إردوغان يعلن «حال الطوارئ» 3 أشهر... والمعارضة «تتململ»

• الحكومة تعلق العمل باتفاقية «حقوق الإنسان» الأوروبية وتطمئن المستثمرين وتنال دعماً من «القوميين»
• فيينا تستدعي السفير التركي وبرلين تواصل تحذيراتها • رسالة نصية «رئاسية»: شعبي العزيز ابقَ في الشارع

نشر في 22-07-2016
آخر تحديث 22-07-2016 | 00:05
جنود أتراك في ميدان تقسيم وسط إسطنبول أمس (إي بي أيه)
جنود أتراك في ميدان تقسيم وسط إسطنبول أمس (إي بي أيه)
دخلت تركيا منعطفاً جديداً بإعلان حال الطوارئ في البلاد إثر الانقلاب العسكري الفاشل، في حين رُصِدت نبرة جديدة لدى المعارضة التي دعمت الرئيس رجب طيب إردوغان ضد الانقلابيين، والتي بدأت تحذر من الانزلاق إلى إجراءات قمعية.
أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في وقت متأخر من مساء أمس الاول، عقب اجتماع طويل لمجلس الأمن القومي والحكومة، فرض حال الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في البلاد، في أعقاب محاولة انقلاب عسكري فاشلة الأسبوع الماضي، وذلك للمرة الاولى منذ 15 عاماً.

ودخلت حال الطوارئ إلى حيز التنفيذ في عموم البلاد أمس بعد نشر القرار في الجريدة الرسمية، حيث عرضت الحكومة على رئاسة البرلمان مذكرة إعلان حال الطوارئ للمصادقة عليها في المجلس في اجراء شكلي حيث يملك حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي المحافظ أغلبية.

وبرر إردوغان فرض الطوارئ بهدف "القضاء سريعاً على جميع عناصر المنظمة الإرهابية المتورطة في محاولة الانقلاب"، مؤكدا أن "حال الطوارئ ليست ضد الديمقراطية والقانون والحريات على الإطلاق، بل على العكس تماما، فهي تهدف إلى حماية وتعزيز تلك القيم"، مشدداً على أنه لن يساوم أبدا على "الديمقراطية".

تقليص محتمل

وقال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتلموش إن الحكومة التركية تأمل رفع الطوارئ في غضون شهر أو شهر ونصف "إذا ما عادت الامور الى طبيعتها"، وتمنى "الا تدعو الحاجة الى تمديد اضافي"، مشيراً الى أن بلاده ستحذو حذو فرنسا في تعليق العمل مؤقتاً بالمعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان، كما تحدث عن أخطاء مخابراتية هيكلية وفردية خلال تحركات الجيش، مشيرا إلى ان العمل جار على إعادة هيكلة الجيش.

تطمينات للمستثمرين

من ناحيته، قال نائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشك أمس إن حال الطوارئ "لن تؤثر على الوضع الاقتصادي بل ستعزز الديمقراطية واقتصاد السوق ومناخ الاستثمار".

وأكد شيمشك، المسؤول أيضا عن الملف الاقتصادي في بيان، "استمرار الاصلاحات الهيكلية في بنية الاقتصاد خلال الفترة المقبلة"، معربا عن ثقته بتحسين اداء سوق الاقتصاد وتعزيز مناخ الاستثمار في تركيا.

وقال المسؤول التركي "إنها ليست الأحكام العرفية للتسعينيات"، وأضاف: "لن تتأثر حياة عامة الناس والشركات وستمضي بلا توقف، وستمضي الأعمال كالمعتاد".

رسالة نصية من الرئيس

وبعد ساعات من اعلان الطوارئ، وجه الرئيس رجب طيب إردوغان، رسالة نصية الى هواتف الأتراك موقعة من "ر. ط. إردوغان"، تضمنت نداءً الى "الشعب العزيز" ليظل في حالة تعبئة من اجل الديمقراطية ومواصلة النزول الى الشارع لمقاومة "الإرهابيين الخونة". وكتب إردوغان في رسالته النصية: "شعبي العزيز، لا تتخل عن المقاومة البطولية التي برهنت عليها لبلدك ووطنك وعلمك"، مضيفاً أن "الساحات ليست ملكاً للدبابات بل للأمة".

المعارضة

وفيما تواصلت حملة التطهير التي طالت أكثر من 60 الفا تعرضوا للاعتقال أو للعزل من وظائفهم او لمنع السفر، وبعد أن تلقى دعماً تاريخياً غير متوقع من الأحزاب المعارضة له ضد الانقلاب، يبدو أن إردوغان بدأ يفقد دعم هذه الأحزاب، وهو دعم أساسي لإنجاح حال الطوارئ. وحذر أكبر حزبين معارضين من أنه لا يجب اعتبار "ترك الحبل على الغارب" بالنسبة لإساءة الحكومة لاستغلال السلطة أمرا مسلما به بعد إعلان حال الطوارئ.

وقال نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب "الشعب الجمهوري" (قومي علماني اتاتوركي) أوزغور أوزيل: "هذه خيانة للأمانة ونكران للجميل وانقلاب مدني ضد البرلمان". وكان هذا التعليق قبل عرض القرار على البرلمان.

من ناحيته، قال حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي التركي، في بيان، إن "محاولة الانقلاب في 15 يوليو تحولت إلى فرصة وأداة لتصفية أولئك الذين يعارضون الحكومة وزيادة تقييد الحقوق والحريات الديمقراطية"، وحذر الحزب من "حكم الفرد الواحد" متمثلا في رئيس الجمهورية.

من ناحيته، أكّد رئيس حزب "الحركة القومية" اليميني القومي المتشدد، دولت باهجة لي، تأييد حزبه المطلق لقرار إعلان الطوارئ، معتبراً أن ذلك سينعكس إيجاباً على تركيا في ظل المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد.

برلين وفيينا وروما

ودعا وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير أمس تركيا الى الكف عن مطادرة المعارضين السياسيين غداة اعلان الطوارئ. وقال الوزير في بيان "من الضروري ان يكون حال الطوارئ محدودا بفترة زمنية" يجب في ختامها "ان يرفع على الفور".

وبينما دعا شتاينماير أنقرة الى "احترام مبادئ دولة القانون وان يطبق حال الطوارئ بشكل مضبوط"، أعلنت النمسا أمس انها استدعت السفير التركي في فيينا من اجل الحصول منه على "توضيحات" حول التطور "الذي يتجه الى مزيد من التسلط" لدى حكومة أنقرة وحول دورها المفترض في تظاهرات الجالية التركية في فيينا.

وقرر المجلس الأعلى للقضاء الإيطالي تعليق علاقاته مع نظيره التركي بعد تصاعد الانتقادات للاجراءات التي أعقبت محاولة الانقلاب إلى جانب مطالبات من الصحافيين والاتحادات النقابية بموقف أوروبي ومبادرات شعبية لحماية الحريات.

ماذا تعني حال «الطوارئ»؟

أعلنت تركيا فرض حال الطوارئ ثلاثة أشهر، فماذا يعني ذلك؟

• كبح جماح الحقوق الأساسية

• يحكم الرئيس عبر إصدار مراسيم

• فرض حظر التجول

• حظر التجمعات والاحتجاجات

• حظر وسائل الإعلام المطبوعة

• السيطرة على جميع أشكال البث أو حظرها

• تفتيش الأشخاص أو الممتلكات ومصادرة أدلة محتملة

• حظر حركة المرور في أوقات أو مناطق معينة

• إقامة أسوار حول بعض المناطق أو إجلاء سكانها

• فرض قيود على حركة المرور في البر والبحر والجو

من هم «الغولنيون» ؟ وهل أقاموا «دولة موازية»؟

يتهم الرئيس رجب طيب إردوغان أتباع فتح الله غولن بإقامة "دولة موازية"، لكن الداعية الإسلامي المقيم في الولايات المتحدة ينفي أنه يترأس منظمة سياسية.

ويقول مراقبون إن حركة غولن هي تيار أكثر منها منظمة تملك سلطة مركزية. فغولن لم يعط أي اسم رسمي لحركته التي تؤكد أنها تتبنى إسلاما يتسم بالانفتاح والتسامح. ويسمي الأعضاء حركتهم "حزمت" بالتركية أي "الخدمة" لخدمة المصلحة المشتركة. أما هدفهم المعلن فهو تغيير المجتمع عن طريق التعليم والعمل المدني ووسائل الاعلام.

وتطلق السلطات التركية الحالية على التيار اسم: "فتح الله تيرور ايرغوتو/ باراليل دولت يابيلانماجي" (في تي او/ بي دي واي) أي "منظمة فتح الله الإرهابية/ بنية الدولة الموازية".

نضال مشترك ضد الكماليين

وقال محلل تركي إن إردوغان وغولن لا يختلفان سياسيا. فهما معارضان لمبادئ مؤسس الدولة التركية الحديثة مصطفى كمال اتاتورك ويتبنيان اسلاما معتدلا وبرنامج مجتمع محافظ. وكانا متحالفين اذ اعتمد إردوغان عندما كان رئيسا للحكومة فترة طويلة على شبكة غولن لارساء سلطته في مواجهة نفوذ التيار الكمالي والعلماني في الإدارة.

القطيعة

وغادر غولن تركيا فيما يشبه النفي الاختياري الى الولايات المتحدة في عام 1999 عندما استهدفه تحقيق في تركيا، واتهم بإقامة نواة دولة، وبرأته المحكمة في عام 2008.

وبعد اشهر من التوتر، حدثت القطيعة النهائية بين إردوغان وغولن في نهاية 2014 مع تحقيقات قضائية شملت مقربين من السلطة. ورأى إردوغان في هذه التحقيق عملا لتقويض سلطته من قضاة من اتباع غولن أو "الغولنيين". واتهم خصمه وانصاره بنشر اتصالات هاتفية مضرة به شخصياً وبأركان سلطته.

«الغولنيون» في الجيش

ونشرت وسائل الاعلام التركية اعترافات احد المشاركين في الانقلاب الفاشل وهو مساعد رئيس الاركان السابق الكولونيل خلوصي آكار.

وروى اللفتنانت كولونيل ليفنت توركام انه التحق بالجيش في 1989 بفضل انصار لغولن سربوا إليه مضمون الامتحان في المدرسة الحربية. وتنصت لحساب اتباع غولن على آكار وسلفه نجدت اوزيل.

ورأى جان فرنسوا بيروز الذي ألف كتابا عن سيرة اردوغان والباحث في المعهد الفرنسي لدراسات الاناضول في اسطنبول انه اعتراف معقول، موضحا ان غولن كان له آلاف الانصار في الإدارة التركية بما في ذلك الجيش. لكنه أوضح أنه يجب معرفة "الى اي حد يرافق هذا الوجود هدف واضح جدا" في المجال السياسي.

«توسكون»

وكان لرجال الاعمال والصناعيين "الغولنيين" منظمتهم التي تحمل اسم "توسكون". وتفيد التقديرات ان الشبكة تدير في البلاد 300 مؤسسة تعليمية على الأقل من المرحلة الابتدائية الى التعليم الجامعي. وكان عدد كبير من وسائل الاعلام وخصوصا صحيفة "زمان" وهي من الصحف الاوسع انتشارا في البلاد، تعود الى هذا التيار. ويتعرض جهاز الشرطة أيضا لحملة تطهير منذ نهاية 2013.

التطهير

منذ الانقلاب الفاشل أوقف عشرة آلاف شخص وأقيل 55 ألفا. ولم توفر الحملة أي إدارة من القضاء الى الجيش والتعليم ووزارة الرياضة. وقال جان فرنسوا لابيروز ان هذا العدد الكبير يفسر بأن الحملة خلطت على ما يبدو "بين مؤيدين غير ناشطين أو مرتادي هذه المدارس وأشخاص في صلب التيار".

ورأى محلل تركي طلب عدم كشف هويته ان "اللوائح كانت جاهزة". وقال لابيروز انه بعد "تنظيف" وسائل الاعلام والشرطة، كان من المقرر ان يبدأ تطهير الجيش مطلع اغسطس، موضحا ان محاولة الانقلاب الفاشلة سمحت بتسريع العملية.

ويقول الخبير السياسي أحمد اينسل ان "السلطة تعرف الى حد كبير اين تضرب. لكن، في القضاء هناك ارادة بالتطهير حتى خارج دوائر اتباع غولن" مع اشخاص اتخذوا "قرارات تزعج السلطة".

ومازال هناك عدد كبير من النقاط الغامضة، لكن جان فرنسوا بيروز تحدث في مدونة "مرصد الحياة السياسية في تركيا" (اوفيبوت) عن تنوع المشاركين في الانقلاب، من "ضباط مؤيدين لغولن جذبوا عسكريين لديهم حساسية علمانية قصوى ويعارضون بشدة الحكومة، أو آخرين انخرطوا في هذه المغامرة وفق حسابات تخدم مسيرتهم المهنية العسكرية الشخصية".

المجلس الأعلى للقضاء الإيطالي يقاطع نظيره التركي
back to top