اختارت المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الاميركية هيلاري كلينتون، أمس الأول، تيم كين السيناتور عن فيرجينيا رجل التوافق والسياسي المعروف، مرشحاً لمنصب نائب الرئيس في الاقتراع الرئاسي الذي سيجرى في نوفمبر. واختيار كلينتون لكين قد يؤدي إلى خسارتها لأصوات المواطنين ذوي الأصول الأفريقية، وكسبها أصوات اللاتينيين الناطقين بالإسبانية أكبر أقلية في الولايات المتحدة، وأصواتهم حاسمة في الاقتراع.
وباختيارها تيموثي مايكل كين صاحب السمعة الطيبة والمسيرة السياسية المثالية، نائباً محتملا لرئيس الولايات المتحدة، قررت السيدة الأولى السابقة على ما يبدو تعزيز جدية ترشحها في مواجهة الجمهوري الصاخب دونالد ترامب.وكتبت كلينتون على تويتر "يسرني الإعلان عن أن تيم كين هو مرشحي لمنصب نائب الرئيس"، مشددة على انه رجل كرس حياته للنضال من أجل الآخرين.ويأتي إعلان كلينتون قبل أيام من افتتاح المؤتمر العام للحزب الديمقراطي في فيلادلفيا ولاية بنسلفانيا، الذي ينطلق غدا ويستمر لغاية 28 يوليو والذي سيقر ترشيحها رسميا باسمه لانتخابات الرئاسة الاميركية.وقالت كلينتون إن "كين رجل متفائل لا يهادن ويؤمن بأنه ليس هناك مشكلة لا يمكن حلها اذا عملنا على حلها"، مذكرة بأنه سياسي "لم يخسر في أي انتخابات".ويمثل السيناتور عن فيرجينيا وحاكمها السابق كين مكسباً حقيقياً لكلينتون في هذه الولاية الاساسية التي يمكن أن تصوت للديمقراطيين أو للجمهوريين في الثامن من نوفمبر.وكان قد ساهم في انتخابات 2008 التي فاز فيها باراك أوباما في دفع فيرجينيا إلى المعسكر الديمقراطي للمرة الأولى منذ 1964.وشددت كلينتون، في تغريدة أمس الأول، على مزايا كين، موضحة انه "كمحام شاب عمل على مكافحة كل أشكال التمييز"، وكحاكم ساعد على منع العنف بالأسلحة النارية في فيرجينيا.وأضافت أنه "دافع عن تعليم الأطفال ووسع هذا القطاع"، مشيرة إلى أن فيرجينيا صنفت في عهده على أنها أفضل ولاية للأعمال وتنشئة الأطفال.وكتب كين على تويتر بعد ذلك "أنهيت للتو محادثة هاتفية مع هيلاري. يشرفني أن أكون مرشحاً معها، وسأبدأ حملتي غدا في ميامي" بولاية فلوريدا.
بنس وكين
وعلى غرار مرشح الحزب الجمهوري لمنصب نائب الرئيس حاكم ولاية انديانا مايك بنس، كين معروف بأنه سياسي جدي. لكن نقاط الشبه بين المرشحين تقف عند هذا الحد.فقد اختار ترامب بنس لمنصب نائب الرئيس من أجل إرضاء الجناح المحافظ لحزبه، في قرار انتقده فريق حملة كلينتون، معتبرا أنه الخيار الأكثر تطرفا منذ جيل كامل.أما تيم كين فيوصف بأنه رجل قناعات وصاحب موقف مدافع عن فرض مزيد من المراقبة على مبيعات الاسلحة او ضد التمييز.وفي مؤشر إلى أن اختيار كين لن يثير جدلا، كتب السيناتور عن اريزونا الجمهوري جيف فليك على تويتر "حاولت أن أتذكر ماذا أكره في تيم كين فلم أجد ما أقوله".اللاتين والسود
وقد يسبب اختيار كلينتون كين ليكون المرشح لمنصب نائب الرئيس ضررا لمساعيها للتواصل مع الناخبين المنحدرين من أصل أفريقي، نظرا لتأييد كين لأساليب في مجال مكافحة الجريمة ساهمت في زيادة عدد السجناء في الولايات المتحدة، ولم تلق أي شعبية بين مجتمع السود.وكان مشروع إكزايل الذي تم إلغاؤه والذي دعمه كين استثنائيا بدرجة جعلته يحظى بتأييد الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، كما حصل على دعم من أكبر مجموعة ضغط ضد حمل السلاح في الولايات المتحدة وأنصار السيطرة على حمل الأسلحة. لكن البرنامج الاتحادي الذي انطلق عام 1997 في مدينة ريتشموند بولاية فيرجينيا واجه انتقادات آنذاك بوصفه مبادرة متحيزة عنصريا تخضع الشبان السود المدانين للسجن لفترات طويلة.وتعرضت كلينتون نفسها لانتقادات من نشطاء سود بسبب دعمها السابق لسياسات متشددة لمكافحة الجريمة خلال التسعينيات يشار إليها الآن على أنها السبب في زيادة عدد المحبوسين في السجون الأميركية، وهي من مسببات التوتر بين جهات إنفاذ القانون ومجتمعات السود.وتعطل أحد مؤتمرات جمع التبرعات لحملتها هذا العام بسبب نشطاء طلبوا منها "الاعتذار عن السجن بالجملة".وكان الهدف من المشروع هو تجريم حيازة السلاح بشكل غير مشروع على المستوى الاتحادي، وليس على مستوى الولاية، الأمر الذي أتاح للمدعين إرسال المتهمين المدانين ومعظمهم سود إلى سجن اتحادي بعيد لمدة خمس سنوات على الأقل.من جهتها، أطلقت حملة ترامب، أمس الأول، على كين لقب "كين الفاسد"، زاعمة أنه يواجه تحدياً أخلاقياً، مستشهدة بتقرير نشره موقع بوليتيكو الإخباري وجاء فيه أنه قبل هدايا في الفترة من 2001 إلى 2009، التي تولى أثناءها منصب حاكم فيرجينيا تقدر قيمتها بنحو 160 ألف دولار.وأمس وصف ترامب كين عبر "تويتر" بالشخص "المملوك من البنوك"، مضيفاً أن أنصار ساندرز غاضبين وأن "ساندرز قاتل من أجل لا شيء".كين... «توافقي ممل» لم يخسر معركة انتخابية
يعتبر سناتور فرجينيا تيم كين، الذي اختارته المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون لمنصب نائب الرئيس، محامياً معروفاً بحسه السياسي وبمبادئه الثابتة. ومع أنه مارس المحاماة طوال 18 عاماً، فإن خطابه ظل دمثاً.وكان تيموثي مايكل كين أقر ممازحاً في مقابلة خلال برنامج "ميت ذا برس" على شبكة "ان بي سي" في آواخر يونيو الماضي: "أنا شخص ممل"، وذلك ردا على الانتقادات الموجهة إلى أسلوبه المنضبط بشدة.ولد كين الخمسيني في سانت بول بولاية مينيسوتا شمال البلاد في 26 فبراير 1958، ومتزوج منذ 31 عاما وأب لثلاثة. ما يتميز به خصوصا كين الذي أمضى طفولته في كنساس سيتي في ميزوري، هو قدرته على المناورة في السياسة التي بدأ العمل فيها عند انتخابه في مجلس بلدية ريتشموند فرجينيا شرقي البلاد في يوليو 1994.وكانت كلينتون أشارت أخيرا إلى أن كين لم يخسر أي انتخابات أبدا. فهو أصبح رئيسا لبلدية ريتشموند عام 1998 ثم حاكما لفرجينيا في 2006 قبل أن ينتخب سناتورا عن الولاية في عام 2012.وتميز كين في مسيرته السياسية الطويلة بحسه التوافقي. وأوضح كين خريج جامعة هارفرد العريقة خلال المقابلة مع "ان بي سي": "أعرف كيف أعمل ضمن فريق، إذ غالبا ما نكون بحاجة إلى ذلك في الحياة لضمان تحقيق الأمور".وبفضل مسيرته التي لا غبار عليها وسمعته النظيفة، كان كين بين المرشحين المحتملين لمنصب نائب الرئيس على قائمة الرئيس باراك أوباما في عام 2008.مع أنه لم يتم اختياره آنذاك، لكنه ساهم خلال الاقتراع الرئاسي في انتقال فرجينيا إلى المعسكر الديمقراطي للمرة الأولى منذ عام 1964. ورغم سعيه الى التوافق، فإن كين يلتزم بمبادئ وعقيدة ثابتة خاض من أجلها معارك عدة.وأخيراً، اتخذ كين موقفاً مؤيداً لفرض رقابة متزايدة على بيع الأسلحة، خصوصاً أنه يتحدر من ولاية شهدت اطلاق نار داخل جامعة فرجينيا حصدت 32 قتيلاً في عام 2007 عندما كان حاكما لها.وصرح كين في مداخلة أمام مجلس الشيوخ "كان أسوأ يوم في حياتي وسيظل دائما أسوأ يوم".عندما كان يمارس المحاماة، غالباً ما قام بتمثيل متهمين في قضايا تمييز ودافع عن العديد من المحكومين بالاعدام. ويعود حسه بالعدالة الاجتماعية إلى إيمانه القوي.وكان كين الكاثوليكي الملتزم دينياً شارك في بعثة للآباء اليسوعيين في هندوراس طوال عام علق خلالها دراسته في هارفرد وشكلت فرصة لإجادته اللغة الاسبانية التي يتكلمها اليوم بطلاقة.إلا أن الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي وفي مقدمهم المنافس السابق لكلينتون بيرني ساندرز لا يرى فيه مرشحا تلقائيا، إذ يأخذ عليه ميوله إلى عالم المؤسسات والشركات.وساهم كين الذي كان والده يملك شركة لتصنيع المعادن في خفض الضرائب على الشركات الصغيرة والمتوسطة في ريتشموند.كما أن كين من مؤيدي الانضباط في الموازنة، وكان انتقد إدارة الرئيس السابق جورج بوش بسبب "انفاقها دون حساب".ومن بين منتقدي كين هناك أيضا الناشطون للدفاع عن البيئة، الذين يلومونه على موقفه الفاتر إزاء مسألة الوقود الاحفوري.