تؤكد تصريحات المسؤولين الأميركيين أن التقدم التقني الذي شهدته الولايات المتحدة في السنوات القليلة الماضية قد أسهم في زيادة معدلات توفير الوقود في مختلف فئات السيارات الأميركية، وخاصة تلك العاملة بالبنزين التي استفادت من محركات أكثر فعالية ومواد أقل وزناً بصورة عامة. ويقول تقرير صدر أخيراً عن وزارة النقل ووكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة ونشرت صحيفة نيويورك تايمز مقتطفات منه إن مسؤولي الوزارة والوكالة المذكورتين وعلى الرغم من اشادتهم بشركات السيارات التي حققت شريحة من المكاسب حديثاً في توفير الوقود فإن الطلب على السيارات الكبيرة – سواء الرياضية أو الشاحنات الصغيرة – يجعل من غير المحتمل أن تتمكن هذه الصناعة من تلبية طموحات الادارة الأميركية في هذا الميدان خلال عقد من الآن. وبحسب التقرير فإن بقاء أسعار النفط ضمن مستوياتها المتدنية الحالية مع استمرار الزيادة في مبيعات الشاحنات سوف يجعل من الصعب بلوغ المستوى المستهدف في التوفير الذي حدد بـ 54.5 ميلاً للغالون بحلول عام 2025، وربما لن يتجاوز الخمسين ميلاً للغالون فقط.
انبعاثات ثاني أكسيد الكربون
ويشير التقرير الى أن ذلك الرقم الأدنى في توفير الوقود سوف يترجم الى مستويات أعلى في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وهو ما سوف يجعل تغير المناخ في العالم أكثر سوءاً كما يقلص – بحسب خبراء البيئة – من الجهود الرامية الى خفض غازات بيوت الدفيئة التي تم الاتفاق حولها من قبل ادارة الرئيس اوباما في اتفاق مؤتمر باريس حول المناخ في السنة الماضية.ومن شأن هذه الحصيلة اطلاق معركة بين شركات صنع السيارات – التي تريد متطلبات أدنى - وبين أنصار حماية البيئة الذين يطالبون بهواء نظيف وخفض في انبعاثات السيارات. ويقول صناع السيارات إن الحاجة تدعو الى تحليل منصف لظروف وأوضاع السوق من أجل وضع تصورات واقعية لتوفير الوقود في السنوات المقبلة. كما تؤكد غلوريا بيركويست، وهي مسؤولة في هيئة مصنعي السيارات الأميركية، إن التحليل الصحيح لهذه العملية ينطوي على أهمية كبيرة بالنسبة الى الجميع، فيما تقول المصادر الحكومية إن شركات السيارات تجاوزت التوقعات الأولية لتحسين توفير الوقود التي تم تحديدها في وقت سابق. وبحسب مسؤول رفيع في وكالة حماية البيئة فإن «شركات السيارات طورت درجة أكبر من التقنية في تحسين توفير الوقود وخفض انبعاثات بيوت الدفيئة بقدر يفوق ما كنا نعتقد بامكانية تحقيقه قبل سنوات قليلة ماضية «.السيارات الكهربائية
ويقول تقرير الصحيفة إن شركات السيارات تستطيع أيضاً تحسين رصيدها البيئي من خلال تطوير تقنيات جديدة تتمثل بشكل رئيسي في انتاج السيارات الكهربائية، ولكن الهدف الحكومي المشار اليه يواجه خطر استحالة التحقيق بسبب الزيادة في الطلب على السيارات الثقيلة، كما أن التوقعات التي حددت قبل أربع سنوات كانت تتحدث عن امكانية تشكيل السيارات لحوالي ثلثي مبيعات المركبات الاجمالية في الولايات المتحدة بحلول سنة 2015.ولكن الأسواق تواجه حقيقة حدوث تحول يتمثل في اسهام الهبوط في أسعار النفط في زيادة الطلب على الموديلات التي لا توفر كثيراً في الوقود مثل السيارات الرياضية والشاحنات. وعلى سبيل المثال فقد شكلت تلك الشريحة خلال الأشهر الستة الأولى من هذه السنة نسبة 58 في المئة من اجمالي المبيعات في الولايات المتحدة. ويقول مسؤولون إن شركات السيارات سوف تفرض تكلفة اضافية اذا تم تحديد قوانين توفير الوقود عند مستويات عالية. ويضيفون أن «التكلفة التنظيمية الزائدة يمكن أن تؤثر على المستهلكين والموظفين الذين يعملون في صناعة السيارات».وأشار التقرير الى تعهد مجموعات حماية البيئة بالضغط من أجل تحقيق أعلى مستوى ممكن لتوفير الوقود وخفض الانبعاثات. ويقول ديفيد كوك من اتحاد العلماء المهتمين إن مقاييس «توفير الوقود على المستوى الوطني تشكل برنامجاً حيوياً من أجل خفض استهلاك النفط وخطر تغير المناخ».ويقول مسؤولو الإدارة الأميركية إن توقعات تحقيق الهدف المتمثل في 54.5 ميلاً للغالون وضعت في سنة 2012 في ظروف أسواق مختلفة عن تلك الموجودة اليوم.وتظل التباينات في المواقف سمة الفترة المقبلة في ظل غموض الصورة المتعلقة بأسعار النفط وتقنيات الزيت الصخري وسعي شركات السيارات الى تحقيق الحد الأعلى من الربح في هذه الصناعة.