بالعربي المشرمح: المشاركة بين الحلم والواقع!
يحكون أن امرأة جميلة تقدم بها العمر، ففقدت جمالها وصحتها، وكان بجوارها عطار عرض عليها أعشاباً تعيد إليها ما فقدته، مستغلاً ذلك مادياً، إلا أنها لم تستفد من أعشابه وبقيت على حالتها، فقال أحد الشعراء واصفاً حالتها:عجوز تمنت أن تعود صبية... وقد يبس الجنبان واحدودب الظهرُ تروح إلى العطار تبغي شبابها... وهل يصلح العطار ما أفسد الدهرُ؟
هكذا يمكن وصف حالتنا كمواطنين نعتقد أو نحلم بأن تعيد إلينا المشاركة في الانتخابات المقبلة جمال ديمقراطيتنا ونستعيد من خلالها دولة المؤسسات ونقضي بها على شيخوخة الفساد الذي بدأ ينخر جسد الوطن، لاسيما بعد أن فقدنا الأمل في الطرق التي سلكتها المعارضة وأدركنا أنها جزء من المشكلة التي نعانيها، وشاهدنا سلوك المجلس الحالي الذي جعلنا نجزم بأن نوابه يمثلون الحكومة لا الأمة التي انتخبتهم وحلمت بأنهم الحل الوحيد للخروج من المأزق التي وضعتنا فيه السلطة والمعارضة، فإذا بهم كالعطار الذي استغل تلك العجوز ليتكسب على ظهرها.الكارثة أن المواطن تم إقناعه بأن المشاركة في الانتخابات هي الحل بعد سوء أداء المجلس الحالي تماماً كما أقنعوه بأن المقاطعة قضية "مبدأ" لا يمكن الحياد عنه أو المشاركة في العبث بالمبادئ والنصوص الدستورية، علماً بأن من أقنعهم بالمقاطعة هو ذاته من أقنعهم بالمشاركة رغم سوء حساباتهم وأخطائهم السابقة، لذلك نرى اليوم أن التوجه العام للمواطنين هو المشاركة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه دون أن يدركوا بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، خاصة بعد أن تمكنت الحكومة ومؤسسة الفساد من السيطرة التامة على مفاصل الدولة وأصبح الأمر بيدها.
يعني بالعربي المشرمح:
لا المشاركة ولا المقاطعة ستعيد ما أفسدته السلطة والمعارضة مجتمعتين ولا حل للخروج من مأزقنا هذا دون تضافر جهود التيارات السياسية والشبابية وعقد مؤتمر عام للمصالحة والمصارحة وإنهاء هذا العبث المدمر للجميع، فحلم المشاركة سيكون مصيره الفشل في ظَل ظاهرة الخصومة الفاجرة التي نمر بها، وفي ظَل العبث السياسي الذي نشاهده وتحت مظلة "اللي تكسب به العب به" دون مراعاة للمبادئ الوطنية والدستورية التي كانت صمام الأمان لنا جميعاً، فلا تحلموا أو لا تجعلوهم يوهمونكم بحلم المشاركة حلاً لما نحن فيه، فلا يصلح العطار ما أفسده الدهر.