أطلقوا «مشروع الألم» بعد خروج بريطانيا

كما هي الحال في كل عملية انفصال، يسبب إلحاق الأذى بالشريك السابق شعوراً بالذنب، لكن هذا الشعور سيزول عندما يتجرأ الأوروبيون أخيراً على الإقرار بمدى الإساءة التي عانوها خلال هذه العلاقة السياسية، فقد أعرب الاتحاد الأوروبي في العقد الماضي عن الصبر، في حين لم تفوّت الحكومة البريطانية أي فرصة لتقوّض السياسات الأوروبية، وتستهزئ بها، وتبتزها، وتخربها. على سبيل المثال كانت المملكة المتحدة من أبرز المشجعين على التوسع، إلا أنها سرعان ما بدأت بانتقاد الاتحاد الأوروبي لأنه كبير ويصعب التحكم فيه، فهل يُعقل أن تنسحب من ائتلاف مع حزب أنجيلا ميركل في البرلمان الأوروبي لتنضم إلى فريق متنوع من الأحزاب المهمشة المناهضة للوحدة الأوروبية، كما فعل ديفيد كاميرون ومحافظوه، وتتذمر بعد ذلك من أن البرلمان الأوروبي لا ينجز أي مشاريع؟ علاوة على ذلك، عندما كانت منطقة اليورو على شفير الهاوية، اعتبر جورج أوزبورن أن من الضروري إخبار العالم أنه ما من دولة مستعدة لخروج اليونان بقدر بريطانيا، ولكن عندما طُرحت صفقة لحل أزمة اليورو، أيدتها المملكة المتحدة. لنفكر أيضاً في ما حدث عندما سعت فرنسا إلى الحد من عدم المساواة برفع الضرائب على الأغنياء، فلم تتردد الحكومة البريطانية وقتذاك في مد السجاد الأحمر أمام الأثرياء الفرنسيين، ولا شك أنكم تذكرون فيض الإساءات اليومية التي كانت الصحف البريطانية توجهها إلى أوروبا طوال العقود الماضية، أضف إلى ذلك نايجل فاراج، الذي يعاني على ما يبدو رغبة قسرية تدفعه إلى إهانة زملائه في بروكسل.إذاً، تشير الوقائع إلى أن النخبة السياسية البريطانية استخدمت الاتحاد الأوروبي ككرة قدم استغلتها لتحقق غاياتها التافهة المتهورة، وهنا نصل إلى الحجة الثانية التي تدعم "مشروع الألم"، إذ لم تفتقر الديمقراطية البريطانية إلى الشريعة على هذا النحو منذ حرب العراق، علماً أن أوجه الشبه بين الحكومة آنذاك والحكومة القائمة اليوم لافتة للنظر: استغلال الخداع والتلاعب للترويج لفكرة ما، واستعراض مؤيديها وإبرازهم، ونشر الأوهام بشأن النتيجة. ولا أمل بأن تنظف الديمقراطية البريطانية نفسها قبل أن يُعزل مهندسو كارثة الخروج البريطاني وتنهار مسيراتهم وسمعتهم، ولا شك أن هذه ستشكل وسيلة ممتازة لتحديد مدى نجاح "مشروع الألم" بعد عقد من اليوم: هل تثير أسماء مثل مايكل غوف، وبوريس جونسون، وأندريا ليدسوم، ونايجل فاراج الاشمئزاز تماماً كما يحدث اليوم مع أسماء مثل توني بلير وجورج بوش الابن؟يهدف "مشروع الألم" إلى حماية الاتحاد الأوروبي من المخرّبين في مختلف أنحاء القارة، وإلى مساعدة الديمقراطية البريطانية على تجديد نفسها، وإن تحقق هذا الهدف الأخير، فستحظى هذه القصة بخاتمة سعيدة إلى حد ما، وقد لا ننظر إلى هذا المشروع في المستقبل كمشروع ألم بل كمشروع حب قاسٍ. Joris Luyendijk يوريس لوينديك