قال مسؤولون اليوم الأربعاء إن تركيا ستنتهي سريعا من إصلاح وكالة المخابرات وستكون هناك تعيينات جديدة في قوات الدرك بينما تحاول تطهير جهازها الأمني من أتباع رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن الذي تنحي عليه باللائمة في الانقلاب.

وقال الرئيس طيب إردوغان إن التعيينات الجديدة في قوات الدرك المسؤولة عن الأمن في المناطق الريفية والتي لها دور رئيسي في قتال المتمردين الأكراد ستتم خلال 48 ساعة.

Ad

وقال وزير الداخلية التركي إفكان آلا إن العمل على إعادة هيكلة وكالة المخابرات التركية يجري على قدم وساق و"يجب ألا يستغرق وقتا طويلا".

واعتقل أكثر من 60 ألف شخص في الجيش والقضاء والخدمة المدنية والتعليم أو أوقفوا عن العمل أو وضعوا رهن التحقيق منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو تموز مما غذى مخاوف بين الحلفاء الغربيين والجماعات الحقوقية بأن إردوغان يستغل هذه الأحداث لاتخاذ إجراءات صارمة ضد جميع أشكال المعارضة.

وتقول الحكومة إن حملات التطهير مبررة في ظل خطورة التهديد الذي تواجهه الدولة. وقتل أكثر من 230 شخصا في محاولة الانقلاب التي قصف فيها البرلمان بطائرات ودبابات تركية للمرة الأولى في التاريخ.

وفي خطاب أمام مديرية الشؤون الدينية وهي أعلى سلطة دينية في البلاد قال إردوغان إنه أساء في بادئ الأمر قراءة نوايا فتح الله كولن الذي كانت شبكة أتباعه في وقت من الأوقات حليفة مقربة لحزبه العدالة والتنمية الحاكم.

وأضاف إردوغان "لم نتوقع أن لهذا الهيكل خططا ماكرة" واصفا كولن بأنه "دجال في بنسلفانيا" حيث يعيش في منفاه الاختياري منذ 1999.

وتابع الرئيس التركي "أشعر بحزن شديد لحقيقة أننا لم نتمكن من رؤية الوجه الحقيقي لهذه الجماعة الوحشية من قبل ...فليسامحني شعبي وربي."

وقال محمد جورميز أكبر رجل دين في تركيا إن حركة كولن يجب ألا ينظر لها كجماعة دينية واصفا إياها بالمنظمة الإرهابية وقال إن من "واجبنا الأخلاقي" أن نقف ضد هياكل من هذا القبيل.

وأضاف "إن منظمة يمكن أن تذبح أشخاصا أبرياء في ليلة واحدة لا يمكن أن تكون مرتبطة بالإسلام."

وفي مقابلات من منتجعه في جبال بوكنوس ندد كولن بالانقلاب ونفى أي ضلوع له فيه. ويحمل رجل الدين السني (75 عاما) رسالة حوار بين الأديان وبنى شبكة عالمية من المدارس والمؤسسات على مدى عقود.

وبعد صعوده إلى السلطة في 2002 أصبح حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية والذي أسسه إردوغان معتمدا على أتباع كولن في حربهما المشتركة ضد الجيش والذي يعتبر نفسه منذ فترة طويلة حاميا للنظام العلماني.

وكان ممثلو الادعاء من أتباع كولن هم من قاموا بشكل أساسي بوضع لبنات المحاكمات التي استهدفت القيادات العليا في الجيش على خلفية مؤامرتين كبيرتين وذلك بعدما نجا إردوغان وحزبه بالكاد من الحظر في 2008.

تطهير العلماء

قال مسؤول حملات التطهير التي تستهدف من يشتبه بأنهم أتباع كولن إنها امتدت إلى هيئة الأبحاث العلمية والتكنولوجية (توبيتاك) والتي تعرضت مكاتبها لمداهمة يوم الأحد. وذكر تلفزيون (ان.تي.في) إن "عديدا من الأشخاص" اعتقلوا لكن المسؤول رفض الخوض في التفاصيل.

وتمول توبيتاك مشروعات البحث العلمي في الجامعات والقطاع الخاص ويعمل بها أكثر من 1500 باحث وفقا لموقعها الالكتروني.

وفي أول زيارة إلى تركيا لمسؤول أوروبي رفيع المستوى منذ الانقلاب الفاشل قال رئيس مجلس أوروبا - الهيئة المعنية بحقوق الإنسان- إن على تركيا أن تحاسب المسؤولين عن محاولة الانقلاب التي وقعت الشهر الماضي لكن هذا يجب أن يتم مع مراعاة سيادة القانون وحقوق الإنسان.

وقال الأمين العام للمنظمة ثوربيون ياجلاند إن أوروبا لا تستوعب بصورة كاملة إلى أي مدى اخترقت "هذه الشبكة السرية" الجيش والقضاء في تركيا لتشكل تهديدا على المؤسسات الديمقراطية.

وأضاف "محاولة الانقلاب شائنة ..علقت عضوية تركيا في مجلس أوروبا في آخر مرة شهدت فيه انقلابا. لو كان صانعو الانقلاب فازوا في تلك الليلة فإني على يقين تام أن الشيء نفسه كان سيحدث."

وتابع في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو "نرى حاجة لتطهير هذا كله. من المهم أن يتم فعل ذلك طبقا لحكم القانون وحقوق الإنسان."

ويشعر إردوغان وكثير من الأتراك بخيبة أمل إزاء الانتقاد الأمريكي والأوروبي لحملة من الإجراءات الصارمة في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة متهمين الغرب بالقلق على حقوق المتآمرين بدرجة أكبر من قلقهم من خطورة التهديد الذي تواجهه دولة عضو في حلف شمال الأطلسي.

وأصدر إردوغان مرسومين بعزل نحو ثلاثة آلاف عسكري في ثاني أكبر جيش بحلف شمال الأطلسي منذ الانقلاب الفاشل بينهم أكثر من 40 في المئة من الجنرالات. وأغلق كذلك المدارس العسكرية العليا وأخضع قادة القوات لرقابة حكومية شديدة.