لماذا نجحت المملكة العربية السعودية في صناعة البتروكيماويات وتراجعت دولة الكويت؟ رغم أن الأخيرة كانت سباقة في هذه الصناعة التي تقدم قيمة مضافة للدخل القومي.

وبلمحة سريعة على وضع هذه الصناعة في البلدين، سنرى أن نمو قطاع البتروكيماويات الكويتي انطلق من بدايات متواضعة عام 1963، تعززه الاستثمارات الحكومية، وازدهار قطاع إنتاج الهيدروكروبونات، وتقوم بإنتاج البولي إيثيلين والغلايكول، من خلال حصتها الرئيسية في شركة "إيكويت"، التي تم تأسيسها عام 1995 وتخطى إنتاجها 5 ملايين طن متري سنوياً، كما تقوم بإنتاج أسمدة اليوريا والأمونيا.

Ad

وتتبع شركة صناعة الكيماويات البترولية "استراتيجية 2002-2020" لتطوير قطاع البتروكيماويات في دولة الكويت، حيث تقوم الرؤية الاستراتيجية للشركة على تطوير مصانع ضخمة متكاملة ومصاف للكيماويات البترولية في الكويت.

في المقابل الآخر، في السعودية تأسست شركة "سابك" للبتروكيماويات عام 1976م، وبدأت باكورة إنتاج مصانعها عام 1983.

منذ انطلاقة إنتاجها استحوذت "سابك" على 5 في المئة، من حصة الأسواق العالمية للبتروكيماويات، وعلى حصة أكبر من سوق المنتجات الأساسية مثل الإثيلين، وغلايكول الإثيلين، الميثانول، ومثيل ثالثي بوتيل الإيثر، والبولي إثيلين، وتبلغ الطاقة الإنتاجية حوالي 70 مليون طن متري سنوياً.

وتحتل "سابك" المركز الرابع بين أكبر الشركات العالمية المنتجة للبولي أوليفينات، والثالث في إنتاج البولي إيثيلين، والرابع في إنتاج البولي بروبيلين على مستوى العالم.

وتصنع "سابك" منتجاتها في 23 موقعاً في الأميركتين، و15 موقعاً في آسيا باسيفيك، و15 موقعاً في أوروبا وموقع في تركيا.

وتمتلك "سابك" 16 مركزاً للأبحاث والتطوير في منطقة الشرق الأوسط والأميركتين وأوروبا وآسيا باسيفيك، ولها زبائن في أكثر من 100 بلد حول العالم.

لماذا التأخر؟

فقد يتساءل البعض ما السبب وراء تأخر الكويت في هذه الصناعة؟ فستكون الإجابة، أن سياسات دول الخليج، أعطت القطاع الخاص تسعيرة للمواد الأولية من خلال تشريعات، بحيث يلتزم القطاع الخاص بتوظيف نسبة من العمالة الوطنية، وتشييد بنية تحتية لهذه الصناعة، فالصناعة الآن في الخليج متكاملة، وهي قوية ومتطورة من خلال الشراكة مع الشركات العالمية.

والدول تحتاج إلى مستثمر عالمي لديه تكنولوجيا متطورة يمتلكها ويوفرها هذا الشريك العالمي كجزء من الشراكة.

وقد يتحجج بعض القياديين في النفط بأن الأراضي في الكويت محدودة، علماً أن صناعة البتروكيماويات، لا تتضرر في حال بعد موقع المصنع عن البحر، إذ يمكن مد أنابيب إلى ميناء التصدير.

كما يشير البعض إلى إنشاء بنية تحتية للصناعة، لأن الكويت تفتقدها بدليل أن إيكويت، إن أرادت جلب الغاز من الخارج، فستواجه صعوبة لأن منطقة الشعيبة الصناعية أصبحت محدودة المساحة.

وقد شدد الكثيرون على أن التجاذبات السياسية السلبية ساهمت في تراجع البتروكيماويات في الكويت، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بوجود شريك أجنبي.

حيث إن المستثمر العالمي كالقطاع الخاص المحلي هم جميعاً أصحاب رؤوس أموال يحرصون عليها، والكل يراعي الشراكة ونتائجها الإيجابية وتتم مقارنتها مع ما يقدم لها في دول أخرى، ولا يمكن نسيان أن الشريك يأتي بأهم العناصر للصناعة وهي التكنولوجيا وتراكم خبرات السنوات الطويلة.

الوضع التنافسي

ينادي الكثيرون ممن عملوا في هذه الصناعة باتخاذ القرار المناسب للتوسع في الصناعة، خصوصاً أن عجلة المشاريع في هذا المجال بدول الجوار لم تتوقف، مما يضع الكويت في وضع تنافسي صعب لاسيما من السعودية، حيث يتم إنشاء مشاريع بتروكيماويات عملاقة للمحافظة على نسبتها في سوق البتروكيماويات مما يضعف تنافسية الكويت.

ولو نظرنا إلى ما تنوي الكويت عمله، فسنرى أنها لا تزال تدرس مشروع الألفينات الثالثة، ولم يصدر أي قرار حوله، ودراسة الجدوى لم تنتهي منذ سنوات للتكامل مع مصفاة الزور، كما لم تتضح معالم دعم للصناعة لاسيما المواد الأساسية، حيث لا يوجد أي اتفاق لمعرفة كمية الغاز الموجة للبتروكيماويات.

في المقابل، لو نظرنا إلى تخطيط السعودية التي تتجه إلى أن يصل الإنتاج إلى 126 مليون طن بحلول عام 2020. كما أن النجاح الذي حققته المملكة في تطوير قطاع بتروكيماويات قادر على المنافسة عالمياً، خصوصاً في مجال تصنيع منتجات السلع الأساسية، فالحكومة كانت محركاً أساسياً لهذا النجاح، من خلال تقديم استثمارات ضخمة لتطوير بنية أساسية متطورة في مدينتي الجبيل وينبع.

فالقطاع في السعودية يدخل مرحلة جديدة تتسم بالتوسع الثابت للطاقة الإنتاجية، وتنويع السلاسل الأقل قيمة بمنتجات أكثر قيمة. ويبقى الوضع في الكويت غامض، ويرجعه البعض الى التغيرات المستمرة وعدم تطبيق الخطط، التي تم رسمها للقطاع كافة والبتروكيماويات خاصة؟.