لمحة تاريخية عن انعدام المساواة
ساعدت النزعة الشعبوية، في بعض الحالات، في توسيع حق الانتخاب؛ واستنان ضريبة تصاعدية على الدخل والتأمين الاجتماعي؛ وبناء رأس المال المادي والبشري؛ وفتح الاقتصادات، وإعطاء الأولوية للتشغيل الكامل للعمالة؛ وتشجيع الهجرة.
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
وتتلخص العملية الثانية في إلغاء الرِق في أجزاء كثيرة من العالَم خلال القرن التاسع عشر، والذي تلته العملية الثالثة المتمثلة بتخفيف القيود الطبقية بمرور الوقت على مستوى العالم- العنصر، والعِرق، والجنس- وهي القيود التي حرمت حتى بعض الناس من أصحاب الثروة من الفرص لاستخدامها.وتتألف العملية الرابعة من جيلين حديثين من النمو المرتفع في الصين وجيل واحد من النمو المرتفع في الهند، وهو العامل المهم الذي قام عليه التقارب العالمي في الثروة منذ عام 1975.وتتمثل العملية الخامسة بديناميكية الفائدة المركبة، والتي تسمح للأثرياء من خلال ترتيبات سياسية مواتية بالتربح من الاقتصاد من دون خلق أي ثروة جديدة في واقع الأمر، وكما لاحظ رجل الاقتصاد الفرنسي توماس بيكيتي، فإن هذه العملية ربما أدت دورا ما في ماضينا، ومن المؤكد أنها ستؤدي دورا أكبر في مستقبلنا. عند هذه النقطة لا بد أن يكون من الواضح لماذا بدأت الإشارة إلى تعقيدات التاريخ الاقتصادي، الواقع أن هذا التعقيد يعني ضمنا أن أي تعديلات نُدخِلها على اقتصادنا السياسي لابد أن تكون قائمة على عِلم الاجتماع السليم وأن يديرها زعماء منتخبون يعملون بصدق لمصلحة الشعب.يقودني التأكيد على التعقيدات إلى العامل النهائي الذي يؤثر في التفاوت بين الناس، ولعله الأكثر أهمية على الإطلاق: التعبئة الشعبوية. تميل الديمقراطيات إلى التعرض للانتفاضات الشعبية، وخصوصاً عندما تتسع فجوة التفاوت، لكن سجل مثل هذه الانتفاضات لابد أن يحملنا على التوقف برهة للتأمل. ففي فرنسا نَصَّبَت التعبئة الشعبوية إمبراطورا- نابليون الثالث الذي قاد انقلابا في عام 1851- وأطاحت بحكومات منتخبة ديمقراطيا في عهد الجمهورية الثالثة، وفي الولايات المتحدة شكلت التعبئة الشعبوية الأساس الذي قام عليه التمييز ضد المهاجرين، وأدامت عهد جيم كرو الذي اتسم بالفصل العنصري القانوني.وفي أوروبا الوسطى حملت التعبئة الشعبوية الغزاة الاستعماريين على الانضواء تحت راية البروليتاريا الأممية، وفي الاتحاد السوفياتي ساعدت التعبئة الشعبوية فلاديمير لينين على توطيد سلطته، مع عواقب كارثية لم تتفوق عليها سوى أهوال النازية، التي حُمِلَت هي أيضا إلى السلطة على موجة شعبوية.كانت الاستجابات الشعبوية البنّاءة للتفاوت بين الناس أقل كثيرا، لكنها ينبغي أن تُذكَر بكل تأكيد، ففي بعض الحالات، ساعدت النزعة الشعبوية في توسيع حق الانتخاب؛ واستنان ضريبة تصاعدية على الدخل والتأمين الاجتماعي؛ وبناء رأس المال المادي والبشري؛ وفتح الاقتصادات، وإعطاء الأولوية للتشغيل الكامل للعمالة؛ وتشجيع الهجرة. يعلمنا التاريخ أن هذه الاستجابات البنّاءة للتفاوت وعدم المساواة بين الناس جعلت العالم مكانا أفضل، ولكن من المؤسف- وفي هذا مخاطرة بالإفراط في التبسيط- أننا نفشل عادة في الانتباه إلى دروس التاريخ.* جايمس برادفورد ديلونغ | James Bradford DeLong، مساعد وزير الخزانة الأسبق في الولايات المتحدة، وأستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وباحث مشارك لدى المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية.«بروجيكت سنديكيت، 2017» بالاتفاق مع «الجريدة»
الديمقراطيات تميل إلى التعرض للانتفاضات الشعبية وخصوصاً عندما تتسع فجوة التفاوت