عثر مكرم سلامة على خمسة خطابات نادرة بخط يد شاهين تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، متبادلة بينه وبين المنتج جبرائيل تلحمي، فضلا عن نحو 150 صورة نادرة لكواليس تصوير ثلاثة من أهم الأفلام في مسيرة شاهين في السينما المصرية هي: {باب الحديد، صراع في الوادي، صراع في الميناء}، يظهر فيها خلف الكاميرا مع أبطال أفلامه، في مشاهدات نادرة، نظرا لما كان معروفاً عن شاهين طوال تاريخه ومسيرته السينمائية، بفرض سياج من السرية حول {بلاتوه} تصوير أفلامه، لدرجة منع الصحافيين والمصورين من دخوله، ورفضه تسريب أي مشاهد لأفلامه أثناء تصويرها وكأنها سر حربي مقدس.

Ad

خلف الكاميرا

بعد عام من وفاة يوسف شاهين اشترى معهد {باسادينا} للسينما بكالفورنيا هذه الوثائق من مكرم، لضمها إلى المقتنيات الموجودة عن طلابه الذين أثروا الحركة السينمائية في بلادهم والعالم، من بينهم يوسف شاهين، أحد خريجي المعهد، وما زال مكرم محتفظا بصورة طبق الأصل منها.

يكشف مكرم أن الصور، كانت ضمن مقتنيات جبرائيل تلحمي- منتج أفلام شاهين الأولى- وعقب وفاته، منذ سنوات، أخلا ورثته مكتبه في وسط القاهرة، من كل ما فيه من أوراق ومستندات وأثاث، وباعوها إلى أحد أصحاب صالات المزادات، فاشتراها مكرم، من بينها {نيغاتيف} عندما حمضه، ذهل من المفاجأة، إذ كان يحتوي، على making أهم ثلاثة أفلام في تاريخ شاهين السينمائي من إنتاج جبرائيل تلحمي، ويظهر شاهين خلف الكاميرا، مع أبطال أفلامه بالكواليس، قبل التصوير، وتدريبهم على المشاهد.

تظهر صور {باب الحديد} مشاهد لهند رستم، بطلة الفيلم، خلف الكاميرا، أثناء المكياج، وأمام الكاميرا، فيما تظهر مشاهد كواليس {صراع في الوادي} شاهين خلف الكاميرا في معبد الكرنك بالأقصر، موجها الفنان الراحل حمدي غيث والنجم عمر الشريف، الوجه الجديد وقتها، فضلاً عن صور أخرى له مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، أما كواليس فيلم {صراع في الميناء} الذي صُوّر بمدينة الإسكندرية، فتعتبر الأندر، وفيها يظهر شاهين في لقطات نادرة خلف الكاميرا أيضاً، مع صديق عمره وبطل الفيلم عمر الشريف في لقطات عفوية، وأخرى مع فاتن حمامة أثناء توجيهها قبل التصوير.

أزمات ومعارك

يكشف مكرم لـ{الجريدة} أن أزمات عدة رافقت إنتاج فيلم {باب الحديد} (1958)، وأن بطله الأول كان شكري سرحان، بدل فريد شوقي، إلا أن خلافاً حول النواحي المادية بين سرحان والمنتج جبرائيل تلحمي، أدى إلى انتقال الدور إلى فريد شوقي، إضافة إلى المعركتين الشهيرتين للفيلم نفسه، الأولى بين شاهين وأحمد علام، نقيب السينمائيين آنذاك، وتهديد شاهين بالسجن، إلا أنه نجح في الحصول على عضوية النقابة والسماح له بأداء دور {قناوي}.

أما معركة {شاهين} مع الرقابة على السينما في مصر، فبدأت مبكراً في مسيرته السينمائية مع {باب الحديد} أيضا، فبحسب مكرم، مستندا إلى كتاب {100 عام من الرقابة على السينما} للباحث محمود علي، الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة عام 2008، في العام الذي شهد وفاة شاهين، فإن {باب الحديد} كان مهدداً بعدم الترخيص للسيناريو من قبل وزارة الداخلية، إذ وصل إلى الرقابة خطاب يحمل صفة {سري وعاجل} صادر من إدارة الأمن العام في وزارة الداخلية، يطلب من الرقابة رفض السيناريو ومنع إجازته نهائياً، بزعم أن العمال وقتها كانوا على عداء واضح مع ثورة يوليو 52، بعد إعدام ثلاثة من زملائهم، والفيلم يحرض العمال على إنشاء نقابات للحصول على حقوقهم في مواجهة السلطة، والمفاجأة أن الرقابة كانت وافقت على السيناريو، في تاريخ سابق على خطاب الأمن العام، وحصل شاهين على صورة ضوئية بالموافقة المبدئية قبل التعديلات النهائية للسيناريو، مما أوقع الأديب الراحل يحيى حقي- رئيس الرقابة وقتها- في مأزق خشية رفع شاهين دعوى قضائية ضد الرقابة ووزارة الثقافة ومطالبتها بتعويض مادي وأدبي.

يتابع مكرم أن التصوير انتهى بسلام وقتها، لكن يوم عرضه سينمائيا على الرقابة لإجازاته، نشبت معركة كلامية عنيفة بين شاهين ومندوب وزارة الداخلية، بعدما طلب منع مشهد ضرورة تكوين {نقابة للشيالين} لحمايتهم من استغلال البلطجية، وهو موجود بالسيناريو ومصرح بتمثيله ، إلا أن شاهين أصر على وجوده استنادا إلى أن القانون يجيز شرعية تكوين النقابات العمالية.