تحل يوم غد الثلاثاء الذكرى الـ 26 للغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت الذي استهدف فجر يوم 2 أغسطس 1990 هذه البلاد أرضاً وشعباً في محاولة لطمس هويتها ومحو كيانها ووجودها.

Ad

فمنذ اللحظات الأولى للاحتلال العراقي أعلنت الكويت قيادة وشعباً رفضها لهذا العدوان السافر ووقف ابناؤها في الداخل والخارج صفاً واحداً بجانب قيادتهم الشرعية مسطرين أروع الأمثلة في الدفاع عن الوطن وسيادته وحريته.

وخلال تلك المحنة عمل نظام صدام البائد على اتباع سياسة الأرض المحروقة فقام بإحراق 752 بئراً نفطية وحفر الخنادق النفطية وملأها بالنفط والألغام لتكون حداً فاصلاً بين القوات العراقية وقوات التحالف.

وكان للإدارة الحكيمة المتمثلة في سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح وسمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبد الله الصباح وسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (الذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية آنذاك) - والتأييد الشعبي الدور البارز والكبير في كسب تأييد المجتمع الدولي لتحرير دولة الكويت من براثن الغزو.

ودان المجتمع الدولي جريمة النظام العراقي البائد في حق الكويت وأصدر مجلس الامن الدولي قرارات حاسمة بدءاً من القرار رقم 660 الذي طالب النظام العراقي بالانسحاب فوراً بالإضافة إلى حزمة القرارات التي أصدرها المجلس تحت الفصل السابع من الميثاق والقاضية باستخدام القوة لضمان تطبيق القرارات.

وصدرت الكثير من المواقف العربية والدولية التي تدين العراق وتطلب منه الانسحاب الفوري من الأراضي الكويتية وتحمله المسؤولية عن كل ما لحق بدولة الكويت من أضرار ناجمة عن عدوانه.

وأدى سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حينذاك دوراً كبيراً في حشد التأييد الدبلوماسي العربي والدولي لصالح دعم ومساندة الشرعية الكويتية وذلك استناداً إلى خبرته الدبلوماسية الكبيرة منذ تسلمه حقيبة وزارة الخارجية في عام 1963 ونجاحه في توثيق علاقات دولة الكويت بالأمم المتحدة ومنظماتها ودولها الأعضاء.

وأثمرت جهود سموه الدبلوماسية كسب الكويت مساندة عالمية وأممية من خلال توافق الإرادة الدولية مع قيادة قوات التحالف الدولي لطرد المعتدي وتحرير الكويت.

وارتكزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق عقب الغزو وتحديداً في الفترة من عام 1990 حتى عام 2001 على عدة ثوابت قائمة على أساس القرارات الدولية الشرعية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والتي صدرت أثناء فترة الغزو وقبلها النظام العراقي بقرار مجلس الأمن رقم 687 لسنة 1991.

وتميزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق حتى عام 2003 بنقطتين مهمتين أولاهما أن النظام العراقي الحاكم بقيادة صدام حسين هو نظام لا يمكن الوثوق به والتعامل معه وثانيتهما أن الشعب العراقي مغلوب على أمره وهو ضحية للنظام الحاكم ولذلك وقفت الكويت إلى جانب الشعب العراقي باعتباره شعباً عربياً مسلماً.

وفي هذا الجانب، قال سمو الشيخ صباح الأحمد في تلك الفترة «نحن نفرق جيداً بين النظام والشعب ولا يسعنا اطلاقاً أن نسمع عن شعب شقيق يتعرض للجوع والفقر»، مؤكداً سموه على أن الكويت تساعد الشعب العراقي بعد التحرير بإرسال المعونات خاصة للنازحين من الشمال والجنوب.

وكانت مقولة سموه الشهيرة في 4 أغسطس 1998 رداً على المزاعم العراقية بأن الكويت تقف وراء استمرار العقوبات الدولية على حكومة بغداد الدليل الأكبر والقاطع على الموقف الكويتي حين قال حينها «نحن لسنا دولة عظمى حتى نفرض على مجلس الأمن أن يرفع العقوبات أو يبقيها على العراق» مؤكداً أن العراقيين الذين يوجدون على أرض الكويت يعيشون فيها بكل تقدير واحترام.

وفي تصريح آخر لسمو الشيخ صباح الأحمد بتاريخ 23 نوفمبر 1998 في ختام زيارة وزير الخارجية المصري الأسبق عمرو موسى للكويت بخصوص الأزمة العراقية مع العالم أكد أن «الكويت لا تخطط للمساعدة على عمل أي شيء سلبي داخل العراق فمسألة إسقاط الرئيس العراقي صدام حسين شأن داخلي عراقي لا دخل للكويت فيه».

واستناداً إلى المبادئ الإنسانية التي تؤمن بها الكويت حكومة وشعباً انطلقت المساعدات الكويتية إلى شعب العراق منذ عام 1993.

وبتوجيهات من سمو الشيخ صباح الأحمد بدأت جمعية الهلال الأحمر الكويتية في إرسال مساعداتها إلى لاجئي العراق في إيران منذ أبريل عام 1995 حرصاً من سموه على الوقوف في صف الشعب العراقي في كل الأوقات بإنسانية ومحبة واحترام محافظاً على حق الجيرة والجوار.

وعقب حرب تحرير العراق عام 2003 سارعت دولة الكويت إلى تقديم العون والإغاثة إلى اللاجئين في هذا البلد حيث تعد الكويت اليوم من أكبر المانحين له.

وفي أبريل 2008 تبرعت الكويت بمبلغ مليون دولار لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدعم عمليتها في مساعدة اللاجئين في العراق بهدف تخفيف معاناة المشردين داخل العراق الذين يفتقرون إلى أبسط الاحتياجات من غذاء ومأوى وصحة وتعليم.

وفي نوفمبر عام 2010 أعلنت الكويت تقديمها مليون دولار لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لكي تنفقه داخل العراق على المشردين أو من اضطرتهم الظروف والأوضاع الأمنية إلى النزوح إلى أماكن أخرى داخل العراق.

وشددت الكويت أثناء اجتماع اللجنة الاجتماعية والإنسانية والثقافية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة الـ 65 على لسان السكرتير الثالث حسن شاكر أبو الحسن على أهمية الجانب الإنساني في مشكلة النازحين العراقيين وتوفير الحماية لهم وتلبية احتياجاتهم وضمان أمنهم وأكدت أنها مسؤولية مشتركة بين الدول والمجتمع الدولي.

وفي ضوء تزايد أعداد النازحين داخل المدن العراقية وتدهور أوضاعهم نتيجة للصراع الدائر في العراق تقدمت الكويت في 11 يوليو 2014 بتبرع سخي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة بلغ ثلاثة ملايين دولار لعملياتها الإنسانية في العراق فيما قدمت عام 2015 مبلغاً قدره 200 مليون دولار لإغاثة النازحين في العراق.

وقبيل حلول شهر رمضان المبارك لهذا العام 2016 وزعت الكويت ممثلة بجمعياتها الخيرية أكثر من 12 ألف سلة غذائية على الأسر النازحة في إقليم كردستان استعداداً لشهر الصوم الفضيل في حين شهد العام الماضي توزيع ما يقارب 40 ألف سلة غذائية من قبل الهلال الأحمر الكويتي على العائلات النازحة في مدن الإقليم.

ونتيجة لهذه الجهود المستمرة من جانب الكويت والتي توجت مؤخراً بإعلان سمو أمير البلاد خلال القمة العربية في موريتانيا استضافة الكويت للمؤتمر الدولي لمانحي العراق، أشاد مجلس الأمن الدولي بهذه المبادرة وبما تقدمه الكويت من دعم مستمر لتحقيق الاستقرار في العراق .