مع استمرار الركود العقاري الذي أصاب القطاع منذ فترة كبيرة من الزمن وشغور العديد من الشقق في العقارات الاستثمارية، يلجأ بعض ملاك العقارات الى ابتكار طرق جديدة لجذب المستأجرين، وذلك بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من العوائد الإيجارية.

وقد لجأ العديد من ملاك العقارات الى عمل إغراءات جديدة لجذب الشركات والمؤسسات الراغبة في تسكين موظفيها مع السعي للتوقيع معها عقود تأجير يصل مداها الى ثلاث سنوات، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة إعلانات لعقارات منها مفروشة وبأسعار مغرية مستعدة لتسكين موظفي شركات او المؤسسات الحكومية.

Ad

ويعلن أصحاب العقارات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الاعلانية عن استعدادهم لتأجير العقار بالكامل لموظفين شركة ما أو مؤسسة حكومية بأسعار مغرية مع مميزات أخرى منها تأثيث أجزاء من الشقق وتوفير مواقف خاصة لسيارات المؤجرين، إضافة الى خدمة الانترنت وغيرها.

ويسعى ملاك العقارات للحصول على عقود تأجير تتراوح مدتها بين سنتين الى 3 سنوات، حيث ان التوقعات تشير الى انخفاض الإيجارات خلال الفترة المقبلة أو ثباتها على الأقل، خاصة مع زيادة الرسوم على الوافدين والتوجه لرفع الدعم عن بعض المواد والخدمات، مما سينتج عنها هجرة معاكسة، حيث يعتبر الوافدون هم الفئة الأكبر التي تقطن الشقق في العقارات الاستثمارية، هذا فضلا عن أن هناك العديد من العقارات الاستثمارية ستدخل في المنافسة بعد الانتهاء التشطيبات الأخيرة.

ويشير عدد من وسطاء العقار الى أن هناك مفاوضات قائمة بين بعض ملاك بعض العقارات الاستثمارية وشركات لتسكين موظفيها، لافتين الى أن هناك منافسة كبيرة بين العقارات على جذب المستأجرين وتقديم إغراءات عديدة.

تجنب الإشكالات

ويرغب ملاك العقارات الاستثمارية في تأجير عقاراتهم للشركات او للمؤسسات الحكومية لأسباب عديدة، منها أن بعض الجهات تدفع القيمة الايجارية مقدما لفترة من الزمن، وهذا يخلق سيولة عالية لدى ملاك العقارات، فضلا عن المالك يتجنب المشاكل مع المستأجرين ومنها التأخر في الحصول على الايجار، حيث يتم التعامل مع شخص واحد.

وتعاني العقارات الاستثمارية شغور بعض الشقق من المؤجرين، مما يؤثر على الإيرادات التأجرية لها، حيث تتراوح العوائد بين 6 و8 في المئة من إجمالي رأس المال، حيث تتعرض تلك النسبة الى هزات بين الحين والآخر كلما خلت شقة أو اكثر.

وهذا ما يسعى اليه المستثمرون، وهو ثبات نسبة العوائد مدة من الزمن، خاصة مع انعدام الفرص الاستثمارية الأخرى، وتدني فوائد البنوك، وارتفاع مخاطر الاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية.

الشريحة المستهدفة

ويتوقع عدد من خبراء العقار استقرار او انخفاض أسعار العقارات الاستثمارية والايجارات على المدى القصير على الاقل، حيث إن كافة المعطيات تشير الى ذلك، خاصة مع ارتفاع أسعار العقار والإيجارات ووصولها الى أرقام كبيرة وخيالية، مؤكدين أن أسعار إيجارات الشقق وصلت إلى مستويات أعلى من قدرات الشريحة المستهدفة.

وأشاروا الى أن القطاع الاستثماري شهد خلال السنوات الماضية إقبالا كبيرا من المستثمرين، في ظل انعدام الفرص الاستثمارية، ومازال هذا الاقبال مستمرا في الوقت الحالي، لافتين الى أن احتكار الدولة للأراضي رفع أسعارها وجعل نمو العقارات الاستثمارية بطيئا، مما جعل الطلب مرتفعا من قبل المستثمرين والمستأجرين كبير جدا.

عقارات مخالفة

ومع ارتفاع الطلب من المستأجرين لجأ العديد من ملاك العقارات الاستثمارية الى مخالفة اشتراطات البناء وتقسيم الشقة الواحدة الى أكثر من شقة، حيث وصل العائد في بعض العقارات الى 12 في المئة، فيما يؤكد عديد من التقارير أن ما نسبته 80 في المئة من إجمالي العقارات الاستثمارية مخالفة للأنظمة والشروط.

وتطالب جهات عديدة إدارة العقار وبلدية الكويت بتشديد رقابتها على العقارات الاستثمارية، حيث إن هناك عقارات بالغت في مخالفها لقوانين الأنظمة والبناء، وأصبحت تشكل ضغطا كبيرا على خدمات المنطقة وتسبب ازدحامات مرورية، إضافة الى أنها ساهمت بشكل كبير في الركود العقاري الذي يعانيه القطاع، إذ إن القانون لا يسمح بتداول العقار المخالف.

وقد أصدر مجلس الوزراء في وقت سابق مشروع قانون بتغليظ العقوبات على مخالفي البناء في السكن الخاص والاستثماري والتجاري والصناعي، وكانت العقوبة هي الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تتجاوز سنتين، إلى جانب إزالة مخالفة البناء ورد الشيء إلى أصله على نفقة المخالف، وتغليظ العقوبة لتصبح ألف دينار بدلا من 50 دينارا عن كل متر مربع، وقطع التيار الكهربائي عن العقار المخالف.

تأجير الشقق

ومع ارتفاع نسبة الشغور في بعض العقارات الاستثمارية، لجاء ملاكها الى تأجير بعض الشقق لأصحاب المشاريع الصغيرة، ومنها الصالونات النسائية والمعاهد الصحية والدراسة، إضافة الى أصحاب المهن، ومنها المحاماة، وذلك للاستفادة من القيمة الإيجارية المرتفعة، مقارنة مع القيمة الإيجارية للسكن.

وفي المقابل كان هناك إقبال أيضا من أصحاب المهن وأصحاب المشاريع الصغيرة على التأجير في الشقق الاستثمارية، وذلك نظرا لانخفاض الإيجار مقارنة العقارات التجارية، حيث إن القيم الايجارية في الاستثماري أقل بكثير من التجاري.

تحرير الأراضي

ويقول عدد من العقاريين إن الكويت بحاجة الى ظهور مناطق استثمارية جديدة، خاصة مع وجود خطة تنموية نتج عنها طرح العديد من المشاريع الحيوية، لافتين الى أن حل العديد من المشاكل التي يعانيها القطاع وأبرزها ارتفاع الإيجارات وانتشار ظاهرة العقارات المخالفة يكمن في تحرير الأراضي، وفتح المجال أمام القطاع الخاص وتوفير التسهيلات له للمساهمة في بناء مناطق جديدة.

ويشير العقاريون الى أن الدولة تفتقد اشتراطات أنظمة البناء والتشييد، أو ما يسمى بكود البناء، حيث إن غياب تلك الاشتراطات خلق تشوهات وعيوبا في العقارات، إذ إن في كافة دول العالم تكون هناك لوائح وأنظمة تسير عليها الشركات والمستثمرين الراغبين في تشييد عقارات، وذلك حتى تكون الدولة مميزه عن غيرها.