تولي دولة الكويت اهتماماً خاصاً بحقوق العمالة الوافدة وحفظ كرامة الإنسان أياً يكن حيث تقوم بجهود مشهودة في هذا الإطار بما يصب في صالح العمالة وضمان حقوقها.

Ad

وحرص المشرع في الكويت على حماية حقوق كل إنسان ومنع استخدامه في أعمال تحط من قدره أو كرامته من خلال إصدار العديد من القوانين التي تشكل نقلة نوعية في إطار مكافحة استغلال العمالة الوافدة وصيانة حقوقها.

ويعد مركز إيواء العمالة الوافدة الذي أنشئ في شهر نوفمبر 2014 ترجمة فعلية لهذا التوجه ليشكل إضافة جديدة لسجل حقوق الإنسان في الكويت والحافل بالإنجازات.

ويمثل المركز تجربة رائدة وعلامة مضيئة في السجل الإنساني للبلاد حيث أنشئ وفقا للمقاييس والمعايير الدولية ذات الصلة بقرار من مجلس الوزراء وبالتعاون مع العديد من الجهات الحكومية المعنية وإشراف الهيئة العامة للقوى العاملة.

وقال مدير المركز فلاح المطيري لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم السبت إن المركز يهدف إلى مكافحة جريمة الإتجار بالبشر وفقاً للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها دولة الكويت بهذا الشأن، لافتاً إلى سجل الكويت الزاخر في مجال حماية حقوق الإنسان لاسيما أن الأمم المتحدة كرمت سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بتسمية سموه (قائداً للعمل الإنساني) والكويت (مركزاً للعمل الإنساني).

وأوضح المطيري أن المركز المخصص لاستقبال العمالة النسائية اللواتي دخلن في نزاع مع أرباب عملهن يتعدى دوره مساعدة المعنفات وإيوائهن إلى تقديم المساعدة لجميع فئات العمالة سواء المنزلية أو العاملة بالقطاع الأهلي ومساعدتهن لنيل حقوقهن.

وذكر أن 90 في المئة من الحالات الموجودة في المركز تعود إلى (مكاتب العمل الوهمية) في الدول المصدرة للعمالة والتي توهمهن بأجور مخالفة للواقع وتوقعهن على عقود عمل مغايرة للحقيقة.

وأفاد بأن إدارة المركز تولت مخاطبة سفارات بعض الدول لمكافحة المكاتب الوهمية في بلدانها بهدف حماية عاملاتها من يتعرضن لعمليات غش ويصطدمن بواقع مرير، مبيناً أنه رغم ذلك يستقبلهن المركز ويوفر لهن الحماية حتى عودتهن إلى بلدانهن.

وأشار إلى أن المركز يعد الأفضل في المنطقة من حيث الطاقة الاستيعابية التي تبلغ نحو 500 نزيلة، فضلاً عن الخدمات المقدمة وتشمل الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية والتغذية والحماية القانونية حتى حصولهن على حقوقهن كاملة.

وأضاف المطيري أن المركز يضم مشغلاً لصناعة المشغولات اليدوية التي تعمل عليها النزيلات لقضاء أوقات فراغهن وتوفير ملاعب ومسرح وصالة تلفزيون ومصلى للنزيلات المسلمات وغرفة صلاة للمسيحيات.

ولفت إلى أنه يتم السماح بزيارات رجال الدين التابعين لجمعية التعريف بالإسلام لمقابلة النزيلات المسلمات أو من الكنائس لزيارة المسيحيات منهن.

وبين أن جميع الخدمات المقدمة في المركز مجانية وعلى نفقة الدولة وتبلغ الميزانية التشغيلية للمركز حالياً نحو 1.7 مليون دينار كويتي سنوياً (الدولار الأمريكي يعادل 0.302 دينار) وهي قابلة للزيادة مع زيادة الخدمات التي يأمل المركز في تطويرها.

وقال المطيري إن المركز يضم حاليا نحو 360 نزيلة من 20 جنسية آسيوية وإفريقية أغلبهن من العمالة المنزلية، مبيناً أن المركز استقبل منذ إنشائه نحو 7715 حالة.

وذكر أن هذا المركز الوحيد من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط الذي يحرص على تقديم وجبات غذائية مناسبة للنزيلات حيث تم التعاقد مع إحدى الشركات المتخصصة في تقديم الوجبات الغذائية لنزلاء دور الرعاية من الكويتيين وبالجودة نفسها ويتم تقديم ثلاث وجبات يومياً فضلاً عن وجبتين خفيفتين.

وأفاد بأن المركز يوفر كذلك عيادة دائمة تابعة لوزارة الصحة تعمل على مدار الساعة لتقديم الرعاية الطبية للنزيلات ويتم نقل بعض الحالات المرضية التي تتطلب رعاية متخصصة أو إجراء عمليات جراحية إلى المستشفيات الحكومية للعلاج على نفقة الدولة.

وأكد أن أبواب المركز مفتوحة دائماً أمام الزائرين من الجهات الحكومية والمنظمات الدولية والجمعيات الحقوقية الداخلية والخارجية ومؤسسات المجتمع المدني المهتمة بمجال حقوق الإنسان فضلاً عن استقبال ممثلي لجنة الصليب الأحمر الدولية والسفارات.

ولفت المطيري إلى الحرص على تنفيذ برنامج (العودة الطوعية وإعادة الإدماج) بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة حيث يهدف هذا البرنامج إلى بحث المخاطر التي قد تتعرض لها النزيلات في حال عودتهن إلى بلدانهن حيث يتم إدراجهن في البرنامج ودراسة حالتهن بالتعاون مع مكاتب المنظمة في بلدانهن بغية بحث احتياجاتهن ومنحهن الدعم المادي لإقامة مشروعات تكفل لهن العيش الكريم.

وأشار إلى أن الكويت تعد الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يحسب لها هذا الإنجاز، مبيناً أن نحو 30 حالة استفادت من هذا المشروع واحدة منها حصلت على مشروع خاص ودعم لإسكمال دراستها الجامعية في بلدها.

وقال إن المركز على تواصل مستمر مع مختلف السفارات لإخطارها بعدد النزيلات التابعة لها، فضلاً عن التعاون المشترك والعمل على حل مشكلاتهن واستخراج وثائق السفر لهن.

وأوضح أنه في حال عدم وجود سفارة للدولة التي تحمل جنسيتها النزيلة أمام دولة الكويت يتم التواصل مع أقرب سفارة في الدول المجاورة أو التعاون مع لجنة الصليب الأحمر لمخاطبة دولتها لاستخراج وثيقة سفر لهذه الحالة.

ولفت إلى التنسيق المشترك مع وزارة الداخلية والعمل على دراسة إمكانية تحويل العمالة الوافدة من فئة العمالة المنزلية للعمل في القطاع الأهلي وفقاً لقدراتهن ومؤهلاتهن بعد خوض دورات تدريبية وتأهيلية لهن داخل المركز.

وأكد المطيري أن المركز يوفر كوادر وظيفية في مختلف التخصصات لاسيما المحققين القانونيين بهدف حماية النزيلات قانونياً إضافة إلى أخصائيين نفسيين واجتماعيين لإعادة تأهيل النزيلات نفسياً واجتماعية وإزالة ما لحق بهن من أضرار معنوية إذا ما تعرضن لأي مشكلات.

وأشار إلى أن جميع موظفي المركز حصلوا على دورات تدريب في هيئة الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة بغية رفع كفاءتهم وإكسابهم الخبرات العالمية ذات الصلة وفقاً للمعايير الدولية.

وذكر أن مركز إيواء العمالة الوافدة يعد مركزاً إنسانياً في المقام الأول إذ يهدف إلى مساعدة المحتاجات ممن ساءت ظروف عيشهن مع أرباب العمل والعمل على إيجاد حلول لمشكلاتهن، مبيناً أن الدخول إلى المركز أو الخروج منه يكون اختيارياً.

وشدد على أنه ليس هناك مكان لحجز الحريات لكن هناك ضوابط داخلية يعمل بها من أجل مصلحة النزيلات وحفاظاً على سلامتهن لا سيما أن أغلبهن ضحايا اتجار بالبشر في بلدانهن.

وأفاد بأن المركز مراقب داخلياً وخارجياً بكاميرات تعمل على مدار الساعة، لافتاً إلى التعاقد مع شركة أمن وحراسة متخصصة لحماية المركز من الخارج فضلاً عن وجود مشرفات أمن مع النزيلات في الداخل يعملن بنظام النوبات تحسباً لنشوب أي مشادات أو مشكلات بين النزيلات.

وأكد المطيري احترام دولة الكويت لجميع المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، لافتاً إلى اتخاذ خطوات عدة في هذا الجانب لاسيما إصدار العديد من القوانين المنظمة التي تعزز مكانة الكويت كمركز للعمل الإنساني.

من جانبها، أكدت المشرفة الاجتماعية في المركز فيروز البندري لـ (كونا) أهمية الدور الاجتماعي والنفسي الذي تقدمة المشرفات للنزيلات لاسيما من تعرضت منهن لتجارب قاسية ومحاولة معالجتهن ومحو أثرها تمهيداً لإعادة إدماجهن مرة أخرى في سوق العمل.

وذكرت البندري أنه يتم توزيع النزيلات داخل الغرف بحسب الجنسيات ووفقاً لرغباتهن في بقاء كل مجموعة من بلد واحدة في غرفة مشتركة، مبينة أنه يتم التواصل مع مختلف الجنسيات من خلال مترجم من السفارة أو من المترجمين المتطوعين لإيصال المعلومات بدقة.

يُذكر أن لجنة حقوق الإنسان التابعة لجامعة الدول العربية قد أكدت أن المركز يعد خطوة حقوقية رائدة في المنطقة حيث يكفل للعمالة الوافدة التمتع بخدمات إيوائية ومعيشية على أرض الكويت الطيبة.