تنصلت الحكومة المصرية من مقترح قانوني يمكن الأجانب من الحصول على "الجنسية المصرية" مقابل مبالغ مالية، فبينما نفى المتحدث باسم الحكومة أن يكون المقترح حكومياً، أكدت مصادر سياسية وأخرى في اللجنة التشريعية للبرلمان أن الحكومة هي صاحبة مشروع القانون. وكثفت الحكومة المصرية مباحثاتها مع بعثة صندوق النقد الدولي، خلال الساعات الماضية، بغية الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، على 3 سنوات، بواقع 4 مليارات كل عام، لسد عجز الموازنة وتنفيذ البرنامج الاقتصادي للحكومة.
من جانبه، وبينما أجرى رئيس الحكومة المصرية شريف إسماعيل مباحثات مع بعثة صندوق النقد، مساء أمس الأول الاثنين، بحضور محافظ البنك المركزي ووزير المالية، علمت "الجريدة" من مصدر مطلع أن المباحثات تسير بشكل إيجابي، وأن الفائدة المقررة على قرض الصندوق تتراوح بين 1.1 و1.5%، وأن الحكومة أكدت للبعثة أن القرض سيتم توجيهه لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي. في السياق، قال وزير المالية المصري عمرو الجارجي، إن الحكومة أكدت لبعثة صندوق النقد أن مصر تسير وفق برنامج اقتصادي إصلاحي، حيث تم وضع شروط قبل التفاوض، بينها عدم إجراء أي خصخصة للشركات أو تنفيذ أي توصيات بتسريح عدد من العاملين في القطاع الإداري للدولة، وقال الجارحي لـ "الجريدة": "المباحثات مع بعثة الصندوق تسير بمرونة وإيجابية، والحكومة لا تتجه إلى رفع الدعم بالكلية، بل سيتم تقنينه ليصل إلى مستحقيه، ولفت إلى أن الوضع الاقتصادي بعد ثورة 25 يناير 2011 معقد".
تذبذب
على صعيد ذي صلة، وبالتزامن مع استمرار المباحثات بين الحكومة المصرية وبعثة صندوق النقد، عزز التراجع الجديد في سعر صرف الدولار الأميركي، مقابل الجنيه المصري في السوق الموازي، نظرية وجود تلاعب في سعر الدولار لمصلحة العديد من المنتفعين، خاصة أن معظم شركات الصرافة التزمت ببيع الدولار بالسعر ذاته الذي حددته الحكومة 8.88 جنيهات.وكان سعر صرف الدولار في السوق الموازي وصل الخميس الماضي إلى 13.25 جنيها، وقد تطرق الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أزمة الدولار خلال حديثه مع الشباب أمس الأول، وأكد أن الحكومة اتخذت إجراءات لإعادة ضبط سعر الدولار، وقريباً سيلتزم الجميع بالسعر الذي حدده البنك المركزي.وفي هذا الإطار، رفض الخبير الاقتصادي، أستاذ التمويل، مدحت نافع، الربط بين انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري في السوق الموازي، وقال لـ"الجريدة": "سعر الدولار في الوقت الحالي مذبذب، ولا يمكن التصور أن سعره الحقيقي كما كان في مراكز الصرافة أكثر من 13 جنيها للدولار، كما لا يمكن تصور أن سعره ثابت كما في البنك المركزي "8.80 جنيهات".وتطرق نافع لقيمة الفائدة على قرض صندوق النقد، حيث قال "فائدة 1.5% ليست كبيرة، والفائدة المزمع سدادها لاقتراض 3 مليارات دولارات عبر طرح سندات دولارية خارجيا ستصل إلى 7% وفقاً لتصريحات نائب وزير المالية".من جانبه أكد الخبير الاقتصادي، فخري الفقي، أن السبب الرئيس في رفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازي هو غياب الرقابة الحقيقية من الدولة على تلك المراكز، الساعية إلى تحقيق أرباح عبر عمليات المضاربة، ولفت في تصريحات لـ"الجريدة" إلى أن انخفاض سعر الدولار في الوقت الحالي مؤقت، وأن القيمة الحقيقية للدولار أمام الجنيه من 10 إلى 10.50 جنيهات، شريطة أن تقوم الدولة بالحفاظ على ذلك السعر بزيادة الاحتياطي النقدي من 17 إلى 30 مليار دولار.منح الجنسية
على صعيد آخر، أثار مقترح منح الجنسية المصرية للأجانب، الذي كشفه النائب البرلماني عن حزب "الوفد" محمود عطية، مقابل مليون دولار، غضبا شعبيا واسعا، فضلا عن أن المقترح لاقى تفاعلا من قبل نشطاء مواقع التواصل، حيث دشن رواد مواقع التواصل هاشتاغ "الجنسية مش للبيع".وسارعت الحكومة بالتملص من الاقتراح، حيث نفى المتحدث الرسمي، حسام قاويش، طرح الحكومة مشروع قانون بهذا الشكل، وقال لـ"الجريدة": "لم نناقش من الأساس فكرة منح المستثمرين الجنسية المصرية في مقابل استثمارات أو ودائع"، وتابع: "ما يتم تناوله على مواقع التواصل غير صحيح جملة وتفصيلا، ولم تناقشه الحكومة، وليس هناك قانون يسمح بذلك".لكن عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب، إيهاب الطماوي، قال إن ما طرحه النائب محمود عطية، بشأن منح الجنسية، هو جزء من مشروع قانون تقدمت به الحكومة وتعرضه في الوقت الحالي على مجلس الدولة لمراجعة صياغته القانونية.بدوره، نفى النائب محمود عطية صلته بالقانون، وقال لـ"الجريدة": "الحكومة هي صاحبة القانون وبصفتي البرلمانية أعربت عن موافقتي عليه، ولا أدري السبب في لصق القانون بي"، بينما قال مصدر أمني رفيع لـ"الجريدة"، إن الأمر مرفوض نهائيا لأسباب أمنية.وأعرب عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، اللواء حمدي بخيت، في تصريحات لـ "الجريدة"، عن رفضه فكرة منح الجنسية المصرية مقابل مليون دولار، وقال: "لا يمكن تصور تمرير القانون، فهو خطر على الأمن القومي"، في حين قال أستاذ القانون الدستوري رمضان بطيخ لـ "الجريدة": "الجنسية لا تباع ولا تشترى، والدستور الحالي أكد عدم المساس بالهوية المصرية أو التلاعب فيها"، بينما نفى عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أحمد عودة، علم الحزب باقتراح النائب عطية.ووصف مساعد وزير الخارجية الأسبق، معصوم مرزوق، مشروع القانون بـ"الرخيص"، وقال: "لا ينبغي الحديث عن الجنسية المصرية بهذا الشكل، والأمر يكشف مدى إفلاس مقدم القانون".ميدانيا، أسفرت الحملات التي نفذتها قوات الجيش الثاني جنوب مدن العريش والشيخ زويد ورفح، أمس الثلاثاء عن مقتل 14 تكفيريا، والقبض على 6 من المشتبه فيهم، إلى جانب تدمير عدد من البؤر الإرهابية، فيما قال مسؤول مركز الإعلام الأمني إن سيارة تابعة لكمين شرطي تابع لأمن الجيزة، كانت تقل عددا من المجندين، تعرضت أثناء سيرها أمس أعلى جسر 26 يوليو بمنطقة ناهيا، بدائرة قسم شرطة كرداسة في محافظة الجيزة "جنوب القاهرة"، لإطلاق نيران من مجهولين، ما أدى إلى إصابة 3 مجندين و5 مواطنين.