاميركي أيدي تولان، النموذج الذي حصد أيضا سباق 200 م. وتمكن ومواطنه رالف متكالف من تحقيق الزمن عينه في الـ100م، غير ان صورة خط النهاية حسمت الموقف في مصلحة تولان.

سباقات السرعة التي أطلقت "الهيمنة الاميركية السوداء" نظرا لكثرة المواهب والأسماء في العدو، حتى أن فريق البدل 4 مرات 100م الذي سجل رقما عالميا جديدا مقداره 40 ثانية لم يضم تولان أو متكالف، وتألف من كيسل وديير وتوبينو وويكوف.

وفي سباق 10 آلاف متر غاب الاحتكار الفنلندي للمرة الأولى منذ 1912، وتوج البولندي يانوس كوزوسنسكي بطلا.

كما أحرز مواطنه لوري لهتينن لقبه 5 آلاف متر (14،30 دقيقة) متقدما بفارق ضئيل على الاميركي هيل رالف، وأثارت النتيجة احتجاجات باعتبار أن لهتينن أعاق "ابن البلد"، وسوي الأمر لاحقا بكثير من الود والروح الرياضية وآداب الضيافة.

ولأن المسابقات كانت تجرى على إيقاع "أشرطة هوليوود" لم يغب نجومها عن المدرجات أمثال غاري كوبر وتشارلي تشابلن وهارولد لويد الذي شتت خصوره تركيز حكام وسباق 3000م موانع ومراقبية، فوقع العداؤون في الإرباك وركضوا لفة إضافية (460م)، ودفع الثمن الاميركي جوماك كلوسكي إذ حل ثالثا، علما انه كان متصدرا حتى النهاية الأساسية للسباق... في المقابل توج الفنلندي فولماري ايزو هولو.

تألق اليابان

أما "البطولة اليابانية" فكان مسرحها سباقات الحوض، والحصيلة خمس ذهبيات، وبروز يوشييوكي تسوروتا بطل 200م صدرا في أمستردام 1928، إذ احتفظ باللقب وأسهم بحصد بلاده سباق البدل 4 مرات 200م.

ولفت اليابانيون الأنظار لأن نجومهم من صغار السن أمثال كومو كيتامورا (14 عاما) بطل 1500م، وياسوجي ميازاكي (16 عاما) بطل 100م حرة، وماساجي كيويكاوا بطل 100م ظهرا، كانوا "خارقين".

وأدرك اليابانييون أهمية التفوق الرياضي واقترانه بعكس مدى القوة الاقتصادية والتأثير السياسي فنسجوا على منوال الاميركيين، منذ أن قامت فرقهم الجامعية بزيارات للولايات المتحدة عام 1925... ونقلوا عنهم العناية والرعاية بهذا القطاع، فأنشأوا وحدات رياضية نموذجية في ست جامعات للاعداد على مستوى عال. أفلت لقب 400م حرة فقط من بين سباقات السرعة من قبضة السباحين اليابانيين وحفظ من خلاله الاميركيون ماء الوجه بفضل بوستر كرابه الذي تفوق على الفرنسي جان تاريس حامل الرقم القياسي العالمي بنحو عشر من الثانية. ودفع الأخير ثمن تركيزه على الممرات التي ضمت يابانيين، فغافله كرابه في الممر الأول وفاجأه عند خط النهاية.

وعموما، وكما أسلفنا، لم يكن اسم تاريس متدوالا من قبل الصحافة، ولم يدرج في قائمة المرشحين إلا بعد تجاوزه التمهيديات. ورسم الاميركيون علامات استفهام كثيرة حول رقمه العالمي!

فرضت السيدات وجودهن في «العالم الجديد» وبرهنت الأميركيات والبولنديات والكنديات والألمانيات أنهن لسن جميلات فقط بل يستطعن الجري والوثب والرمي كذلك
back to top