فقدت مصر، أمس الأول، العالم الكبير أحمد زويل الحائز جائزة نوبل في الكيمياء، عن عمر يناهز 70 عاماً، حيث وافته المنية في الولايات المتحدة الأميركية بعد أزمة صحية ألمت به خلال زيارته إلى ابنته، في حين أعلنت الحكومة المصرية تنظيم جنازة عسكرية للعالم الذي كانت وصيته الأخيرة لأسرته أن يوارى جثمانه الثرى في مصر.

وأصدرت الرئاسة المصرية، أمس الأربعاء، بياناً نعت فيه زويل، جاء فيه: "فقدت مصر ابناً باراً وعالماً نابغاً بذل جهودا دؤوبة لرفع اسمها عالياً في مختلف المحافل العلمية الدولية، وتوَّجها بحصوله على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 تقديراً لأبحاثه في مجال علوم الليزر واكتشاف الفيمتو ثانية".

Ad

كما نعاه مجلس الوزراء، مثمنا الجهود التي بذلها في سبيل رفعة بلاده بكل وطنية وإخلاص، من خلال وضع لبنة إنشاء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، والتي تمثل مشروع مصر القومي للنهضة العلمية، والتي تهدف لرعاية العقول النابغة، في حين أكد الأزهر في بيان له أن "التاريخ سيذكر بحروف من نور العالم الكبير بأبحاثه القيمة ومجهوداته البارزة في العلوم الكيميائية والفيزيائية التي أحدثت ثورة علمية حديثة، وساهمت بشكل كبير في نفع البشرية".

في موازاة ذلك، أكد مصدر مسؤول لــ"الجريدة" أن الرئيس عبدالفتاح السيسي سيشارك في جنازة زويل التي ستنطلق من مسجد المشير طنطاوي بمنطقة "التجمع الخامس" (شرق القاهرة)، مضيفا أن "مصر فوضت سفير مصر في واشنطن لتسهيل إجراءات عودة جثمان زويل إلى مصر، وأن طائرة خاصة ستنقل الجثمان حال تعذر وجود طائرة لنقله وسيُدفن في مقابر (السادس من أكتوبر)".

في المقابل، أكد مستشار الدكتور زويل، شريف فؤاد، لـ"الجريدة"، أن أسباب الوفاة غير معلومة حتى الآن، لكن العالم الكبير دخل مشفى في ولاية كاليفورنيا قبل أيام حيث أصيب بوعكه صحية، وليس معروفاً ما إذا كان سببها مرتبطا بإصابته بمرض السرطان من عدمه.

رحلة زويل

ولد زويل في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة عام 1946، حيث عاش مع أسرته أربع سنوات قبل أن تنتقل الأسرة إلى محافظة كفر الشيخ (شمال القاهرة)، وتلقى تعليمه الأساسي هناك، ثم التحق بكلية العلوم في جامعة الإسكندرية، وحصل على بكالوريوس في الكيمياء بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وعُين معيداً في الكلية، كما حصل على الماجستير في "علم الضوء"، وسافر بعدها إلى الولايات المتحدة في منحة دراسية للحصول على الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا في علوم الليزر.

بدأ زويل حياته في أميركا بعد الدكتوراه كباحث في جامعة كاليفورنيا مدة ثلاث سنوات، وانتقل منها للعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا بجامعة "كالتك" التي استمر بالعمل فيها حتى وفاته، حيث تدرج في المناصب العلمية والدراسية داخل الجامعة، حتى وصل إلى أرفع منصب علمي، وهو أستاذ رئيسي لعلم الكيمياء.

العالم الراحل نشر أكثر من 350 بحثاً علمياً في المجلات العلمية المختلفة، وله عدة مؤلفات بالإنكليزية والعربية، أبرزها كتاب "رحلة عبر الزمن... الطريق إلى نوبل" الذي نشره بعد حصوله على جائزة نوبل بالكيمياء في 21 أكتوبر عام 1999، ليصبح بذلك ثاني عربي ينال الجائزة في الكيمياء بعد 9 سنوات من فوز العالم الأميركي من أصل لبناني إلياس جيمس خوري بالجائزة في الفرع ذاته.

واختراع زويل وفريقه العلمي لما يُعرف بـ"وحدة الفيمتوثانية" التي حصل عنه على جائزة نوبل، نال أيضاً عنه عدة جوائز وأوسمة وصلت إلى 31 جائزة دولية، في حين منحته مصر "قلادة النيل" أرفع وسام مصري بعد حصوله على جائزة نوبل، كما اخترع زويل "ميكروسكوبا" يقوم بتصوير أشعة الليزر في زمن مقداره "فيمتوثانية" - جزء من مليون مليار جزء من الثانية - مكن العلماء من رؤية الجزيئات المتناهية الصغر أثناء التفاعلات الكيميائية.

وقُيد اسم زويل في قائمة الشرف بالولايات المتحدة، التي تضم أهم الشخصيات التي ساهمت في النهضة الأميركية، وجاء اسمه أيضاً في المرتبة التاسعة من بين 29 شخصية بارزة باعتباره أهم علماء الليزر في أميركا، حيث تضم القائمة "ألبرت أينشتاين وغراهام بيل".

وفي أبريل 2009، أعلن البيت الأبيض اختيار زويل ضمن مجلس مستشاري الرئيس الأميركي للعلوم والتكنولوجيا، الذي يضم 20 عالماً مرموقاً في عدد من المجالات.

ولم تُعرف عن العالم الراحل آراء سياسية حتى ثورة يناير 2011، حيث وصل من أميركا خلال أيام الثورة وحاول تبني مقترح لبقاء الرئيس الأسبق حسني مبارك في السلطة وتولي مدير المخابرات آنذاك اللواء عمر سليمان مهمة إدارة المرحلة الانتقالية، في حين أعلن صراحة رغبته في الترشح للرئاسة بعد سقوط نظام مبارك، لكنه أعرب عن ضيقه لاحقاً من وضع شرط دستوري يمنع مزدوجي الجنسية من الترشح للرئاسة، حيث حصل على الجنسية الأميركية عام 1981.