يبدو أن القمة العربية المقبلة، التي تستضيفها العاصمة الموريتانية نواكشوط، الاثنين المقبل، ستكون ساحة لانقسام عربي جديد، هذه المرة ليس على قضية سياسية، أو نزاع حدودي، بل على من يمثل العرب في معركة الترشح لمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو). فقد استبقت مصر انعقاد القمة العربية بساعات وأعلنت مساء أمس الأول رسمياً تسمية مرشحها لخوض السباق، واختارت وزيرة ودبلوماسية سابقة، هي مشيرة خطاب لخوض المنافسة الثانية لمصر في مضمار اليونسكو، بعد إخفاق وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني في الفوز بالمنصب عام 2009 لمصلحة وزيرة الخارجية البلغارية إيرينا بوكوفا بفارق أربعة أصوات فقط.

الإعلان المصري، جاء أيضا بعد ساعات من الحصول على تأييد قمة الاتحاد الإفريقي، التي عقدت بالعاصمة الرواندية «كيغالي»، قبل أيام لمصلحة المرشحة المصرية، في خطوة اعتبرها وزير الخارجية المصري سامح شكري «استثنائية لأنها تسبق انطلاق المنافسة الفعلية على المنصب بأكثر من عام»، واعتبر الوزير هذا التأييد الإفريقي «تقديرا لمكانة مصر الثقافية». ورغم حشد مصر للكثير من مظاهر قوتها الناعمة، خلال حفل تسمية مرشحها لليونسكو، حيث أقيم الحفل أمام واجهة «المتحف المصري» في قلب ميدان التحرير بالقاهرة، في أجواء مفتوحة، وبحضور دبلوماسي وسياسي وثقافي وفني لافت، فإن شبح المنافسة العربية المحتدمة على المنصب كان حاضراً، فدولة قطر بادرت قبل أشهر بطرح اسم وزير ثقافتها السابق، والمستشار الحالي بالديوان الأميري حمد الكواري مرشحا لها لنيل المنصب الدولي الكبير. من جانبه، أعلن وزير الثقافة اللبناني السابق والدبلوماسي السابق في الأمم المتحدة، غسان سلامة، ترشحه من دون دعم رسمي من الدولة اللبنانية، بينما منحت الحكومة اللبنانية دعمها للمرشحة فيرا خوري مساعدة سفير دولة سانت لوسي لدى اليونسكو.

Ad

ويبدو أن القاهرة تتحسّب للمواجهة المقبلة مع قطر، التي يخيم التوتر على العلاقات بينهما، بعد عزل الجيش للرئيس الأسبق محمد مرسي يوليو 2013، حيث تدرك القاهرة أن قطر لن تتوانى عن دعم مرشحها بصور شتى، خاصة لدى دول غربية مؤثرة، تمتلك الدوحة فيها أدوات استثمارية مؤثرة، وربما هذا ما حدا بوزير الخارجية المصري إلى التلميح على هامش الاحتفالية مساء أمس الأول بالقول: «نأمل أن تكون المنافسة شريفة ونزيهة، وأن يفوز المرشح الذي تتوافر فيه معايير الكفاءة ويتمتع بلده بعمق حضاري كبير». بينما تم الإعلان عن تشكيل مجلس استشاري يضم نخبة من شخصيات عامة لمآزرة المرشحة المصرية، ودعا رئيس اتحاد المستثمرين المصري محمد فريد خميس، إلى الاستعانة بشخصيات مصرية ذات ثقل عالمي كفاروق الباز ومجدي يعقوب، لحشد الدعم الدولي للمرشحة المصرية، فضلا عن تأسيس صندوق لدعم حملتها مالياً، وأعلن أنه سيكون أول المتبرعين بمليوني دولار أميركي.

الناقد المصري البارز د. صلاح فضل قال لـ»الجريدة»، إن المنافسة بين المرشحين المصري والقطري ستكون شرسة جدا، معربا عن توقعه أن يستخدم المرشح القطري كل أسلحته لضرب منافسته المصرية، وأن القدرات المالية الكبيرة لدعم حملة المرشح القطري ستكون مؤثرة للغاية لاستقطاب تصويت عدد من الدول.

في المقابل، يرى السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان حاليا أن قمة «نواكشوط» ستكون حاسمة في تحديد اتجاهات المنافسة العربية على المنصب الدولي باليونسكو، ويضيف لـ»الجريدة»: «أروقة القمة ستشهد صراعاً مكتوماً ومحاولات ربما لن تبدو في العلن لحشد التأييد لمرشح دون آخر».