دفعت موجة الهجمات التي شهدتها ألمانيا مؤخراً المنافسين السياسيين للمستشارة انغيلا ميركل، إلى توجيه المزيد من الانتقادات لها مؤكدين الثلاثاء أن سياستها الليبرالية بشأن اللجوء عرضت البلاد إلى موجة هجمات دامية الأسبوع الماضي.
وهزت جنوب ألمانيا أربعة اعتداءات دامية نفذ ثلاثة منها طالبو لجوء، وأحيت هذه الهجمات الانتقادات لقرار ميركل العام الماضي فتح الحدود أمام الفارين من النزاعات والاضطهاد.وذكرت صحيفة «سويدوتيشه تسايتونغ» في إشارة إلى الهجمات في ألمانيا وفرنسا التي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها «كانت الأمور تسير بشكل جيد بالنسبة لميركل، إلا أن الوضع تغير كثيراً في الأيام العشرة ما بين هجوم نيس والتفجير الانتحاري في انسباخ الأحد».وأضافت أن «المستشارة يجب أن تخاف مرة أخرى من عقاب الناخبين» مع اقتراب انتخابات مقاطعات حاسمة في سبتمبر.وسارع مساعدو ميركل إلى الإشارة إلى أن ثلاثة من المهاجمين الأربعة وصلوا إلى ألمانيا قبل تدفق أكثر من مليون مهاجر العام الماضي.إلا أن الرابع، وهو مراهق أطلق النار في ميونيخ الجمعة وقتل تسعة قبل أن ينتحر، ولد في ألمانيا، من لاجئين ايرانيين وصلوا إلى البلاد في التسعينات.ويقول المحققون أن المراهق كان مهووساً بعمليات القتل الجماعي والسفاحين من أمثال النروجي اليميني المتطرف اندريس بيرينغ بريفيك، منفذ مجزرة 2011.
توتر
وأشعل العنف مجدداً التوتر السياسي في ألمانيا بعد أن خفت حدته مع تباطؤ عدد اللاجئين الوافدين بسبب إغلاق طريق البلقان أمام المهاجرين والتوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لإعادة اللاجئين إلى تركيا.وأعرب المحافظ هورست سيهوفر، رئيس وزراء ولاية بافاريا حيث وقعت ثلاثة من الهجمات الأربعة، عن شكوكه ازاء مبدأ ينص على عدم إعادة طالبي اللجوء بتاتاً إلى مناطق الحروب.وصرّح لصحيفة مونشنر ميركور «يجب أن نفكر بجدية حول كيفية معاملة الناس في حال انتهاكهم للقانون أو في حال اعتبارهم خطراً».وقال سيهوفر في تصريح آخر «لقد وصل الإرهاب الإسلامي إلى ألمانيا، السكان خائفون وبحاجة إلى رد من قبل المسؤولين السياسيين».من جهته، قال جواكان هرمان وزير داخلية مقاطعة بافاريا «علينا أن نقلل كثيراً من العقبات التي تحول دون طرد من يرتكب جناية».كما تساءلت المسؤولة عن اليمين الشعبوي الألماني فروكي بتري «ماذا يجب أن يحصل أيضاً لكي نبدأ بالتحقق من الداخلين إلى بلادنا»، وأعلنت المستشارة الألمانية أنها ستعقد مؤتمراً صحافياً الخميس.ويقود سيهوفر الاتحاد المسيحي الاجتماعي الشريك لحزب المسيحيين الديموقراطيين المحافظ بزعامة ميركل، وينتقد بشدة تدفق المهاجرين التي كانت بافاريا بوابته الرئيسية.وأمر بتشديد الأمن في المطارات ومحطات القطارات في أعقاب تفجير انتحاري قرب مهرجان موسيقي في انسباخ أدى إلى إصابة 15 شخصاً، وهجوم بفأس على قطار في مدينة فورتسبرغ أدى إلى إصابة أربعة ركاب وأحد المارة.وفيما تعهد وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير بتعزيز الضوابط في المناطق الحدودية، رفضن برلين المطالبة بتعديلات في القوانين الأمنية.وصرّح الوزير للصحافيين «سأقترح تعديلات مناسبة عندما أعتقد إنها ضرورية»، وقال أن «حكم القانون في ألمانيا قوي وسيظل قوياً على مستوى البلاد والمناطق».هدوء
سعت ميركل التي تقود أكبر دولة اقتصادية في أوروبا منذ نحو 11 عاماً، إلى اظهار هدوئها حيث آثرت البقاء في كوخها الصيفي شمال برلين خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالية.وطمأنت المتحدثة باسمها الصحافيين إلى أن المستشارة «دائماً على رأس عملها» ويمكن أن تعود إلى العاصمة «في أي وقت» في حال الضرورة.وأشادت صحيفة «بيلد»، أكثر الصحف انتشاراً، وتدعم موقف ميركل بشأن اللاجئين، بأسلوب المستشارة الهادئ.وكتبت في مقالها الافتتاحي «لقد وصل إرهاب داعش إلى ألمانيا، وكان ذلك أمر لا مفر منه، ولم يكن لألمانيا أن تظل جزيرة هادئة سواء بوصول لاجئين أو من دون ذلك».وأضافت «لكن الصحيح كذلك أن دولتنا تعمل بشكل أفضل من معظم الدول الأخرى، كما أن شعبنا سارع إلى التضامن في أوقات المحنة، ولذلك فإن دولتنا ومجتمعنا يمنحاننا الثقة للتغلب على مخاوفنا».غير أن محللين قالوا أن هذه الاستراتيجية خطرة مع اقتراب موعد انتخابات في معقل ميركل السياسي في مقاطعة ميكلنبرغ-بوميرانيا الغربية في الرابع من سبتمبر، تليها انتخابات في مقاطعة برلين في 18 سبتمبر.ويسعى حزب «البديل لألمانيا» اليميني الشعبوي إلى تحقيق نتائج قوية في مقاطعة ميكلنبرغ-بوميرانيا الغربية، وفي حال حدوث ذلك فإنه سيشكل ضربة قوية إلى ميركل قبل عام من الانتخابات العامة.وحذّر مارتن ايمر استاذ الاتصالات السياسية في جامعة برلين الحرة، من أن أسلوب ميركل المبالغ في المنطقية الذي أكسبها حب الألمان في الأوقات الصعبة، قد لا يكفي في حال انتشرت المخاوف بعد الهجمات الأخيرة.وصرّح لوكالة فرانس برس «يجب أن تغطي السياسة هذا الجانب العاطفي الذي تتعهد فيه بحماية المدنيين، والسياسات المستندة إلى الحقائق القادرة على ضمان هذه الحماية».