الاستعراض يطغى على السياسة في مؤتمر الجمهوريين

ترامب يكسر التقاليد وزوجته تقتبس من ميشيل أوباما

نشر في 20-07-2016
آخر تحديث 20-07-2016 | 00:09
No Image Caption
وسط أجواء من التوتر أعقبت مقتل ثلاثة ضباط من الشرطة في مدينة باتون روج بولاية لوزيانا، على يد جندي سابق أسود من ولاية ميسوري، انطلق أمس الأول المؤتمر العام للحزب الجمهوري في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو.

وعلى وقع الهجوم الدامي في مدينة نيس الفرنسية قبل أيام، جاء شعار «لنجعل أميركا آمنة مجدداً» العنوان الأبرز لأعمال اليوم الأول من المؤتمر، وهو ما لم يأت مصادفة في الوقت الذي حرص فيه المؤتمرون على استغلال هذه الأحداث الدامية للتحريض على السياسات الخارجية لكل من الرئيس باراك أوباما، والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.

وقبيل بدء أعمال المؤتمر حصل ما كانت تخشاه قيادة الحزب، وتحولت جلسة الافتتاح إلى ما يشبه الكابوس السياسي مع اندلاع التظاهرات المعارضة لترامب خارج مقر المؤتمر وداخله، ما أدى إلى إثارة حالة من الفوضى قلّ أن شهدتها مؤتمرات الجمهوريين في تاريخها السياسي الحديث.

وفي حين بقي متظاهرو الخارج بعيداً عن القاعة، تولى أعضاء حملة «لا لترامب» من مندوبي الحزب المنتخبين والمؤيدين لمرشحين نافسوا ترامب في الانتخابات التمهيدية، وعلى رأسهم المئات من أنصار المرشح السابق السيناتور تيد كروز، عملية الاعتراض، وحاولوا فرض آلية تجيزها قوانين الحزب تأخذ في الاعتبار الولايات كل على حدة للتصويت على قواعد إدارة عملية انتخاب مرشح الحزب في اليوم الأخير من أعمال المؤتمر، على أمل إحداث انشقاق بين المندوبين، ما قد يسمح لهم باحتمال هزيمة ترامب.

وعلقت أعمال الجلسة وسط حالة من الهرج والمرج والهتافات المنددة والمؤيدة لترامب، ما لبثت أن حسمتها قيادة المؤتمر بتصويت صوتي بنعم أو لا على تلك الآلية، سقط معها الاقتراح عبر استغلال مغادرة وفود بعض الولايات، ما أدى إلى إنقاص عدد الولايات، التي طلب مندوبوها إجراء عملية تصويت، من 9 إلى 6 ولايات، ليسقط الاقتراح نهائياً، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى مغادرة مئات المندوبين للمؤتمر، الأمر الذي اعتبر انتكاسة لحملة ترامب.

وقاد حركة الاعتراض على ترامب مندوبون من ولايات عدة، أهمها فيرجينا وكولورادو وماين، مطالبين بتغيير قواعد عقد المؤتمر الحزبي.

واعتبر العديد من المراقبين أن انطلاق مؤتمر الحزب في ظل غياب شبه كامل لقياداته التاريخية ورؤسائه ومرشحيه السابقين، ضربة كبيرة ليست فقط لمصداقيته، بل ولحيثية ترامب نفسها كعنصر قادر على توحيد الحزب خلفه.

وغاب عن المؤتمر أسماء بارزة في مقدمتها الرئيسان السابقان جورج بوش الأب، وجورج بوش الابن، وشقيقه جب بوش، ومرشح الحزب الجمهوري السابق للرئاسة ميت رومني، والمرشح السابق السناتور جون ماكين، إضافة إلى غياب حاكم ولاية أوهايو ومنافس ترامب السابق جون كايسك، الذي لم يعلن دعمه له، واعتبر غيابه مؤشراً على عمق الخلافات في الحزب، خصوصاً أن ولايته تستضيف أعمال المؤتمر.

ورغم محاولة قيادة الحزب التعويض عن هذا الغياب عبر الزج بمتحدثين إشكاليين تناوبوا على مهاجمة كلينتون، كان فاقعاً غياب أي متحدث من الوزن الثقيل، رغم كلمة عمدة نيويورك السابق والمرشح الدائم لمنصب الرئاسة رودي جولياني، الذي اختصر بكلمته ما اعتبره البعض سياسة التملق على أمل الحصول على حصة في كعكة الحكم المقبلة.

وكشفت وسائل الإعلام الأميركية المختلفة عن وعود عديدة أطلقها ترامب لبعض الشخصيات، لتولي تلك المناصب، بينها تكليف جولياني تولي لجنة لمكافحة التشدد الإسلامي، بينما وعد كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي، بمنصب في الإدارة الجديدة، ووعد الجنرال المتقاعد مايكل فلين، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، بمنصب سياسي أمني أو عسكري في الإدارة الميمونة.

ولمزيد من التعويض عن ضحالة الحضور السياسي عمد ترامب إلى كسر تقاليد الحزب، عبر حضوره الاحتفالي والاستعراضي لتقديم زوجته ميلانيا، التي تحدثت في المؤتمر داعمة زوجها ومزكية أهليته على قيادة البلاد، في خطاب تضمن اقتباساً شبه حرفي لمقاطع من خطاب سبق أن ألقته السيدة الأولى ميشيل أوباما أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي عام 2008.

ومن المرشحين الجمهوريين الـ16 الذين نافسوا ترامب خلال الانتخابات التمهيدية، لم يحضر سوى اثنين، هما كريس كريستي وريك باري، حاكم ولاية تكساس السابق، إضافة إلى حاكم ولاية إنديانا السابق مايك بنس، الذي سماه ترامب نائباً له السبت الماضي، عقب مناورة مملة أجبره خلالها على الانتظار نحو نصف ساعة خلف الستارة، ليعلن اسمه في نهاية خطاب طويل، ويغادر المنصة تاركاً بنس بمفرده يلقي كلمة قبول التعيين!

وتعاقب المتحدثون على التنديد بسجل كلينتون، ومهاجمة سياساتها وسياسات أوباما خلال السنوات الثماني الماضية.

وفيما تولى ناجون من أحداث بنغازي انتقاد كلينتون، وطالبوها بالانسحاب من السباق الرئاسي، حمّلتها والدة أحد الضحايا المسؤولية الشخصية والمباشرة عن مقتله. وتولى توم كوتون، عضو مجلس الشيوخ، مهاجمة الاتفاق النووي مع إيران، بينما انتقد الجنرال فلين سياسة القيادة من الخلف، والتراجع عن الخطوط الحمر، محملاً أوباما المسؤولية عما اعتبره تراجعاً في هيبة أميركا واحترامها من قبل حلفائها وأصدقائها وأعدائها على حد سواء.

back to top