وزارة الداخلية... «ما يحك ظهيرك غير ظفيرك»
عُرِف الشعب المصري بروح الفكاهة والنكتة، وتميّز بها، ويقول بعض المختصين إن ذلك يمثل تنفيساً للاحتقان الذي يعيشه هذا الشعب وشظف العيش، ولكن مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد ذلك حكراً على هذا الشعب الطيب، بل بات صفة عامة وغالبة لكثير من المجتمعات، بما فيها الغنية، ومنها المجتمع الكويتي، فأصبحت النكتة وروح الدعابة صفة لازمة، ويمكن أن نقول إن أسلوب الطنازة يمثل احتجاجاً سياسياً على أعمال بعض الوزارات في ظل المساءلة القانونية التي فرضت بقانون المرئي والمسموع فيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية، وبذلك تساوت المجتمعات في استخدام الكوميديا الساخرة لانتقاد أوضاع قد لا تكون مناسبة له او تلقى قبولاً لديه. وفي اليومين الأخيرين نشطت في الكويت حصراً هاشتاقات تعرضت لاستعانة وزارة الداخلية، كما أعلن مدير الإعلام الأمني والتوجيه المعنوي بالوزارة، ببعض الكوادر الفنية واللوجستية البنغالية، تفعيلاً للبروتوكول الموقع بين وزارتي دفاع البلدين، ولا أعتقد أن هناك صوتاً كان سيرتفع لو كانت هناك احتياجات فعلية أو أن الكوادر المطلوبة لا يغطيها العنصر الوطني، فلماذا لا نشجع أبناء الوطن على الالتحاق عبر تسهيل وتخفيف بعض شروط الالتحاق أو من أبناء "البدون"، خاصة أبناء العسكريين وحملة "إحصاء 65"، على الأقل وأبناء الكويتيات؟ وهناك الآلاف من المتقاعدين مازالوا في سن العمل وأغلبيتهم من الشباب ويودون العمل، ولكن قيل في المثل "شادي الحي لا يطرب"، وقد تكون هناك أمور أخرى سياسية أو منافع اقتصادية وراء هذا التوجه.ولو افترضنا جدلاً أن كل ما سبق لم يتوفر أليس من الأولى والأجدى، ونحن نتوجه إلى خارج الحدود لجلب من يعمل في أهم مرافق البلاد، وهو المرفق الأمني، أن نتجه إلى دول تعتبر عمقاً استراتيجياً لنا ولا نلجأ إليها إلا في الملمات والخطوب، كالأردن مثلاً الذي يقدم له الدعم المادي السنوي عبر منظومة مجلس التعاون، وتكفي أحدنا زيارة لشوارعه ليجد التشابه الكبير، حتى "الدوريات" نسخة من دوريات الكويت، بدلاً من تقديم ذلك الدعم المالي السنوي، كما أن الأردنيين الأقرب إلى بيئتنا وعاداتنا الخليجية والأكثر فهماً لنفسية المواطن الخليجي لاعتبارات كثيرة، بدلاً من الجنسية البنغالية التي منعت وزارة الداخلية استقدام الأيدي العاملة منها لارتفاع معدل الجريمة على يديها، وهنا تقع الوزارة في تناقض عجيب عندما تدخلهم في مفاصلها، وقد يطّلعون على أسرار أمنية في وقت تنتشر تقارير دولية عن تفشي مظاهر الجريمة والرشوة وانتهاك حقوق الإنسان في شرطة بنغلاديش.
وبالعودة إلى تصريح الناطق الرسمي لوزارة الداخلية عن طبيعة التخصصات التي سيعينون فيها، فيلكن وأركان الوزارة على علم بأن هناك تذمراً عاماً من سوء ما تقدمه هذه النوعية، وفي الأغلب الأعم هي الأسوأ في خدماتها بوزارة الدفاع، سواء كانوا فنيين أو في مجال الخدمات الطبية، وقد لمسنا مستوياتهم عن قرب، لاسيما أننا مازلنا نتلقى العلاج أحيانا عبر الخدمات الطبية بالجيش، بل إن بعضهم يرسل إلى الكويت في غير تخصصه ليكون استقدامه فرصة تدريبية مجانية، فيتلقى التدريب والتعليم، وعندما يصبح مؤهلا يعود إلى بلاده لانتهاء عقده وهكذا. لذا أتساءل: هل درست الوزارة إيجابيات وسلبيات استقدام هذه العمالة، وتبعاتها الأمنية، حتى ولو كانت بعيدة عن الأسرار الأمنية، فيكفي في كثير من مفاصل الدولة أنه إذا عُرقلت معاملتك أنك تلجأ إلى عامل التنظيف كأسرع واسطة. أمن الكويت أمانة في أعناق مسؤولي "الداخلية" فليتقوا الله فيها، وهنا أحب مناشدة الوزير الوطني الإنسان معالي نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، وهو الأحرص على أمن الكويت، أن يستعين ببعض المراكز والدراسات البحثية الأمنية المحايدة لتجنيب الكويت أي مخاطر غير محسوبة، لا سمح الله، وآخر الكلام "ما يحك ظهيرك إلا ظفيرك"، والحافظ الله يا كويت.