قد يصمت الفقراء في الدول الفقيرة طويلا على إخفاقات حكوماتهم، وقد يدوم ذلك الصمت دهراً طالما تغذى على حقيقة ملموسة هي أن بلادهم الفقيرة خاوية من "القرش" وأسماك القرش البشرية.

في بلد مثل الكويت يصعب تصديق أن البلد يمر بأزمة اقتصادية، ليس لأنها غير موجودة، ولكن لأن الناس تعجز عن هضم ما يقال عن سياسة الترشيد، وأن الحكومة تبدأ بنفسها عادة قبل الناس!!

Ad

إن "الثقة" شيء ثمين لا يشترى بالمال، وواقع الحال يقول إن بين ثقة الناس والحكومة جداراً سميكاً من التجارب والخيبات الموثقة، واليوم مطلوب من الرأي العام تصديق مجموعة من المعجزات؛ أولها رفع أسعار البنزين سيجلب الفوائد على الاقتصاد الكويتي، وآخرها قدرة الحكومة على لجم آثار الزيادة وحصرها داخل جزيرة الحزم والمتابعة الدورية!!

لقد استقرت الطمأنينة وسط صدر الحكومة، وغرّها الهدوء النسبي في الساحة السياسية، اختبرت أقصى ما يثيرهم وفعلته، وتجرأت على كل ما كانت تخشاه فلم يتعدَّ رد الفعل "هاشتاق"، إذاً ما المانع من تحميل جيوب أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية وزر سياسات فاشلة لم يكن لهم فيها رأي أو مشورة؟

ما أراه ليس زيادة في أسعار البنزين قد يراها البعض طفيفة، ما أراه هو بداية متجددة لسقوط أول حجر في لعبة ارتفاع الأسعار ستبدأ بالبنزين وتنطلق نحو المجهول في حياة الواقع، عندها فقط سيعرف البعض فداحة الصراع الطبقي، وسيرى بأم عينه متانة الارتباط بين مصالح قلة القلة داخل السلطة، وداخل الطبقة التجارية في هذه المرحلة.

أخيرا عنوان المقال (ر.س .ب) هو اختصار لجملة "رفع سعر البنزين"، وأيضا وصف بليغ لحال ما سمي مجلس "المناديب" حين "رسب" في صد الحكومة عن نزع آخر ورقة توت عنه أمام الناس، وجعل آخر المدافعين عنه يشعرون بالخجل.