«ماكو ثقة»
سيظل السخط الشعبي على أي قرار حكومي، وإن كان ضروريا أو مستحقا، قائماً ما دامت الدولة لا تحظى بثقة الناس، ولهم كل الحق في ذلك، فهم يرون الأموال تبدد في كل مكان دون حساب أو التفات لاحتياجاتهم، وعند العجز لا تلتفت الدولة إلا إلى الناس لإنقاذ ما لا يمكن إنقاذه.
القصة غير مرتبطة بـ20 أو 30 دينارا إضافية سيدفعها كل صاحب سيارة شهريا للتزود بالوقود، فسعر الوقود أصلا منخفض مقارنة بالدول النفطية المحيطة، وانخفاض سعر البترول مصدر دخلنا الوحيد بنسبة تفوق الـ50% سيتبعه بشكل طبيعي محاولة الدولة تقليص الدعوم لتخفيض المصروفات، بل إن عدم مواجهة هذا الانخفاض في سعر البترول سيعتبر انتحارا للدولة بلا أدنى شك.المشكلة ليست هنا أبدا، وتحفظ الناس لا علاقة له بتلك الـ20 أو 30 دينارا الإضافية التي سيدفعونها شهريا، بل إن ما يجعل الأصوات تتعالى رفضا للقرار هو عدم الثقة بالدولة والجهة المهيمنة على مقدراتها وثرواتها لأكثر من 50 عاما كاملة، فالعقل لا يقبل أن يتم رفع الدعم عن الوقود من هنا لتوفير 200 أو حتى 400 مليون دينار سنويا، وبالمقابل تتضخم فاتورة العلاج بالخارج لأكثر من 600 مليون دينار سنويا من أجل استمرار وزير سيئ مهنيا في وزارته، أو أن يتم توفير هذا المبلغ ليختلسه مقاول أو مدير أو وزير دون رادع أو حساب، أو أن يسحب هذا المبلغ من جيب المواطن بمقابل زيادة المنح والعطايا للخارج!! كي تتضح الصورة أكثر، فإن المواطن لا بأس لديه من دفع أي مبلغ شريطة الجودة والاطمئنان بأن ما يصرفه يستحق الصرف فعلا، فالمواطن يفضل "طيران الإمارات" مثلا في سفره على "طيران الكويت" رغم أن السعر الأعلى فضلا عن عناء الترانزيت بحثا عن الجودة، وهو لن يقبل بدفع مبلغ أكبر إن وجد أن "طيران الإمارات" لا توفر ما يميزها عن الخطوط الكويتية.
هذا من جانب أما من جانب آخر للتحفظ على رفع الدعم، فهو يقين الناس بأن هذا الرفع لن ينقصهم 20 أو 30 ديناراً شهريا فقط، بل سيرتبط بكل تكاليف الحياة، فتاجر الأغذية سيرفع أسعاره بحجة ارتفاع سعر الوقود، والمقاول والفني وبائع الملابس أيضا، كلهم سيجدون رفع الدعم هذا ذريعة لرفع أسعار سلعهم، وهو ما يعني أن المسألة ستتجاوز بكثير مبلغ الـ20 أو 30 ديناراً شهريا، والسبب طبعا هو الجهة المهيمنة على مقدرات الدولة والعاجزة تماما عن ضبط الأسعار، بل قد تكون متواطئة أيضا في ذلك.سيظل السخط الشعبي على أي قرار حكومي، وإن كان ضروريا أو مستحقا، قائماً ما دامت الدولة لا تحظى بثقة الناس، ولهم كل الحق في ذلك، فهم يرون الأموال تبدد في كل مكان دون حساب أو التفات لاحتياجاتهم، وعند العجز لا تلتفت الدولة إلا إلى الناس لإنقاذ ما لا يمكن إنقاذه. لذا فإن على الدولة أن تقوّم سلوكها، وهو ما لا يلوح بالأفق إطلاقا قبل التفكير بإلحاق الضرر بالناس، لأن هذا الأمر لن يقبله الرأي العام أبدا وهم محقون في ذلك.خارج نطاق التغطية:26 عاماً مضت على ذكرى الغزو، وأكثر من ألف شهيد ضحوا بدمائهم من أجل الكويت، دون أن يخلدوا بشكل يستحقونه، بل إن هناك قراراً من دولة الكويت يمنع أن تسمى الشوارع بأسماء شهداء الكويت!!