اقترب الاحتلال العسكري الروسي من إكمال عامه الأول، الذي ارتكبت خلاله القوات الروسية من قتل ودمار وخراب وبشاعات في دولة عربية من المفترض أنها ذات سيادة، ربما ما لم يرتكبه النازيون ضد العديد من الدول الأوروبية في الحرب العالمية الثانية، وأيضاً ما لم ترتكبه القوات السوفياتية في أفغانستان، وكل هذا في حين أن بعض العرب العاربة والعرب المستعربة مازالوا يعتبرون نظام فلاديمير بوتين وشريكه سيرغي لافروف نظاماً صديقاً، ويعتبرون روسيا دولة بالإمكان وضع الأيدي العربية في يدها، والتعامل والتعاطي معها في المجالات كافة، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وفي كل شيء. آخر ما يثبت أن بوتين يلعب لعبته الدولية والإقليمية في سورية، استخدامه أقصى ما يمكن استخدامه من افتراءات وأكاذيب، ومن هجمات جوية، ومن قصف صاروخي ومدفعي أكل الأخضر واليابس، على أساس أن الغاية تبرر الواسطة أو الوسيلة، وأنه ماضٍ فيما بقيت قواته المحتلة تفعله منذ غزوها لهذا البلد في سبتمبر الماضي، إلى أن تستعيد روسيا مكانة الاتحاد السوفياتي في المعادلة الدولية، وإلى أن تستعيد نفوذ الدولة السوفياتية في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط والعالم، في فترة سابقة كان عنوانها الحرب الباردة وصراع المعسكرات.
ويقيناً أنه بالنسبة لنا كعرب لا يهمنا ولا يعنينا أن تُمرِّغ موسكو أنف الولايات المتحدة بالتراب، وأن تفرض ما تريد فرضه على هذه الإدارة البائسة التي على رأسها باراك أوباما لو لم يستغل الروس لحظة تاريخية عربية مريضة ويحتلون هذا البلد العربي ويفرضون نظاماً عائلياً - طائفياً على شعبه بالقوة والعنف، ويحولون مدنه الجميلة إلى خرائب، وأهله إلى لاجئين وسكان قبور وغرقى في بحور الظلمات. هل يعقل يا ترى أن يبادر وزير خارجية دولة استعادت تواً بعض مكانتها كدولة كبرى، لا كعظمى، ويقذف في وجه العالم كذبة مدوية و"فاقعة" باتهام المعارضة السورية "المعتدلة جداً وأكثر من اللزوم" بأنها هي التي استخدمت أخيراً الغازات السامة المحرمة دولياً في إدلب وحلب؟، مع أنها واثقة بأنه حتى أعمى البصر والبصيرة يعرف أن هذه المعارضة لا تملك مثل السلاح الكيماوي، وأنها بقيت تقاتل لخمس سنوات متتالية الروس والإيرانيين ونظام بشار الأسد وحزب الله، وأكثر من 60 تنظيماً طائفياً بالبنادق الخفيفة، وبعض ما يجود به بعض الأصدقاء من أسلحة متوسطة، وبما غنمته من أعدائها من أسلحة ثقيلة. والقصد هنا هو أنه لا يجوز أن يبقى بعض العرب يتحاشون تذكّر ذلك المثل القائل: "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض"، والمثل القائل: "إن من يتغدى بأخيك سيتعشى بك لا محالة"، ويواصلون "تملُّق" بوتين واستجداء رضا صاحب القرار في طهران، الذي لم يبخل على الأشقاء في العراق وسورية وأيضاً في اليمن بأن أرسل إليهم هذا الجنرال الطرزاني قاسم سليماني الذي تمت مبايعته من قبل الذين - من مهازل هذا الزمن الرديء - يقودون الآن واحدة من أهم الدول العربية، بقيادة الجيش العراقي في الحرب التي طال انتظارها على "داعش" اللعين في الموصل.
أخر كلام
العرب وروسيا... والتذيل «الرخيص»!
05-08-2016