هل انتظرت في الحياة فرحتك "الكبرى"؟!

هل أنت من المؤمنين بأن في حياة كل فرد فرحة "كبرى"؟! أو أولئك الذين يزيدون على ذلك بقولهم: نعم ولكن، قد لا يصادفها؟

Ad

هل أنت ممن يؤمنون بالعدالة الدينية أو الدنيوية، وعلى يقين بأن هذه العدالة حتماً ستكافئك في وقت ما مقابل أحزانك الصغرى والكبرى بفرحة "كبرى" توازي ألمهما معاً؟

أم من فئة الذين غُزلت قناعتهم من قُبح الواقع، ويرون أن الفرحة "الكبرى" لا تأتي على طبق من ذهب، وأن السماء لا تمطر فضة؟!

إن كنت أحد هؤلاء، فأنت واهم! ليس هناك في الحياة الدنيا فرحة كبرى، لدينا أحزاننا الكبرى، ويكفي المرء واحدة منها ليصاحبه وجعها ما تبقى من العمر كله، بعض جمر في بعض حزن لا ينطفئ، ودمع يجيب النداء قبل النداء، قد تصعّب الحياة اختبارها على أي أحد منا بغرس غصن من الحزن بين ضلوعه لا يذبل، ليصبح ذلك هو حزنه الكبير، لكن الحياة لم تهدِ أحداً قط فرحة كبرى توازي في أثرها أثر الفقد مثلا.

فمن الطبيعي أن يكتفي العمر بحزن كبير يغنيه عن كل ما تبقى من الأحزان، ولكن فرحة واحدة مهما كبرت في العمر لا تكفي، قد يحتمل المرء أن يعيش بجرح لا يندمل وما تبقى من الحياة بالأفراح، وبينما يستحيل العيش عمرا لا يحمل من الفرح سوى لحظة كبرى يتيمة، لذا كان من الرحمة بنا أنه ليس هناك فرحة كبرى، إنما تهدينا الحياة أفراحها كأقراص الدواء التي سيزول مع الزمن أثرها مهما عمّرت، بعضها كبير ويلاحظ، وبعضها قد لا يُرى، ربما ليس لصغر حجمها، ولكن لأن جزءا كبيرا منا لا يرى! اللهث وراء احتياجات العيش، مع صعوبة الحياة وضغطها المتزايد تجعلنا لا نرى بقلوبنا كما نرى بعيوننا، هذا مر بك، فنحن نحاول التركيز ما استطعنا على طريقنا في الحياة، إلا أن التركيز في الطريق كثيراً ما يفوت علينا متعة الطريق! لذا نحن لا نرى، قطعا جزء منا "يفعل" ذلك، لا يرى الأفراح الصغيرة التي تمنحها له الحياة في كل يوم، منتظرا فرحته الكبرى، ولا يرى أن الذين تعاملوا مع الحياة بحكمة هم أولئك الذين اعتبروا كل فرحة قد لا تراها العين، ولكن يبصرها القلب هي فرحة كبرى، ولو رأوا واحدة أخرى بعدها، وإن كانت أصغر حجماً، اعتبروها كذلك أيضاً.

كثير منا لا يرى أن لحظات فرح كثيرة تتساقط من بين أصابع قلبه، وأهمل النظر في لحظات كثيرة، ظنا منه أنها لا تستحق، لم يرَ تلك اللحظة بقلبه، فقلبه في انتظار فرحة أكبر منها، بينما لن يجرؤ أن يفوت الشعور بحزن في انتظار الشعور بحزن أكبر منه، فهناك حزن أكبر، وليس هناك فرح أكبر، الشعور بالفرح قد يُفوّت، إنما لا نفعل ذلك مع الحزن، الفرح ليس ندّا للحزن، وليس نقيضه، إنما ندّ الحزن السعادة، والسعادة لن تزور قلوبنا ما لم نؤثثها بأفراحنا الصغرى!