تتجه الأنظار إلى العاصمة الموريتانية غدا وبعد غد، حيث يعقد القادة العرب القمة العربية، التي تتصدرها ملفات النزاعات في سورية وليبيا والعراق، حيث ينشط تنظيم داعش، للبحث في الأمن بالعالم العربي، وتشكيل قوة عربية مشتركة، والمبادرة الفرنسية لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.

واستبق المندوبون الدائمون اجتماع وزراء الخارجية العرب للمرة الأولى منذ انضمام موريتانيا للجامعة العربية في 1973، بعد اعتذار المغرب عن استضافتها في أبريل الفائت، وتقدموا خلال الاجتماعات التحضيرية بعدد من مشاريع قرارات عدة تتناول تطورات الأزمة السورية في عامها السادس، والوضع في كل من ليبيا واليمن والعراق، بالإضافة إلى اتهام إيران بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، تمهيدا لعرضها على القادة في اجتماعهم غدا وبعد غد في نواكشوط.

Ad

القوة المشتركة

ووفق الأمين العام المساعد للجامعة العربية أحمد بن حلي، فإن القادة العرب، وعلى رأسهم أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والسوداني عمر حسن البشير، إلى جانب نظيرهم الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، الذي سيتولى رئاسة الجامعة لمدة سنتين، سيستعرضون «كل الأزمات التي تعيشها الأمة العربية وجوانبها الأمنية»، في إطار «مقاربة مناسبة وتوافقية».

وإذ أوضح بن حلي أن «تحقيق الأمن داخل الأمة يتم بعمل مشترك ضد الإرهاب، خصوصاً عبر إنشاء قوة عربية مشتركة»، التي أقرت في قمة شرم الشيخ عام 2015، لكن ما زال يجب تحديد طبيعتها وتشكيلتها ومختلف جوانبها.

وستتمثل الدول الـ22 الأعضاء في الجامعة العربية بهذه القمة، باستثناء سورية، التي علقت عضويتها. كما أنها أول قمة عربية تعقد بعد تولي الأمين العام الجديد المصري أحمد أبوالغيط مهامه مطلع يوليو، خلفاً لنبيل العربي.

إعلان نواكشوط

وأكد مندوب موريتانيا الدائم بالجامعة العربية ودادي ولد سيدي هيبه، أن القمة ستتبنى في ختامها «إعلان نواكشوط لتوحيد العرب بدلا من تقسيمهم». وسيناقش القادة العرب مشاريع قرارات متعلقة بالوضع السياسي والأمني في قمتهم التي ستجري في وضع بالغ التعقيد في العالم العربي، حيث تشهد دول عدة نزاعات خطيرة وسط توتر كبير مع طهران، التي أعد الدبلوماسيون العرب بنداً خاصاً يستنكر «التدخل الإيراني في البحرين واليمن وسورية» وسياستها التي «تغذي النزاعات الطائفية والمذهبية» في دول الخليج.

سورية وليبيا

كما خصصت الجامعة العربية بنداً كاملاً لصيانة الأمن القومى العربي ومكافحة الإرهاب المستفحل في عدد من البلدان. ومن مشاريع القرارات المطروح نص تؤكد فيه «موقفها الثابت في الحفاظ على وحدة سورية واستقرارها، وتضامنه مع الشعب إزاء ما يتعرض له من انتهاكات خطيرة تهدد وجوده وحياة المواطنين الأبرياء».

وحول الوضع في ليبيا، أعد مشروع قرار يؤكد تجديد «الرفض لأي تدخل عسكري في ليبيا لعواقبه الوخيمة، وضرورة تقديم الدعم للجيش الليبي في مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية بشكل حاسم».

القضية الفلسطينية

وستشغل القضية الفلسطينية حيزاً مهماً في أعمال القمة، خصوصاً مع طرح فرنسا لمبادرة لإعادة إطلاق عملية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية، التي ألقى الموفد الفرنسي الخاص بيار فيمون بياناً حولها أمام وزراء الخارجية أمس، أكد فيه «حق تقرير المصير، وإقامة دولة فلسطين المستقلة، وإطلاق سراح جميع الأسرى من سجون الاحتلال، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين».

كما يحذر مشروع القرار، الذي تعارضه إسرائيل، من أن «التصعيد الخطير» بخصوص المسجد الأقصى قد «يشعل صراعاً دينياً في المنطقة»، معتبراً أن استئناف المحادثات الثنائية، هو السبيل الوحيد للمفاوضات، بعقد مؤتمر دولي قبل نهاية العام، لإيجاد حل للنزاع مع الفلسطينيين، تمهيدا لاستئناف المفاوضات.

موريتانيا تحتفل بأول قمة منذ 43 عاماً

تعيش موريتانيا أجواء من الفرح العارم احتفالاً بانعقاد أول قمة عربية على أرضها منذ انضمامها إلى جامعة الدول العربية عام 1973.

ويرى مواطنون موريتانيون أن اختيار بلادهم لاستضافة «قمة الأمل» جاء تشريفاً لها، مباركين قبول الحكومة الموريتانية الفوري لهذا التشريف، واستعدادها لاستضافة القمة رغم ضيق الوقت وضعف الإمكانات.

ويشير هؤلاء إلى أن رفرفة الأعلام «الحقيقية» لدول الجامعة العربية في سماء نواكشوط تعني لهم الكثير، بعد أن كانوا في الماضي يرفعون الأعلام العربية المصنوعة من ورق على الديار في مناطق قريبة من قاعدة «لاكوك» الفرنسية شمالي البلاد، تأكيداً على اعتزازهم بهويتهم العربية.

ويؤكد الناطق باسم الحكومة الموريتانية محمد الأمين ولد الشيخ في تصريحات صحافية الاستعدادات الكبيرة والاحتفالات التي أعدتها موريتانيا لاستقبال ضيوفها القادة العرب، ومن يمثلهم من مسؤولين.

وأشار ولد الشيخ إلى الاستقرار الأمني الكبير الذي تشهده موريتانيا منذ سنوات، مشدداً على الجهود المضاعفة التي بذلتها حكومة بلاده لضمان تأمين «قمة نواكشوط» والمشاركين فيها من قادة ووفود.

وفي قصر المؤتمرات، الذي شيده الموريتانيون قبل 21 عاماً، نصبت خيمة عملاقة في الباحة الكبيرة للقصر، فضلاً عن مركزين إعلاميين مجهزين بأحدث أجهزة الاتصالات والإنترنت لاستيعاب مئات الإعلاميين والصحافيين المكلفين بتغطية القمة.

ومن المقرر أن تشهد الفعاليات المصاحبة للقمة تدشين القرية التراثية، التي تضم 18 جناحاً يتم فيها عرض مختلف أوجه التراث والثقافة ومنها المخطوطات النادرة، ونفائس المؤلفات، وكنوز الآثار، وإبداعات الفنانين التشكيليين والطوابع البريدية النادرة، وأرشيف العملات المستخدمة عبر تاريخ موريتانيا، إضافة الى الأسلحة التقليدية التي كانت تستخدم لمحاربة الاستعمار.

وتضم القرية أيضا خياما من بينها خيمة «المحظرة الموريتانية»، التي تقدم دروسا وفق المنهج التعليمي «المحظري»، وهو تعليم قديم يختص باللغة العربية والشريعة الإسلامية، وخياما للأدب والشعر والألعاب التقليدية والصناعات التقليدية والطبخ الموريتاني التقليدي.