يتمركز الجيش العراقي جنوب الموصل بنحو 50 كم على الضفة الغربية لدجلة تماما مقابل قوات البيشمركة الكردية، حيث دمر "داعش" الجسر الحيوي هناك بين منطقتي مخمور والقيارة منذ سنتين.ويتفاخر الجهد الهندسي الحكومي هذا الأسبوع بأنه صنع جسرا عائما في مدة قياسية وخلال معركة ضارية مع التنظيم المتطرف، أتاح للقوات المشتركة عبر الضفتين أن يقوما بعزل شبه كامل لأهم قاعدتين عسكريتين للتدريب والتموين تستخدمهما عناصر "داعش" كجدار صد دفاعي، بات محاصراً ومعزولاً ومصاباً بالشلل كما تؤكد المصادر، وجعل الطريق نحو الموصل أقل صعوبة.
وبعدما وصل الجيش إلى منطقة القيارة لم تبق أمامه سوى منطقتين هما: الشورة وحمام العليل، ليكون على بوابات ثاني أكبر مدينة في العراق وآخر حاضرة "سنية" لم تتعرض للتدمير في الحرب حتى الآن.لكن الأمور ليست بهذه البساطة، فـ"داعش" يزج بالمزيد من الانتحاريين كل يوم ليبطئ خساراته المتواصلة من قاطع الأنبار غرب بغداد، حتى جنوب الموصل شمالاً، وقد زج بزوارق عدة مملوءة بالمتفجرات في محاولة لتدمير الجسر العائم الجديد كي يوقف تقدم العراقيين، إلا أن سلاح الجو العراقي والأميركي نجح في تدميرها وهي تتسلل عبر النهر. هذا يعني أن أمام الجيش نحو 50 كم مليئة بالانتحاريين ولن يكون اجتيازها سهلاً، إلا بفضل خبرة تراكمت في معارك الأنبار.أما التحدي الآخر فهو أشكال متعددة من سوء الفهم تنشأ كل يوم بين الجيش الحكومي والبيشمركة الكردية ثم متطوعي العشائر السنية الذين تتزايد أعدادهم، أضف إلى ذلك متطوعي شرطة نينوى السابقين العرب المقربين على الأكراد، فضلاً عن "الحشد الشعبي" الشيعي الذي يقول إنه هو الذي قدم تضحيات كبيرة في المنطقة الواقعة بين تكريت والموصل ليفتح الطريق أمام تقدم الجيش، خصوصاً في معارك بيجي الشهيرة وجبال مكحول الموازية، ولعل كثيراً من الضباط يعتقدون أنهم بحاجة الى إسناد "الحشد" في تطويق الموصل حتى لو اتخذ قرار بعدم دخوله للمدينة لاحقاً نظراً للحساسيات المذهبية والانتهاكات المحتملة والمواقف الدولية الواضحة.ويحاول رئيس الحكومة حيدر العبادي أن يوازن بين كل هذه التناقضات، كما أن القوات الأميركية تعتزم زيادة عدد ضباطها في تلك المنطقة، لكي يكونوا وسيطاً بين الأكراد والجيش العراقي، وينظموا التنسيق المطلوب بين القطعات البرية والجوية.ومثلما شهدت معارك الأنبار تصادماً في الخطط والمصالح بين العراقيين المتحالفين مع الولايات المتحدة وأولئك المقربين من إيران، فإن تخوم نينوى الجنوبية ستشهد الأمر ذاته، ويستفيد المتشددون حتى من مواقف الأطراف التي تحاول الابتعاد عن السياسة الإيرانية قدر المستطاع مثل مقتدى الصدر ذي العلاقات السيئة بميليشيات الحرس الثوري الإيراني، لكنه المعتاد على إطلاق تصريحات ضد الوجود الأميركي في العراق، دون أن يقدم إجابة حين يسأله حلفاؤه: وكيف نستطيع مواجهة أشرس تنظيم إرهابي دولي بلا مساعدات أميركية؟.ولن يكون اقتحام الموصل سريعاً بحسب توقعات الخبراء، لكن تطويقها من ثلاث جهات سيبدو أمراً غير صعب، وستترك جهة الغرب المحاذية لسورية مفتوحة كي تتسرب عبرها العناصر الأجانب في "داعش" على الأقل، وهناك توقعات بأن ينتقل التنظيم إلى العمل السري ويترك فكرة إقامة دولة في العراق بعد أن رأى تصاعد قدرات الجيش والدعم الدولي الكبير له، وصعوبة مواجهة سخط وغضب نحو مليون وخمسمائة ألف مدني مقيم في الموصل حتى الآن، يمكن أن يتعرضوا لمجازر أثناء القتال، وقد يتحولون إلى قوة تثور ضد "داعش"، خاصة وهي المدينة التي تمتلك تاريخياً أكبر حصة من الجنرالات والضباط في القوات العراقية.
أربيل تنفي مساعدة السعودية للمعارضة الإيرانية
نفت حكومة إقليم كردستان العراق أمس، تقديم المملكة العربية السعودية مساعدات للمعارضة الإيرانية في أربيل وفتح مقرات لها.وكان الأمين العام لمجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي قال في لقاء مع التلفزيون الإيراني، إن السعودية قدمت المساعدات لأحزاب المعارضة الإيرانية، وإن القنصلية السعودية فتحت مقرات للمعارضة، وجرت هذه العملية في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان"، مضيفا أنها "قامت أيضا ببناء قواعد ومقرات لهذه الأحزاب قرب الحدود الإيرانية، واذا ما استمرت الأمور على هذا المنوال ولم تفكر حكومة الإقليم في حل هذه المشكلة، فإن إيران ستقوم قريبا بعمليات عسكرية وستحمل رئيس الإقليم مسعود البارزاني المسؤولية كاملةً.في سياق آخر، أثارت زيارة رئيس الحكومة السابق، الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامي نوري المالكي لمحافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، المحسوبة تاريخياً على "الاتحاد الوطني الكردستاني"، حزب الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني والحالي فؤاد معصوم، انتقادات من السلطات في الإقليم، الذي دخل في أزمة مع المالكي خلال ولايته الثانية بسبب قطعه الرواتب عن الموظفين الأكراد. وقال رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان البارزاني، نائب رئيس الحزب "الديمقراطي الكردستاني": "نحن لا نعلم نية المالكي، ولكن لو كانت نيته خيراً، لزار أربيل".وكان المالكي يريد زيارة محافظة حلبجة التي شهدت هجمات كيماوية من نظام صدام حسين على الأكراد، إلا أن دعوات للتظاهر ضده أرغمته على إلغاء الزيارة.