خارج السرب: مشاركة الدقباسي ورمادية «حشد» وأشياء أخرى
كان متوقعاً بعد إعلان النائب السابق علي الدقباسي مشاركته في الانتخابات المقبلة، أن يرميه التويتر بأفلاذ شتائمه، فقد تعلمنا أن تكون ردة الفعل التويترية الأولى عبارة عن "هوشة"، وطبعاً إن علا غبار الهوشات لا يمكن قراءة حدث ما أو حتى محاولة فهمه, فهي كما قيل في الأمثال "ما ينوب المخلص فيها إلا تقطيع هدومه"، الشيء الوحيد الذي اتفق "المتهاوشون" عليه أن الغضب كان تحت عنوان مشاركة الدقباسي لا شيء آخر. ولكن ما لفت نظري أن بيانات حركة العمل الشعبي -وهي الطرف الأهم والمعنية مباشرة بمشاركة الدقباسي- خلت تماماً من جزئية المشاركة المختلف عليها تويترياً، فالبيان الأول كان فحواه رافض لاتهام الحركة بالتسيب، والثاني تقريباً يدور حول ذات الموضوع، وكلا البيانين قفز علي جزئية المشاركة كموقف سياسي حاسم وبشكل لافت، ليدخل، بعاطفية، منطقة خذلان البراك، فك الله عوقه، وهذا الأمر وأقصد هنا عدم حسم "حشد" أمرها بعدم المشاركة لوحظ كذلك في صمتها على غير العادة عن مشاركة ثوابت الأمة والحركة الدستورية.
وفي سياق آخر ردة فعل لـ"حشد" الغاضبة تجاه تعديل قانون الانتخابات – وهو موقف مستحق إذا نظرنا لأسبابه الدستورية – فإنها توحي بعدم رمي "حشد" حتى الآن ورقة المشاركة في الانتخابات القادمة، فمنطقياً ما الذي يجعلها تغضب بشكل لافت لتعديل صدر من مجلس لا تعترف به، ولانتخابات تقول إنها لن تشارك فيها؟! ما أراه أن "حشد" مازالت تراوح في المنطقة الرمادية، لا دائرتي أسود المقاطعة أو أبيض المشاركة الواضحتين، وهنا وبعيداً عن فعاليات سيرك العاطفة الحالي لابد لمن أراد قراءة مسار المشاركة والمقاطعة المقبل أن يرسم خريطة جديدة توضح تضاريس الواقع الحقيقية لسؤال المشاركة والمقاطعة، خريطة تفترض دائرتين متقاطعتين، الأولى سوداء مقاطعة والثانية بيضاء مشاركة والتقاطع بينهما يرسم المنطقة الرمادية، ونخط اسم من حسم أمره رسمياً بالمشاركة أو المقاطعة في كلتا الدائرتين، ولنضع المتردد الذي يضع رجلاً بالمشاركة وأخرى بالمقاطعة ضمن المنطقة الرمادية غير المحسومة، ومن خلال قراءة الدوائر وبواقعية نستطيع تحديد البديل المتوفر الذي تقودنا إليها الغاية لا الوسيلة، لا كما هو الوضع المعكوس حالياً، وفي المحصلة على "البديل" تدور دوائر ممكن السياسة لا أحلام العصافير.