اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الغرب اليوم الثلاثاء بدعم الإرهاب والوقوف بجانب الانقلابات مشككا في علاقة تركيا مع الولايات المتحدة وقال إن "نص" محاولة الانقلاب الفاشلة الشهر الماضي "كتب في الخارج".

Ad

وفي خطاب اتسم بالطابع الهجومي ألقاه بقصره في أنقرة قال إردوغان إن المدارس المستقلة في الولايات المتحدة هي المصدر الرئيسي للدخل لشبكة رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن الذي يتهمه بتدبير الانقلاب الدامي في 15 يوليو تموز.

وقال إردوغان في خطاب إلى الممثلين المحليين للشركات المتعددة الجنسيات العاملة في تركيا "أطالب الولايات المتحدة (أن تحدد): أي نوع من الشركاء الاستراتيجيين نحن في الوقت الذي لا تزال تستضيف فيه رجلا طالبتكم بتسليمه؟"

وأضاف في تعليقات قوبلت بالتصفيق وبثت على الهواء مباشرة "محاولة الانقلاب هذه لها جهات فاعلة داخل تركيا لكن نصها كتب في الخارج. وللأسف الغرب يدعم الإرهاب ويقف بجانب مدبري الانقلاب."

وينفي كولن (75 عاما) الذي يعيش في منفاه الاختياري في ولاية بنسلفانيا منذ عام 1999 أي ضلوع له في محاولة الانقلاب الفاشلة. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن واشنطن لن تسلمه إلا إذا قدمت تركيا دليلا على ارتكابه مخالفات.

وعمقت تداعيات محاولة الانقلاب الفاشلة رقعة الخلاف بين أنقرة وحلفائها الغربيين. وأودى الانقلاب الذي قاد خلاله جنود متمردون طائرات مقاتلة وهليكوبتر ودبابات في محاولة للاستيلاء على السلطة بحياة أكثر من 230 شخصا.

ويشعر إردوغان وكثير من الأتراك بخيبة أمل إزاء الانتقاد الأمريكي والأوروبي لحملة من الإجراءات الصارمة في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة متهمين الغرب بالقلق على حقوق المتآمرين بدرجة أكبر من قلقهم من خطورة التهديد الذي تواجهه دولة عضو في حلف شمال الأطلسي.

واعتقل أكثر من 60 ألف شخص في الجيش والقضاء والخدمة المدنية والتعليم أو أوقفوا عن العمل أو وضعوا قيد التحقيق منذ محاولة الانقلاب مما غذى مخاوف بأن إردوغان يقوم بحملة عشوائية ضد جميع أشكال المعارضة مستخدما الوضع الحالي لتشديد قبضته على السلطة.

وقال إردوغان "إذا كان لدينا رحمة على الذين نفذوا محاولة الانقلاب فسنكون من تجب عليهم الشفقة."

وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري - أكبر أحزاب المعارضة - الذي أدان الانقلاب ويدعم رد فعل الحكومة حتى الآن إن ثمة خطرا بأن تستخدم حالة الطوارئ التي أعلنت في أعقاب الانقلاب لإجراء تغييرات شاملة للقوات الأمنية من دون دعم برلماني مناسب.

وقال كمال كليجدار أوغلو في اجتماع لحزبه "ما من شك أن القانون بشأن حكم الطوارئ أصدر طبقا للدستور. لكن هناك قلقا من أن يستخدم تطبيقه لتجاوز الهدف.

"ربما يكون ضروريا إعادة هيكلة الدولة من دون شك لكن هذا الموضوع يجب عرضه على البرلمان."

* جيش "مثل جيش صدام"

أصدر إردوغان مرسومين بعزل نحو ثلاثة آلاف عضو في ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي منذ الانقلاب بما في ذلك أكثر من 40 في المئة من جنرلاته. كما أغلق المدارس العسكرية العليا ووضع قادة القوات تحت سيطرة أشد للحكومة.

كما لاقت الإصلاحات الواسعة في الجيش انتقادات من المعارضة القومية التي تدعم إلى حد بعيد حتى الآن استجابة الحكومة للانقلاب وتعهدت بدعم أي تحرك لإعادة تطبيق عقوبة الإعدام على المتآمرين شأنها في ذلك شأن حزب الشعب الجمهوري.

وقال زعيمها دولت بهجلي إن التغييرات تجازف بتحويل جيش تركيا إلى قوة مثل جيش صدام حسين أو معمر القذافي.

وأضاف بهجلي لأعضاء حزب الحركة القومية في تصريحات وصف خلالها التغييرات بأنها متسرعة "إذا سحقت تقاليد ومبادئ القوات المسلحة التركية في مسعى لإصلاح مشكلات هيكلية فستشبه إذن جيش صدام أو القذافي."

وانتقد تحركا يجبر قادة القوات على رفع التقارير مباشرة إلى وزير الدفاع قائلا إن ذلك "سيدمر تسلسل القيادة".

وقال إردوغان في خطابه إن إصلاح الجيش ضروري لمنع أتباع كولن من تدبير محاولة انقلاب أخرى.

وتابع قائلا "إذا لم نتخذ هذه الخطوة فسيسطر أعضاء منظمة كولن هذه على الجيش وسيوجهون الطائرات والدبابات التي جرى شراؤها بضرائب شعبنا ضده."

وأضاف "لا عودة للوراء"

وأبلغ إردوغان ممثلي الشركات العالمية الذين كانوا يستمعون إلى خطابه أنه يتفهم حساسيات مجتمع الأعمال متعهدا بإصلاحات لجعل الاستثمارات الأجنبية أكثر جاذبية وقال إن الآفاق الاقتصادية تتحسن مجددا بعد تقلبها في أعقاب الانقلاب.

ونقل عن وزير الجمارك والتجارة بولنت تفنكجي قوله في وقت سابق إن كلفة محاولة الانقلاب بلغت ما لا يقل عن 300 مليار ليرة (100 مليار دولار).

ونقلت صحيفة حريت عنه قوله "طلبيات من الخارج ألغيت. الناس لا يستطيعون القدوم لأن مدبري الانقلاب جعلوا تركيا أشبه بدول العالم الثالث."

* أوامر اعتقال لمسعفين عسكريين

أثار الانقلاب وحملات التطهير التي تلته القلق بشأن مدى الثقة في تركيا كحليف بحلف شمال الأطلسي وقدرتها على حماية نفسها من تهديد متشددي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والمتمردين الأكراد في جنوبها الشرقي. ونفذ متشددو الدولة الإسلامية والمتمردون الأكراد تفجيرات في تركيا على مدار العام المنصرم.

وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم "من الضروري لأمننا القومي أن تعاد هيكلة القوات المسلحة التركية لتواجه تحديات جديدة ولتوزيع كل طاقتها على أنشطتها الأساسية."

وأضاف يلدريم أن السلطات المدنية سيطرت على مصانع وأحواض بناء سفن تابعة للجيش في إطار إعادة الهيكلة الجارية.

وقال مسؤول إن أوامر اعتقال صدرت اليوم الثلاثاء أيضا بحق 98 طبيبا في مستشفى أكاديمية جولهان الطبية العسكرية (جاتا) المرموقة في أنقرة لدورها المزعوم في تمكين شبكة (الخدمة) من التسلل إلى الرتب الأعلى.

وأضاف المسؤول "جاتا هامة لأنها الجهة التي تصدر التقارير الخاصة باللياقة البدنية والصحة. هناك دليل قوي يشير إلى أن أعضاء الخدمة تسللوا إلى هذه المؤسسة لإبطاء تقدم منافسيهم المهني داخل الجيش والإسراع بتقدم أتباعهم."

كما تعهد إردوغان بتعزيز أجهزة المخابرات التركية واستئصال نفوذ كولن الذي ينحي باللائمة على سيطرته على الجهاز الأمني في نقص معلومات المخابرات قبيل الانقلاب. وأوقفت وكالة المخابرات التركية (إم.آي.تي) بالفعل عن العمل 100 من العاملين فيها وألمح إردوغان إلى إخضاعها لسلطة الرئاسة.

ويتهم إردوغان كولن بتسخير شبكته الواسعة من المدارس والمنظمات الخيرية والشركات التي بناها في تركيا وخارجها على مدار عقود لإنشاء "دولة موازية" تستهدف السيطرة على البلاد.

ووعدت باكستان وزير خارجية تركيا الزائر اليوم بأنها ستحقق للتوصل إلى حقيقة شبكة مدارس تريد أنقرة إغلاقها وتتهمها بأنها على صلة بكولن لكن لم تصل إلى حد إغلاقها.

وتلقت تركيا ردودا مماثلة بعدم الالتزام بالإغلاق من دول منها ألمانيا وإندونيسيا وكينيا على طلبات في الأسابيع الأخيرة.