صدام بين الأزهر و«الأوقاف» بسبب «الخطبة المكتوبة»
هيئة كبار العلماء ترفض بالإجماع... والوزارة تتمسك بالقرار
أثار اقتراح وزارة الأوقاف المصرية بإلقاء خطبة الجمعة في المساجد من ورقة «مكتوبة»، بدلا من الخطبة الارتجالية المعتادة، حالة من الجدل في الأوساط الدينية، وصلت إلى حد الصدام والاختلاف في الرأي الفقهي بين الأزهر الشريف، الذي رفض الفكرة، والأوقاف التي تمسكت بالقرار.الأزهر تبرأ من الخطبة المكتوبة، في بيان على لسان وكيله عباس شومان، أكد فيه أن الأزهر لا يعترف بهذه الخطبة، وأن وعاظ الأزهر ملتزمون بتعليمات المشيخة فقط دون التقيد بقرارات الأوقاف، وأنهم مستمرون في الخطبة الارتجالية.ورفضت هيئة كبار العلماء، برئاسة شيخ الأزهر، أمس الأول، بالإجماع الخطبة المكتوبة، معتبرة هذه الخطوة تجميدا للخطاب الديني، مطالبة بتدريب جاد للخطباء وتثقيفهم حتى يستطيعوا مواجهة الأفكار المتطرفة والشاذة بالعلم والفكر الصحيح.
بوادر الصدام بين الأزهر والأوقاف، تجلت الجمعة الماضية، حين رفض رئيس جامعة الأزهر إبراهيم الهدهد تنفيذ قرار وزير الأوقاف، بتطبيق الخطبة المكتوبة، مؤكدا أن الأزهر لا يتبع الأوقاف، ودعاته يعملون تحت مظلة مشيخة الأزهر فقط، فيما رد وزير الأوقاف بأن الحوار سيظل قائما بين الأزهر والأوقاف للاتفاق على صيغة نهائية لتطبيق الخطبة المكتوبة أو رفضها، في إشارة إلى أن الفكرة مازالت قيد التجريب.في وقت لاحق، عادت وزارة الأوقاف لتؤكد أن الخطبة الاسترشادية لصلاة الجمعة غدا، ستكون بعنوان «النظافة سلوك إنساني متحضر»، وقال رئيس القطاع الديني في الأوقاف، الشيخ جابر طايع، في تصريحات أمس الأول، إن الوزارة في مرحلة رصد للواقع الذي يتعلق بالخطبة المكتوبة، وستستعين بالتفتيش العام والدعوة في متابعة الالتزام بالخطبة، والوقوف على أداء الأئمة ومدى التزامهم بالخطبة المكتوبة.من جانبه، رحب بالفكرة أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر سعدالدين هلالي، معتبرا أن الخطبة المكتوبة «ضرورية لضبط معايير الخطب»، خاصة أن خطباء كثر يستغلون المنابر لعرض آرائهم الشخصية وترويج آراء فقهية أحادية الجانب، وتحديدا في موضوعات تتعلق بالفن والأديان الأخرى.على النقيض، اعتبر أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر أحمد كريمة أن الخطبة المكتوبة «مخالفة للشريعة وبدعة»، وقال لـ»الجريدة»: «المأثور عن النبي (ص) أن أداء الخطبة يكون ارتجاليا، كون ذلك ينمي مهارة الخطيب».إلى ذلك، قرر وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة الغربية خليفة الصغير، أمس، إحالة مدير إدارة أوقاف «طنطا ثان»، الشيخ عبدالسلام محمود، وجميع المفتشين بالإدارة إلى التحقيق العاجل، لمخالفتهم التعليمات بشأن الخطبة المكتوبة.