عصر الألعاب الأولمبية الجديد في سيدني

نشر في 01-08-2016
آخر تحديث 01-08-2016 | 00:02
أثبتت دورة سيدني الأولمبية 15 سبتمبر - 1 أكتوبر 2000، تفوقها على الصعد كافة، وقال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية خوان سامارانش عبارته الشهيرة «أعلن نهاية الألعاب الأولمبية في سيدني، الأفضل في التاريخ».
أعلن رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الماركيز خوان أنطونيو سامارانش، اختتام دورة سيدني الأولمبية في 1 أكتوبر 2000، بعد منافسات انطلقت في 15 سبتمبر، وثبت تفوقها على الصعد كافة، بعبارته الشهيرة "أعلن نهاية الألعاب الأولمبية في سيدني، الأفضل في التاريخ".

هذه الجملة التي انتظرها الجميع منه، لتصبح "سيدني 2000" نهاية ناجحة للقرن العشرين، ومتنفسا للحركة الأولمبية ولجنتها الدولية، بعد "فشل" أتلانتا قبل أربعة أعوام، وافتضاح أمر "رشاوى" منح استضافة الألعاب الشتوية سنة 2002 إلى مدينة سولت ليك سيتي الأميركية.

ووسط غمرة الفرح في الصفحة الأخيرة من ألعاب سيدني التي جاءت بمنزلة "نفحة إنعاش"، تساءل محبو الرياضة: هل بدأ عصر جديد للألعاب الأولمبية؟

وهؤلاء انتظروا الموعد الجديد في القارة البعيدة بلهفة من ينتظر النسيم العليل أيام القيظ، وبعدما غادر كثر منهم أتلانتا محبطين ومنزعجين بسبب فظاظة المنظمين والفشل التكنولوجي وفوضى المواصلات.

وجاءت حفلة الافتتاح بمنزلة حلم صيفي وتحية لثقافة المواطنين الأصليين وأنشودة للمصالحة، وعبَّرت الحفلة بشكل خيالي عن تاريخ أستراليا.

التنظيم الثاني لأستراليا

احتضنت أستراليا الألعاب للمرة الثانية في أقل من نصف قرن، وكانت الأولى في ملبورن عام 1956، لكن شتان بين المناسبتين، فمن تأجج الصراع بين الشرق والغرب ونشوء حركات التحرر والمحاور والكتل والاعتداءات والاجتياحات، إلى بزوغ العولمة الكبيرة، إذ جمعت الدورة الأخيرة 10651 مشاركا، بينهم 4069 امرأة من 199 دولة، وهو رقم قياسي جديد.

وسار وفد تيمور الشرقية خلف الراية الأولمبية، ومشى مشاركو الكوريتين معا في طابور العرض.

وكان الجميع على موعد المنافسة في 300 مسابقة ضمن 29 لعبة هي: ألعاب القوى والتجديف وكرة السلة والبادمنتون والبيسبول والملاكمة والكانوي-كاياك والدراجات والفروسية والمبارزة وكرة القدم والجمباز ورفع الأثقال وكرة اليد والهوكي على العشب والجودو والمصارعة والسباحة والخماسي الحديث والسوفت بول وكرة المضرب وكرة الطاولة والكرة الطائرة، بما فيها الشاطئية، والتايكواندو والرماية والقوس والسهم والترياتلون والألواح الشراعية.

ودخلت رسميا البرنامج المثقل والمزدحم لعبات الترياتلون والتايكواندو والخماسي الحديث ورفع الأثقال للسيدات.

وسيدني التي تفوقت على بكين ومانشستر وبرلين واسطنبول في الحصول على شرف تنظيم الألعاب، نظمت احتفال الافتتاح في أكبر استاد أولمبي في العالم تبلغ سعته 110 آلاف متفرج، وأوقدت الشعلة العداءة كاتي فريمان من السكان الأصليين، وتلت قسم المتبارين لاعبة الهوكي على العشب ريستيل هواكس.

وفاق عدد أفراد "العائلة الأولمبية" في هذا العرس الكبير 100 ألف شخص، منهم 47 ألف متطوع و16 ألف صحافي وإعلامي، وتابعه نحو 7.3 مليارات نسمة في مختلف انحاء العالم.

وحصد أبطال من 80 دولة ميداليات، بينها 51 حصل أفرادها على الذهب، وبقيت الولايات المتحدة القوة العظمى، وبلغ رصيدها 93 ميدالية، بينها 37 ذهبية، تلتها روسيا بـ 89 ميدالية (32)، ثم الصين بـ 58 (28). وحلَّت أستراليا رابعة بـ 58 ميدالية (16)، وتقدمت على كل من ألمانيا (56-13) وفرنسا (38-13).

وبالنسبة لعدد الميداليات، وفق عدد السكان، تأتي جزر الباهاماس في المرتبة الأولى بنسبة ميدالية لكل 150 ألف مواطن، والهند في المرتبة الأخيرة بميدالية برونزية واحدة لكل مليار شخص.

وفي أستراليا، التي تشتهر بوجود أكبر نسبة من السكان المزاولين للرياضة في العالم، اعتمدت فحوص ايبو وتحليل الدم للحد من المنشطات.

9 حالات متنشطة

وكشفت عموما 9 حالات لمتنشطين عدد الفحوص التي أجريت عن 2000، منها 201 خارج المسابقات.

ويبدو أن الخوف من الغش اثنى الكثيرين عن اللجوء للمنشطات، وأدى بالتالي إلى التزام الحيطة والحذر، لذا لم يكسر أي رقم قياسي عالمي في ألعاب القوى، فيما كثرت حالات التنشط في رفع الأثقال، التي شهدت تحطيم 16 رقما قياسيا أسهمت فيها السيدات اللاتي تبارين للمرة الأولى أولمبيا، وكانت الصينيات أبرزهن وأقواهن، وأول المتوجات البلغارية ايزابيلا دراغنيفا (وزن 48 كلغ).

وأبرز الذين اكتشف تورطهم بطل العالم في رمي الكرة الحديد الأميركي سي جاي هانتر زوج العداءة الشهيرة ماريون غونز، ولاعبة الجمباز الرومانية اندريا رادوكان.

ريدغريف يخلّد اسمه في التجديف
ذكر البريطاني ستيفن ريدغريف التجديف أن لعبة الجهد والكد والعرق، لكنها منحته خمسة ألقاب متتالية في 5 مشاركات اولمبية آخرها في دورة سيدني عام 2000، وكان في الثامنة والثلاثين من عمره، فحطّم الرقم القياسي في عدد الألقاب المتتالية، الذي كان يحمله الاميركي آل اورتر بطل رمي القرص في اربع دورات (1956 الى 1968).

واستحق ان تكرمه الملكة اليزابيت الثانية بمنحه لقب "سير" عام 2001.

ريدغريف الذي اتقن لعبة عسيرة بريطانية الجذور والمنشأ، وجد فيها ضالته وملاذه وخلاصه من الانطوائية وتعويضا عن تأخره المدرسي.

وكما أدار ظهره لمقاعد الدراسة تآلف مع ادارة ظهره لخط النهاية في السباقات، لكنه كان يجتازها فائزا. والمتعارف عليه ان ظهور المجدفين يكون لجهة خط النهاية خلال التنافس.

اعتاد ريدغريف (مواليد مارلو في 23 مارس 1962) الإيقاع المتكرر، "ماكينة" تعيد الحركة احيانا اكثر من 200 مرة، 4 ساعات تدريب يوميا، 6 أيام أسبوعيا، 10 اشهر سنويا، تحت الشمس او المطر، وحتى في الليل للاعتياد على فارق التوقيت في منافسات خارجية. والنتيجة "كتل عضلات" صقلت بنية صلبة تطورت من 1.90م و90 كلغ حين كان في الثامنة عشرة الى 1.93م و103 كلغ، وبلغت سعة صدره 7 ليترات هواء، علما بأنه لم يعرف الشهرة إلا حين زاول رياضته ضمن فريق.

قطف ريدغريف ذهبيته الخامسة في "سيدني 2000" وكانت ضمن فئة الرباعي، أو "رباعي ردغريف"، كما تناقلت وسائل الاعلام خبر فوزه وتتويج هيمنته 16 سنة على القمة، بفضل صبره اللامتناهي وعزيمته المتقدة.

في بداية مسيرته، تأثر ستيفن بفرنسيس سميث "فمن دون هذا المعلم الشغوف بالتجديف لما كنت تسجلت في نادي بلدتي".

لفت ريدغريف الأنظار بقامته الممشوقة وهو في سن الخامسة عشرة على رغم نتائجه العادية، وسرعان مع تطور اسلوبه ورشح للانضمام الى منتخب بلاده المشارك في دورة موسكو الاولمبية عام 1980.

وبسبب المقاطعة "الشرقية" لدورة لوس انجلس عام 1984، قيل ان الانتصار دان لريدغريف صدفة. يومها فاز بأولى ذهبياته الاولمبية في الرباعي، وبالفريق الثنائي مع اندرو هولمز في "سيول 1988" وكذلك مع ماثيو بنسنت (بطل العالم للناشئين) في "برشلونة 1992" و"اتلانتا 1996"، علما بأن هذا الثنائي لم يهزم مطلقا في السباقات التي خاضها بين 1991 و1996، بفضل الانسجام والكيمياء المشتركة.

back to top