كان على بعض العرب، الذين مازالوا يمدون أيديهم من "تحت الطاولة" لمصالحة إيران "على الطالع والنازل"، أن يدركوا أن خنجر الوليّ الفقيه سوف يصل إلى "خواصرهم" في النهاية، وأن هناك مثلاً عربياً يقول "من تغدى بأخيك سوف يتعشى بك لا محالة"، وأن من أصبح يحتلُّ العراق وسورية ويسعى لاستكمال احتلال اليمن، لن يوفر أيَّ بلد عربي آخر، مادامت مؤامراته وألاعيبه وصلت إلى إفريقيا وأميركا اللاتينية.

لقد أصبحت المواجهة في هذه المنطقة واضحة، إذْ بدل أنْ تكون ضد إسرائيل "العدو الصهيوني"، حوّلها آيات الله إلى مذابح طائفية بين العرب أنفسهم، وهذا هو ما يجري الآن في العديد من الدول العربية، وسيصل إلى دول أخرى لا محالة، مادام هناك من يضعون أكفهم فوق عيونهم، حتى لا يروا حقائق الأمور... وحقائق الأمور أن إيران لن توفر أحداً، وأنها في النهاية، بل في البداية والنهاية، ستستهدف أبناء هذه الأمة جميعهم... شيعتهم قبل سنتهم، والدليل هو هذا الذي يجري في العراق.

Ad

وهنا، فالأسوأ والأخطر هو أن هناك عرباً مازالوا، ورغم كل هذا الذي جرى ويجري، يراهنون على "أصدقائهم"! الأميركيين، وعلى "أصدقائهم" الروس، وعلى جون كيري، هذا الذي ما كاد يعود من رحلة موسكو الأخيرة، التي كان عنوانها "إنقاذ الهدنة"، وأيُّ هدنة، في حلب، حتى رأيناه يشكو مرَّ الشكوى، ويقول ردّاً على ما بادرت القوات الروسية والإيرانية إلى فعله في "الشهباء"، ربما أنه وقع في "خدعة"، وحقيقة الأمر فإن واشنطن قد أدمنت على خدع فلاديمير بوتين وسيرغي لافروف، ووصل بها الهُزال والتآمر السياسي إلى حدِّ أنها غدت تتصرف، وكأن الشرق الأوسط قد أصبح مزرعة لـ"آيات الله" وقياصرة الكرملين الجدد!

نحن الآن، كعرب، أصبحنا نقف عند مُنعطف تاريخي، فإما أن يُغير بعضنا ما في أنفسهم ليغير الله ما بهم وما بنا، وإلا فإننا كلنا أمام وبانتظار عصر جليدي إيراني طويل، وعندها لن تجدي ولن تفيد كل الأموال المكدسة في البنوك الغربية والشرقية، بينما ضحايا بشار الأسد وآيات الله وقياصرة روسيا الجدد يتضورون جوعاً، وينزفون حتى الموت، وبينما المآسي تضرب أبناء هذه الأمة العظيمة من المحيط إلى الخليج!

إنه لولا تخاذل هذه الإدارة الأميركية، وتآمر قياصرة روسيا الجدد، وامتداد أيدي المؤلفة قلوبهم من العرب من تحت "الطاولات" إلى آيات الله في طهران، لما كانت بغداد الآن محتلة، ولما كانت سورية العظيمة، قلب العروبة النابض، تمزق أجساد أطفالها "شظايا" القنابل العنقودية الروسية، وقذائف المدافع الإيرانية، ولما كان حراس الثورة الإيرانية يفعلون بوطننا العربي هذا الذي يفعلونه... ولا حول ولا قوة إلا بالله!