تحليل / إردوغان بعد الانقلاب... أقوى

نشر في 17-07-2016 | 01:47
آخر تحديث 17-07-2016 | 01:47
أتراك في تظاهرة مؤيدة لاردوغان
أتراك في تظاهرة مؤيدة لاردوغان
بخواتيمها تُفهَم الأمور، هكذا يمكن فهم محاولة الانقلاب في تركيا؛ فرغم النتائج السلبية التي لابد أن تنعكس على مكانة تركيا السياسية والاقتصادية بسبب هذه المحاولة، فإن الأكثر ربحاً هو الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحزبه من بعده.

فبعد 11 عاماً من الحكم الناجح من جميع النواحي، قرر الزعيم التركي إردوغان إجراء تعديلات على نظام الحكم في بلاده، حيث بدأ بإقصاء عدد من جنرالات الجيش الأقوياء بعد إحالتهم إلى القضاء بتهم التخطيط للانقلاب على الحكم، وقرر تغيير نظام الحكم إلى رئاسي بدلاً من برلماني، وبعد وصوله إلى كرسي الرئاسة في 10 أغسطس 2014، لم يبق له سوى إجراء تعديل دستوري يمنح الرئيس صلاحيات أكثر.

هذا المشروع لم تقبله الأحزاب المعارضة، والعلمانية منها على وجه التحديد، لأنها رأت فيه انحرافاً عن الأسس الأتاتوركية التي بنيت عليها تركيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

وجاءت نتائج الانتخابات البرلمانية في يونيو 2015 ضد مصلحة ذلك المشروع، حيث لم يحصل حزب الرئيس على الأغلبية الكافية لإجراء التعديل الدستوري، لذا تمت الدعوة إلى انتخابات جديدة جاءت في أجواء من الخوف والقلق من عودة الأعمال العنيفة لحزب العمال الكردستاني، في وقت ذهب البعض إلى أن التوتر مع هذا الحزب كان مفتعلاً من الحكومة والاستخبارات التركية لإشاعة أجواء الخوف وبالتالي التصويت لمصلحة حزب العدالة والتنمية، وهذا ما حدث بالفعل، إذ حصل حزب العدالة والتنمية في انتخابات يوليو 2016 على الأغلبية الكافية لتشكيل الحكومة من دون شراكة أحزاب أخرى، وبدأ بتنفيذ المشروع الأكبر خطوة خطوة.

وأمام هذا الواقع، جاءت محاولة الانقلاب العسكري، الذي وجه الرئيس إردوغان الاتهام بشأنه إلى خصمه فتح الله غولن ومن يتبعه من جنرالات الجيش، في محاولة لاستخدام النص الدستوري الذي يعطي الجيش حق تولي السلطة إذا ما انحرفت الحكومة عن مبادئ العلمانية والديمقراطية. ولم يكن أمام الحاكم المنتخب سوى الاعتماد على ناخبيه ليتصدوا لآلات العسكر بأيديهم وأجسامهم، كما استعان بقوات الاستخبارات والأمن، وبمن لم يكن طرفاً في الانقلاب، ليقضي على المحاولة الانقلابية في حدود 6 ساعات.

وبعد ساعات قليلة من استعادة السلطة عمد إلى استعجال تنفيذ مشروعه الذي لم يغب عن باله؛ فبدأ باعتقال الضباط والأفراد المتورطين في المحاولة الانقلابية ثم أقصى 2700 قاض (غير معروفة علاقتهم بما جرى وسبب إقصائهم)، واستمر في تلويث سمعة خصمه الداعية غولن الذي يحمل أفكاراً دينية ليست بعيدة عن أفكار الرئيس، إلا أنه يشكل إزعاجاً كبيراً رغم وجوده في المنفى في أميركا، فقد أصر إردوغان على ربط غولن بالانقلاب منذ الساعات الأولى رغم التصريحات المتكررة من الأخير بنفي علاقاته بما يحدث حتى قبل حسم الأمور بشكل نهائي، كما وجد إردوغان نفسه الآن وجميع الأحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان تقف إلى جانبه.

في عبارة واحدة: إردوغان بعد المحاولة الانقلابية أقوى منه قبلها.

back to top