تتناول الرواية، بلغة رشيقة، عالم المسرح والسينما، من خلال شخصية عبد المؤمن السعيد، شاب تخرج في معهد الفنون المسرحية وحقق نجاحاً لافتاً في أثناء الدراسة، جراء موهبته الكبيرة، لكن الحظ كان عنيدًا فلم يستطع تحقيق الشهرة والمجد والحضور في الوسط الفني كما يتمنى، وبقي فناناً مغموراً «كومبارس».

هذه الكلمة التي اتخذها المؤلف عنواناً تظلل شخصيات الرواية وأحداثها، بداية من الأدوار المهمشة في السينما والمسرح للبطل نفسه، حتى عاطف ضابط أمن الدولة الذي أدى دور كومبارس في حياة فاطمة، كذلك أحمد صادق الذي ادى دور كومبارس في حياة فاتن، أما الطفل يحيى الذي وافته المنية تحت عجلات أتوبيس المدرسة، فكان بمثابة كومبارس بريء في حياة أسرته، ومن الناحية السياسية يعتبر المؤلف الإخوان، كحزب وجماعة، بمثابة كومبارس ماهر أجاد اللعب على مسرح ثورة يناير.

Ad

خطان متوازيان

تسير الرواية في خطين متوازيين، تتفرع عنهما خطوط متداخلة ومتفاعلة بعضها مع بعض، الخط الأول يستعرض حياة هذا الممثل الموهوب «عبد المؤمن السعيد» الذي يكابد أوضاعًا نفسية بالغة الصعوبة منذ صغره، فوالده الفقير قتل أمه أمام عينيه عندما اكتشف سوء سلوكها، الأمر الذي دفعه للانزواء في ذاته، وحرمه من التواصل الطبيعي مع مجتمعه، أما موهبته المتدفقة فلم تشفع له في الحصول على المجد الذي يحلم به كل ممثل، وهكذا انطفأ في أدوار صغيرة غير مؤثرة، ولم يستطع الاحتفاظ بالفتاة التي عشقها حد الجنون أيام دراسته في معهد الفنون المسرحية، إذ هجرته وتزوجت زميلهما قليل الموهبة ابن الأثرياء.

ورغم زواجه من فتاة أخرى وإنجابه ابنتين، غير أنه ظل مكتئبًا سابحًا في الظل، فقد تابع صعود حبيبته السابقة وزوجها في سماء النجومية المدوية، بينما لم يستمتع هو بنور الشهرة ولو ليوم واحد، ما جعله ناقمًا ساخطاً على كل شيء.

لكن المأزق الوجودي الأكبر في حياته وقع له عندما مات أصغر أبنائه يحيى (8 سنوات) الذي تعلق به كثيرًا، حيث لقي الطفل حتفه في حادث سيارة أمام عيني والده، وهنا انقلبت حياة عبد المؤمن تمامًا، ففقد إيمانه بكل شيء، بالأرض والسماء، بالأديان والعقائد، بالزوجة والأبناء، بالفن والنجومية، لدرجة أنه أوتي قدرة مدهشة على الاستهانة بكل شيء.

وهكذا في لحظة يأس مزلزلة، هجر بيته وأسرته ورحل إلى إحدى القرى الهامشية في ريف مصر، وعاش متنكرًا بين أهلها، وتورط في العمل مع أكبر تاجر مخدرات في المنطقة لتتصاعد الأحداث بجريمة قتل.

أما الخط الثاني في الرواية، فيتناول أحوال زوجة «عبد المؤمن» وابنتيه، بعدما هجرهن الممثل المنبوذ، والمشكلات التي تعرضن لها قبل وبعد ثورة يناير 2011، فالابنة الكبرى تزوجت من ضابط شرطة اتُّهم بقتل المتظاهرين خلال الثورة، والصغرى شاركت بكل جوارحها في الثورة، بينما ارتبطت الأم بعلاقة غرامية مع مثقف ثوري مقيم في باريس، لكنه عاد قبيل الثورة ليستقر في مصر ويشارك في الثورة أيضًا.

تتناسل أحداث «الكومبارس» في مشاهد قصيرة متواترة تنهض على الربط بين زمنين، الأول يمتد من عام 1966، والثاني من عام 2008، ليلتقي الزمانان في زمن واحد هو ثورة يناير وما بعدها بقليل.

نبذة مختصرة عن الروائي

روائي مصري ولد في حي شبرا الخيمة، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بالزمالك عام 1984، عمل في الصحافة الثقافية في مصر حتى غادر إلى دبي عام 1999، فشارك في تأسيس دار الصدى للصحافة، وترأس القسم الثقافي في مجلة «الصدى» الأسبوعية لمدة ست سنوات، ثم اسهم في تأسيس مجلة دبي الثقافية، تولى إدارة تحريرها بدءًا من صدور العدد الأول في أكتوبر 2004، لغاية فبراير 2010، وقد أصدر 57 عددًا منها، فضلا عن مشاركته في تأسيس سلسلة كتاب دبي الثقافية وأصدر منها 33 كتابًا.