أطرف ما سمعناه من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، المحسوب على ما يقال إنه جناح معتدل و"ليبرالي"، أنه توعد الأمير تركي الفيصل لحضوره مؤتمر منظمة مجاهدي خلق (المقاومة الإيرانية)، الذي انعقد أخيراً في باريس، بحضور أكثر من 150 مشاركاً، من بينهم شخصيات دولية معروفة ومرموقة؛ بمصير كمصير صدام حسين!

ولعل ما أغاظ ظريف كل هذا الغيظ أنه، مثله مثل كبار المسؤولين الإيرانيين، قد اعتبر أنَّ حضور الأمير تركي الفيصل هذا المؤتمر هو حضور للمملكة العربية السعودية كدولة، وهذا واضح وصحيح ومؤكد، والمثل يقول: "كما تدين تدان". فكما تتدخل الدولة الإيرانية بكل أجهزتها وكل مؤسساتها وبحراس ثورتها كل هذا التدخل السافر في الشؤون العربية فإنه لإيقافها عند حدِّها وردعها الردع المناسب كان لابد من إفهامها أنَّ العرب بدورهم قادرون أيضاً على التدخل في شؤونها ومساندة المعارضين الإيرانيين؛ لإسقاط نظام الملالي الذي بعد كل تجاوزاته الاستفزازية في العراق وسورية واليمن ولبنان والبحرين كان لابد من الرد عليه بالوسائل نفسها وبالطرق إياها التي يتدخل من خلالها بشؤون الآخرين.

Ad

وبالطبع فإن الواضح أن طهران قد فهمت هذه الرسالة، حضور الأمير تركي الفيصل مؤتمر "المقاومة الإيرانية" وإلقائه خطاباً ضمَّنه كل ما يجب أن يقال في هذه المناسبة لملالي دولة الولي الفقيه الإيراني، فلجأت إلى صبِّ جام غضبها على الدولة الفرنسية المضيفة والقيام باستفزازات كالتي كانت تعرضت لها البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران، وهذا ما دفع باريس إلى إغلاق بعثاتها الدبلوماسية في إيران وفي العراق، على أساس أنه يجب معاملة "التابع" كمعاملة "المتبوع"!

ثم، ولعل ما يبعث على السخرية هو أنَّ هذا الدبلوماسي "الصُميدعي" البارع الذي لا يقعقع له بشنان لم يكتف بتوعد الأمير تركي الفيصل بمصير كمصير صدام حسين، بل إنه ذهب بعيداً عندما اتهمه، باعتباره كان المسؤول عن الاستخبارات السعودية، بإنشاء حركة طالبان الأفغانية وإنشاء القاعدة، وكل هذا مع أن المعروف أن "طالبان" هي إنتاج مرحلة لا علاقة للسعوديين بها لا من قريب ولا من بعيد، وذلك في حين أن "القاعدة" ولدت في الحاضنة الإيرانية، وأن إيران هي التي زودتها أخيراً بـ"حمزة بن لادن" ليكون خلفاً لوالده أسامة بن لادن، كما زودت ما أصبح يعرف بـ"داعش" بـ"أبو مصعب الزرقاوي" الذي ثبت، على نحو قاطع، أنه تردد كثيراً على مواقع صنع التطرف والإرهاب في الأراضي العراقية.

وإنَّ ما لم يُثر الاستغراب في هذا المجال، على اعتبار أن عراق العباسيين والرشيد قد أصبح محتلاً احتلالاً عسكرياً مباشراً من قبل إيران، هو أن الـ"أوركسترا" الطائفية في بلاد الرافدين، والتي يقوم بالعزف على أوتارها ما يسمى بـ"فيلق القدس" وبـ"حراس الثورة"، قد أعلنت حالة الاستنفار القصوى بدورها، بعدما قال محمد جواد ظريف هذا الذي قاله، وبادرت إلى حملات ردح وشتائم ضد المملكة العربية السعودية وضد العرب العاربة والعرب المستعربة وضد كلِّ من يرفض السير على الطريق الذي اختطه ملالي طهران.