ريو 2016: المدينة جاهزة للتنظيم.. لكن الفكر في مكان آخر

تواجه اسوأ أزمة اقتصادية في 80 عاماً وارتفاع معدل الجريمة

نشر في 20-07-2016 | 10:57
آخر تحديث 20-07-2016 | 10:57
مدخل مبنى المكتب الرئيسي للجنة الأولمبية البرازيلية في ساو باولو
مدخل مبنى المكتب الرئيسي للجنة الأولمبية البرازيلية في ساو باولو
فيما تواجه المدينة اسوأ أزمة اقتصادية في 80 عاماً وارتفاع معدلات الجريمة في المدينة، انتهت مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية بشكلشبه نهائي من الاستعداد لانطلاق الألعاب الأولمبية قبل نحو أسبوعن من موعدها.
قبل نحو أسبوعين من انطلاق الألعاب الأولمبية الأولى في أميركا الجنوبية وتحديداً في البرازيل، التقطت مدينة ريو دي جانيرو المنظمة أنفاسها، لكن في مواجهة اسوأ أزمة اقتصادية في 80 عاماً وارتفاع معدل الجريمة، تغيب علامات الفرح عن وجوه البرازيليين.

في الواقع، أصبحت الملاعب جاهزة، وتزين الألوان والأعلام الأولمبية «المدينة الساحرة» التي يقطنها 6.5 ملايين وتنحشر في مضيق بين المحيط وجبال رائعة مع كل هذا التباين الجذاب بين شوارع ميسورة تهدهد الشواطىء وأخرى شعبية فقيرة ترتسم عليها علامات البؤس والحرمان.

وتنتظر التجارة المحلية بدءاً من الفندق 5 نجوم مروراً بالمخزن الصغير الذي يبيع الأدوات الأولمبية «المصنوعة في الصين» بفارغ الصبر قدوم نحو 500 ألف سائح من أربع زوايا الأرض.

ويعرف البرازيليون بأنهم عشاق لكرة القدم، لكنهم أيضاً هواة للرياضة بمختلف أنواعها، ورغم الوضع الرمادي المعاش يومياً، ما من شك في أن الألعاب الأولمبية ستشكل فاصلاً سعيداً من فواصل وحلقات حياتهم.

ومن شأن الديكور المخصص لأكبر حدث رياضي على وجه هذه البسيطة (10500 رياضي في 42 لعبة رياضية) أن يحبس أنفاس مئات ملايين المشاهدين: فمن القوارب الشراعية إلى نجوم السرعة في المضمار سيتواجهون تحت ذراعين مفتوحتين لـ «يسوع المخلص».

لكن خليطاً من الأعمال الجرمية في ارتفاع مستمر، وبطالة متصاعدة بقفزات، وفيروس زيكا وافلاس ولاية ريو دي جانيرو وفضائح الفساد وأزمة سياسية تاريخية ستفضي على الأرجح إلى إقالة الرئيسة ديما روسيف بعد انتهاء الألعاب مباشرة، كل هذا مجتمعاً لا يمكن أن يدع الفرحة ترتسم على شفاه البرازيليين.

وتختصر الألعاب بالنسبة إلى كثيرين بعملية الهاء مكلفة جداً، وفيليبي (31 عاما)ً، المنقذ على شاطىء كوبيكابانا واحد من هؤلاء، «شفطت الألعاب الأولمبية المال الذي كان بالإمكان استخدامه في تحسين حياة الناس بدل أن نقيم تغييرات تجميلية جميلة للغرباء».

سحر وفوضى

على بعد أمتار معدودة، وتحت شمس شتوية معتدلة حيث تصل الحرارة إلى 23 درجة مئوية، يقف عشرات العمال منتصبين كحبال مشدودة لانهاء هيكل معدني هائل موقت لحرم لعبة الكرة الطائرة الشاطئية مرتفع واشبه ببناء شاهق من عدة طبقات.

والمشاكل التي تمت مواجهتها في بناء هذا الصرح تلخص التحدي الكبير لتنظيم الألعاب في ريو دي جانيرو، هذا المدينة التي تتسم بالسحر والفوضى في آن معاً.

وكثيراً ما تعطلت الأعمال بسبب الأحوال البيئية والمناخية، وأدت الأمواج العاتية إلى الإضرار بقاعدة هذا البناء ما استلزم إقامة جدار رملي بطول 300 متر لحمايته، وتعمل البلدوزرات باستمرار على تعزيزه... وذات صباح، وجدت بالقرب منه جثة متفسخة لسيدة.

بالتأكيد، استطاعت ريو دي جانيرو اسكات المشككين في قدرتها على انهاء الأعمال في المواعيد المحددة، وعموماً ضمن الميزانيات الموضوعة لها، باستثناء مضمار منافسات الفروسية الذي تأخر قليلاً بسبب افلاس منفذه ولم يكن بالإمكان اجراء أي اختبار حقيقي عليه.

ويبقى خليج غوانابارا عبارة عن «بالوعة» تصب فيها المياه المبتذلة على الرغم من الوعود المخيبة للآمال بإزالة التلوث منه بنسبة 80 في المئة، وهذا يعرض المتنافسين في رياضة الشراع للجراثيم في حال السقوط في البحر أو حتى اهدار ميدالية بسبب الهروب من كيس بلاستيكي في الطريق.

وبعيد افتتاح مضمار بني على الكورنيش البحري لإقامة سباقات الدراجات الهوائية ضمن الألعاب الأولمبية، انهار جزئياً بعد أن ضربته موجة عاتية فقتل اثنان من المارة بالمكان، في حين تشكلت بعض الحفر على طريق بحري آخر.

وأخيراً وفي افضل الحالات، لن يفتتح خط جديد للمترو يعتبر استراتيجياً بالنسبة إلى الحركة خلال الألعاب قبل الأول من أغسطس مع تخفيض السعة بسبب عدم اجراء اختبارات كافية عليه.

وقال عمدة ريو دي جانيرو ادواردو باييس «كل شيء يشغل بالي»، وأسر لوكالة فرانس برس بأنه «مستعجل لأن يبدأ الأولمبياد، ومتعجل أيضاً لأن ينتهي»، واعداً بأن «يشرب حتى الثمالة على أنغام السامبا بعد الألعاب الأولمبية، وأن يأخذ إجازة دون أجر لمدة عام».

13 عملية اغتيال في اليوم

وتؤكد البلدية أنها عملت على تحويل المدينة خلال عدة عقود على أن تكون الأطراف الأساسية مكاناً للبنى التحتية الجديدة التي تشكل مدخلاً للنقل العام لنحو 63 في المئة من البرازيليين في 2017 مقابل 19 بالمئة فقط عام 2009.

وتضاعفت السعة الفندقية في مدينة ريو دي جانيرو، وافتتحت قاعة جديدة في المطار الدولي، وتم جزئياً انعاش منطقة الميناء التي كانت مهجورة بشكل دائم.

وهناك سبب آخر يدعو للقلق ويتمثل في أمن المتفرجين-السياح حيث ارتفعت عمليات الاغتيال إلى أكثر من 13 في اليوم الواحد منذ مطلع العام الحالي أي بزيادة 14 في المئة عن نفس الفترة من العام الماضي.

وحصلت ولاية ريو مؤخراً على مساعدة مالية طارئة من ولاية برازيليا لدفع رواتب عناصر الشرطة، لكن العصابات المسلحة لمروجي المخدرات تنمو وتتمدد.

والخشية في المقام الأول من العنف-المتطرف أكثر من خطر الاغتيالات، وصحيح أنه لم يطل البرازيل حتى الآن، لكن متطرفاً فرنسياً هدد في نوفمبر بعيد اعتداءات باريس قائلاً «البرازيل، أنت هدفنا القادم».

يُضاف إلى ذلك أن معتقلاً سابقاً في غوانتانامو رحل إلى الأوروغواي، دخل بشكل غير شرعي الأراضي البرازيلية دون أن يترك أثراً... وسيسهر على أمن الألعاب أكثر من 85 ألف شرطي وعسكري، أي أكثر مرتين من العدد الذي خصص لأولمبياد لندن 2012.

back to top