الثاني من أغسطس

نشر في 05-08-2016
آخر تحديث 05-08-2016 | 00:04
درس الغزو الذي أتمنى أن أراه كل يوم يدور في فلك اللحمة الوطنية التي وحدت كلمتنا، وجمعتنا على قلب رجل واحد، شيخ ومواطن، شيعي وسني، بدوي وحضري، فكان لنا ما أردنا بفضل الله الهدف الأسمى، وهو تحرير الكويت وعودة الشرعية.
 أ. د. فيصل الشريفي قبل أيام بعث لي أخي الكبير العميد متقاعد عبدالله أبا الخيل فيديو لحفل أقيم بمناسبة تكريم مجموعة من المؤسسات الحكومية والأهلية والشخصيات التي ساهمت بشكل مباشر في رعاية الكويتيين بإمارة الباحة بالمملكة العربية السعودية أيام الاحتلال العراقي للحبيبة الكويت.

هذا الحفل أقيم تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن عبدالعزير آل سعود، رحمة الله عليه، وبحضور نائبه الأخ العزيز الأمير فيصل بن محمد بن سعود، الذي كان يبذل قصارى جهده لراحة الكويتيين بتوفير كل احتياجاتهم المعيشية.

سبق هذا الحفل معرض صور استعرض انتهاكات الغازي على بلدي الكويت، وأثناء التجوال بالمعرض طلب مني الأمير فيصل أن أكون عريفاً للحفل، بعد أن أبلغوه أن عريف الحفل لن يتمكن من الحضور لأسباب خارجة عن إرادته، فاعتذرت لسموه بعدم استعدادي، كما أن الكلمة كانت بحوزة المذيع، لكنه ورغم ذلك أصر هامساً في أذني "فيصل ما يخرج من القلب يدخل إلى القلب".

هكذا وبلا تحضير صعدت المنصة وبدأت الحديث، بعد تحية راعي الحفل، بكلمات كانت تمثلني بما تعني الكلمة من معنى، حتى إن سموه وأثناء تكريم المكرمين استدعاني لأكون واحداً منهم، وقال راهنت عليك وكسبت الرهان.

هذا اليوم كان مليئاً بالأحداث، ففي آخر ساعات الليل اتصل سموه مهنئاً ببداية تحرير الكويت، هذه الساعة التي ملأت قلوب كل الكويتيين في الداخل والخارج بالفرح، ملأتها بالسعادة التي لا توصف ببداية عودة الكويت إلى أهلها.

إن كان صدام استطاع أن يحتل الكويت لبضعة أشهر فهو لم يستطع فصل محبة الكويت عن أهلها، حيث كانت التضحيات والتلاحم الذي قدمه الكويتيون الصورة التي أبهرت العالم، والمشهد الذي لن يتكرر في التاريخ، دولة تُحتل بالكامل يظل شعبها متمسكاً بالشرعية، ويظل حاكمها الأمير الراحل جابر الأحمد الصباح، أمير القلوب، طيب الله ثراه، متمسكاً بشعبه في كلمته التي ألقاها أمام رؤساء العالم في منظمة الأمم المتحدة، ليبكي ويُبكي العالم من حوله.

درس الغزو الذي أتمنى أن أراه كل يوم يدور في فلك اللحمة الوطنية التي وحدت كلمتنا، وجمعتنا على قلب رجل واحد، شيخ ومواطن، شيعي وسني، بدوي وحضري، فكان لنا ما أردنا بفضل الله الهدف الأسمى، وهو تحرير الكويت وعودة الشرعية.

للأسف هذه الأيام نقف على واقع مختلف، فلا يكاد يوم يمر إلا وهناك من يشكك في ولاء فلان، وهناك من يخوّن فلاناً، حتى صارت حرية التعبير نقمة بدل أن تكون نعمة وسبباً في الاجتماع على كلمة سواء، حتى صار إبداء وجهة النظر يسبقه تبرير.

لست في موقع الناصح لأحد، لكن وصلت الحال إلى ما وصلت إليه من تفريط في مفهوم الوطنية والولاء، مع أن الدستور كفل حرية الرأي والاعتقاد والتعبير، وراعى الثوابت الوطنية والاجتماعية في صون الكويت من المخاطر، فالولاء يجب أن يظل للكويت، ومصلحتها يجب أن تبقى فوق كل المصالح.

حفظ الله الكويت وأميرها من كل مكروه.

ودمتم سالمين.

back to top