بعد اتهامه قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جوزف فوتيل بالانحياز إلى الانقلابيين ودعوته إلى التزام حده ومعرفة حجمه، دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس الأول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى «الاهتمام بشؤونهما» بدلاً من انتقاد حملة التطهير الواسعة بحق المشتبه بتورطهم في محاولة الانقلاب الفاشلة التي اجتاح رعبها المؤسسة القضائية.

وقال إردوغان، في خطاب من القصر الرئاسي، إن «البعض يعطينا نصائح. يقولون إنهم قلقون. اهتموا بشؤونكم! التفتوا إلى ما تحتاجون إليه انتم!»، مضيفاً: «هذه الدول التي لا يقلق زعماؤها على الديمقراطية التركية ولا على أرواح مواطنينا ومستقبلهم بقدر ما يقلقون على مصير الانقلابيين لا يمكن أن تكون صديقة لنا».

Ad

من جهته، أكد رئيس الوزراء بن علي يلدريم أنه تم «تطهير» الجيش من كل العسكريين المرتبطين بالداعية فتح الله غولن، الذي تتهمه الحكومة بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة، وقال، مستخدما التسمية الحكومية على منظمة غولن، «لقد نظفنا الجيش كله من عناصر فيتو الذين كانوا متخفين بالزي العسكري».

وبعد اتهامات إردوغان لفوتيل، جدد البيت الأبيض رفضه أي تلميح إلى ضلوع الولايات المتحدة في المحاولة الانقلابية، معتبراً ان ذلك «خاطئ بالكامل».

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض إريك شولتز إن الرئيس باراك اوباما يعتبر إردوغان «حليفاً قريباً، ونحن نتعاون سوياً في العديد من الأولويات الدولية» بما في ذلك الحرب على تنظيم «داعش».

وأكد قائد القوات الأميركية في الشرق الاوسط، في بيان، أن اتهامات إردوغان بالانحياز للانقلابيين لا أساس لها من الصحة، «وأي معلومات تفيد أنه كانت لي أي صلة بالمحاولة الانقلابية في تركيا خاطئة تماماً»، مشدداً على أن «تركيا شريك استثنائي وحيوي في المنطقة منذ سنوات ونقدر التعاون المتواصل معها ويسرنا أن نواصل شراكتنا ضد التنظيمات الإسلامية».

وفي حين تشير الأرقام الرسمية إلى أن نحو ألفي شخص ملاحقون قضائياً بتهمة إهانة الرئيس، قرر إردوغان في بادرة حسن نية إسقاط مئات الدعاوى القضائية المرفوعة ضد المتهمين بإهانته.

وفي وقت سابق، وجهت محكمة إسطنبول إلى 17 صحافياً أوقفوا بشبهة الارتباط بجماعة غولن تهمة الانتماء الى «تنظيم ارهابي» وأمرت بإيداعهم الحبس الاحتياطي بانتظار محاكمتهم.

كما قررت محكمة صلح الجزاء الأولى في إسطنبول أمس إخلاء سبيل 758 جندياً وطالباً عسكرياً من أصل 989 جرى توقيفهم في إطار تحقيقات محاولة الانقلاب الفاشلة، موضحة أن القرار اتخذ بناء على طلب مكتب الجرائم المنظمة والإرهاب التابع لنيابة إسطنبول بعد اجراء تحقيقات معهم والاستماع لإفادتهم وكذلك بعد تقييم المحكمة وأخذها بعين الاعتبار الأدلة الموجودة للمعتقلين، معللة قرارها بأن استمرار تدابير احتجازهم لم يعد له داع. وبينما واصلت السلطات اعتقال الجنود والطلاب العسكريين الآخرين البالغ عددهم 231 شخصاً على ذمة التحقيقات المتعلقة بمحاولة الانقلاب الفاشلة، أشار القاضي الفرنسي مرسيل لوموند أمس إلى اجواء «رعب» تهيمن على القضاء في تركيا وتمنع إجراء محاكمات عادلة بعد الانقلاب الفاشل.

وفي حديث مع وكالة «فرانس برس»، قال لوموند، الذي شارك من 2012 إلى 2014 في مهمة لمجلس أوروبا من أجل إصلاح القضاء التركي: «باتت جميع المؤسسات تحت سطوة الحكومة، من أكاديمية القضاة إلى المجلس الأعلى للقضاة والمدعين. وأصبح هؤلاء بلا أي حماية، ويمكن للحكم الذي يصدرونه أن يؤول بهم إلى السجن أو يرقيهم إلى أعلى دوائر السلطة. وهذا مناقض للقضاء الديمقراطي».