نقطة: بيادق السلطان اللئيمة
فشل الانقلاب في إسطنبول، لكنه نجح بتفوق وجدارة في الكويت ودول الخليج العربي، ولله الحمد والمنة، فبعد أن بُحت أصواتنا سنوات ها نحن اليوم نجد من يسمون أنفسهم بـ"الإسلاميين" أو توابعهم يدافعون بشراسة -جزاهم الله خيراً- عن العلمانية، وعن رئيس علماني منتخب تفوّق حتى على طموحاتنا بسماحه ببيع الخمر والدعارة وحقوق المثليين وأشباه الرجال، وعلى الرغم من كثرة دعائهم لأنفسهم بالثبات على الحق، ها هم يكتشفون فجأة واقعة صلح الحديبية، وينقلبون مدافعين بمرونة وجلادة عن علاقات سلطانهم الماكر مع إسرائيل وروسيا وسورية باعتبارها نوعاً من الواقعية السياسية المستحبة، والمكر والدهاء المطلوبين شرعاً، ولا عزاء بعدها للمرحوم الرئيس أنور السادات، كما أنهم عرفوا اليوم، حسب زاوية الرؤية الجديدة، وجود بيعة شرعية للخليفة في الباب العالي بأعناق الناس تبيح له عمل ما يشاء، وتحرّم الانقلاب عليه وخلعه، وذلك بعد ما بقينا نراوح كثيراً في مرحلة التهديد والوعيد، وعدوا رجالكم ونعد رجالنا يا رجال، وما ان أصدر مولاهم الأٓشم وليّ النعم فرمان حالة الطوارئ "وفنش" ثلث قادة الانكشارية وآلاف الموظفين والمعلمين، حتى صار لا قيمة لديهم بتاتاً للحريات والدساتير وأرزاق البشر في سبيل الاستقرار والأمن والأمان أمان يالاللي، وبعد أن كانوا من دعاة استقلال القضاء، وعدم التدخل في شؤونه، أصبحوا يرحبون اليوم بمجزرة "تطهير" القضاء الجارية حالياً بإرادة سلطانية منفردة في الأستانة وولاياتها التابعة، وعلى الرحب والسعة، أما الإنجاز الانقلابي الأعظم فهو استنكار ورفض "كياناتهم الموازية" في الكويت والخليج لوجود "كيان موازٍ" يتآمر على أمير المؤمنين في القسطنطينية بعد أن اقتربت مؤخراتهم قليلاً من الخوازيق التي اعتادوا إجلاس الآخرين عليها، فسبحان الله مقلب القلوب والأفئدة الذي رزقنا نعمة الثورات والانقلابات التي تعيد العقول إلى صوابها، فتفضح حقيقة أهدافها ومراميها وإن طال الزمان، أما أنت يا سيادة العقيد "كوسا" فلا تهن ولا تحزن، فإن كان قد فشل انقلابك في بلادك فيكفيك فخراً نجاحه المنقطع النظير في بلادنا العربية، حيث اكتشفنا بفضلك أن ربعنا هم "الكوسا" لا أنت.