دخلت تركيا أمس عملياً مرحلة جديدة، لا يمكن الحديث عما ستحمله من تطورات، وهل ستنعكس سلباً أم إيجاباً على واحدة من الدول المسلمة القوية. فبعد اجتماع ماراثوني، عقده الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة مع المجلس القومي، وتلاه اجتماع للحكومة في القصر الرئاسي، اتُخذت إجراءات أمنية غير مسبوقة في البلاد، وذلك بعد أيام على الانقلاب العسكري الفاشل. وبينما أحبطت قوات الجو محاولة وصول سفينتين تركيتين إلى المياه الإقليمية اليونانية، تواصلت حملة «التطهير» التي تقوم بها السلطات التركية والتي شملت أكثر من 50 ألف شخص ما بين الإقالات والاعتقالات والتحقيقات بالتورط في الانقلاب.
وقال مسؤولان إن السلطات وجهت اتهامات رسمية إلى 99 من نحو 360 جنرالاً بالجيش، مضيفَين أن 14 جنرالاً غيرهم مازالوا محتجزين، ما يعني أن نحو ثلث الجنرالات باتوا قيد التحقيق.وأمس قام البرلمان التركي بعزل عدد كبير من الموظفين الكبار، من مناصبهم، بينهم ثلاثة مساعدين للسكرتير العام للبرلمان. وأُعلن عزل 900 شرطي عن العمل، فيما مُنع الأكاديميون من السفر إلى الخارج في إجراء مؤقت اتخذ خشية سفر مدبرين لمحاولة الانقلاب من داخل الجامعات. وأقالت جامعة إسطنبول 95 أكاديمياً من مناصبهم، بينما أوقفت وزارة الشباب والرياضة التركية 245 من موظفيها عن العمل.بدورها، وضعت النيابة العامة في أنقرة 260 قاضياً عسكرياً تحت المراقبة الأمنية، كما قررت مؤسسة الضمان الاجتماعي التركية قطع الراتب التقاعدي للداعية الإسلامي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، المتهم بالوقوف وراء الانقلاب من خلال حركة «حزمت» (خدمة) التي يترأسها.
في غضون ذلك، أكد مسؤول في مكتب الرئاسة التركية أن الحكومة التركية «فرضت قيوداً» على موقع ويكيليكس المتخصص في نشر الوثائق المسربة، وأرجع المسؤول ذلك إلى «انتهاك الخصوصية ونشر بيانات تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة».ونشر «ويكيليكس»، مساء أمس الأول، نحو 300 ألف رسالة إلكترونية والآلاف من الوثائق التي تتعلق بـ»السلطة التركية»، كما نشر رابطاً على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» لقاعدة بيانات قابلة للبحث، قال إنها تحتوي على 294 ألفاً و548 رسالة بريد إلكتروني و»عدة آلاف» من المرفقات أرسلت بين عامي 2010 و2016، من 762 عنواناً بريدياً لأعضاء وقياديين في حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي المحافظ.وأعلنت وكالة الأناضول اعتراف مساعد رئيس هيئة الأركان التركية لفنت توركقان بـ «ضلوعه في محاولة الانقلاب، وصلته بمنظمة الكيان الموازي الإرهابية منذ سنين طويلة»، مضيفة أنه «نفذ كل التعليمات والأوامر الصادرة عن المنظمة على أكمل وجه، وتنصّت على رئيس الأركان السابق، نجدت أوزال».وفي أقوى رد فعل دولي حتى الآن على الإجراءات التي تتخذها السلطات التركية بعد الانقلاب، قال شتيفن زايبرت المتحدث باسم المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، أمس، إن هذه الإجراءات «تتغاضى بالكامل عن حكم القانون وتتجاهل مبدأ تكافؤ القوة المستخدمة».