«الفحم النظيف» التعبير المستخدم في أوساط صناع القرار
تطرح التقنية الحديثة مؤشرات واعدة على تمكين مصانع الفحم التي تنتج الكثير من الطاقة الكهربائية في العالم من العمل بصورة أكثر نظافة، إضافة إلى خفض الانبعاثات التي تسبب تغير المناخ. لكن هذه المشاريع ظلت تواجه صعوبة في التنفيذ، بسبب ما تنطوي عليه من تعقيدات وتكلفة عالية.ويقول تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، أخيراً، إن "الفحم النظيف" هو التعبير المستخدم الآن في أوساط هذه الصناعة وصُناع القرار، وهو يشير إلى فكرة واعدة قد تمكن مصانع الطاقة، من خلال تطبيق سبل التقنية الحديثة، من استخدام الفحم بشكل يطلق كمية أقل من المواد الملوثة ومنع ثاني أكسيد الكربون من الانتشار في الجو، ومن ثم لعب دور حيوي في إبطاء عملية تغير المناخ.ووفق التقرير، فإن معظم خبراء الطاقة، بمن فيهم الفئة العاملة في وكالة الطاقة الدولية، يقولون إن هذه التقنية ضرورية، من أجل إبطاء عملية تغير المناخ، لأنها يمكن أن تخفض بصورة كبيرة انبعاثات الكربون من الوقود الحفري، الذي يتوقعون له أن يستمر على شكل جزء كبير من مصادر الطاقة العالمية حتى سنة 2050. ومن جهة أخرى، يقول العديد من أنصار حماية البيئة، إن هذه العملية مكلفة جدا، كما أنها قد تؤثر في وتيرة التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والشمس.
غاز للتخزين
وعلى الصعيد العملي، يستطيع مصنع طاقة حبس ثاني أكسيد الكربون، من خلال استيعابه عبر سائل يتم تسخينه فيما بعد، بغية إطلاق الغاز للتخزين، كما يمكن تحقيق تلك العملية قبل الاحتراق، وفي هذه الحالة يتم استخدام كمية محددة من الأوكسجين لتحويل الفحم أو الغاز الطبيعي إلى مزيج من الأكسيد الأحادي والهيدروجين. وقبل إحراقه من أجل توليد الطاقة تتم معالجة هذا المزيج بواسطة البخار لإنتاج ثاني أكسيد الكربون.ويضيف التقرير، أن ثاني أكسيد الكربون يضغط في العادة، ثم ينقل عبر شبكة من الأنابيب، بغية إعادة استخدامه أو تخزينه، ويكون ذلك عن طريق حقنه مباشرة ضمن تشكيلات جيولوجية في باطن الأرض مثل حقول النفط والغاز. والسؤال الذي يتردد في أوساط الصناعة، هو هل القيود الجديدة التي فرضتها إدارة الرئيس باراك أوباما على انبعاثات مصانع الطاقة سوف تساعد على تحسين عملية حبس وتخزين الكربون؟ ويرى خبراء الطاقة أن ذلك ليس محتملاً، وقد اقترحت وكالة حماية البيئة قانوناً يطالب مصانع الفحم الجديدة باستخدام تقنية حبس الكربون، فيما يرى معارضو هذا المسار أن المنشآت، بسبب التكلفة العالية، سوف تختار توفير الطاقة عن طريق مصادر أخرى مثل الغاز الطبيعي، بدلاً من الاستثمار في بحوث وتنمية عمليات حبس الكربون، من أجل المصانع التي تعمل بالفحم. ويقولون إن هذا القانون قد يدفع نحو الاستغناء عن الفحم بصورة كلية، لأن خطط بناء مصانع للفحم سوف تصبح باهظة الثمن، ومع الهبوط الحالي في أسعار الغاز الطبيعي توقفت كل الشركات عن بناء مثل تلك المصانع على أي حال.تخزين الكربون
ويقول التقرير إن المصانع التي تحتوي على مكونات حبس وتخزين الكربون تكلف ما يصل إلى 75 في المئة زيادة عن مصانع الفحم العادية، كما أن تكلفة البنية التحتية اللازمة لنقل وتخزين ثاني أكسيد الكربون عالية للغاية. ويرجع سبب ارتفاع تكلفة مصانع الفحم التي تحبس إلى التعقيدات التي تنطوي عليها. وكما أوضح المحرر في صحيفة نيويورك تايمز في وقت سابق، فإن "فصل ثاني أكسيد الكربون عن الغازات الأخرى التي تطلق في مصنع للطاقة يشكل تحدياً كبيراً، إضافة إلى أن العملية تتطلب الكثير من الطاقة، وربما تستهلك ما يصل إلى أكثر من 20 في المئة من الطاقة الكهربائية، التي يفترض أن ينتجها المصنع لتوزيعها على المستهلكين".وهناك من يطرح دور عمليات التكسير في هذا الصدد. ويقال إن التكسير يعمل على حجز كميات ضخمة من احتياطي الغاز الطبيعي، ويفضي بالتالي إلى خفض سعره إلى ما دون الدولارين للوحدة. وبصورة عامة، يتعيَّن أن تكون أسعار الغاز الطبيعي أعلى من 7 دولارات للوحدة في المصانع الجديدة، لتصبح منافسة، وقد يكون هذا هو سبب عدم احتمال بناء أي مصانع جديدة للفحم في الولايات المتحدة، إضافة إلى أن نشر هذه التقنية، في ظل الظروف الراهنة، سيتطلب الكثير من الدعم من جانب الحكومات والمؤسسات الخاصة.