مع انتهاء المؤتمر الوطني العام للحزب الديمقراطي قبل أسبوع، وإلقاء المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون خطابا باهتا خلال قبولها ترشيح الحزب لها إلى الانتخابات الرئاسية، بدا أن المرشح الجمهوري دونالد ترامب يعيش أفضل أيامه، إلا أن كلمة ألقاها خيزر خان، والد أحد الجنود الأميركيين المسلمين الذين قتلوا في العراق، في مؤتمر الديمقراطيين وما تبعها من رد غير لائق لترامب عليه، قلبت الأجواء رأسا على عقب، ووضعت تماسك الحزب الجمهوري وحملة ترامب على المحك.

ومع انتقادات وجهت له بسبب كلامه عن طفل رضيع كان يبكي خلال تجمع انتخابي، وشائعات عن سؤاله مستشاريه عن سبب عدم استخدام أميركا السلاح النووي، مرورا بنزاعه مع آل خان، واجه ترامب انتقادات جمهورية تحول بعضها الى انشقاقات، حيث قال بعض الجمهوريين انهم سيصوتون للمرشحة الديمقراطية.

Ad

وكان رفض ترامب دعم حملة انتخاب رئيس مجلس النواب الجمهوري بول راين لفترة جديدة في الكونغرس والمرشح الجمهوري السابق الى الرئاسة السيناتور النافذ جون ماكين، القضية التي كادت تطيح بحملته.

وذكر مصدران جمهوريان أن رينسي بريبوس رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري استشاط غضبا لعدم دعم ترامب لراين، وهو أبرز جمهوري منتخب، وبسبب نزاعه مع أسرة خان.

وقال مصدر جمهوري مطلع على الوضع عن بريبوس "بدا وكأنه قد جن جنونه". وعمل بريبوس أكثر من أي شخصية كبيرة أخرى في مؤسسة الحزب الجمهوري لإعادة ترامب إلى كنف الحزب على الرغم من وضع رجل الأعمال في نيويورك كدخيل.

وقبيل مؤتمر الحزب الجمهوري الشهر الماضي سعى رئيس اللجنة الوطنية الجمهورية إلى حشد الحزب الذي تسوده انقسامات خلف ترامب. ويشعر بريبوس بغضب شديد جراء الجراح التي أصاب بها ترامب نفسه ورفضه الالتزام بأساسيات اللياقة بدعمه راين.

لكن في مسعى لتهدئة المشاعر المتأججة فيما يبدو قال مايك بينس المرشح الى منصب نائب الرئيس مع ترامب، أمس، إنه يبارك راين كزعيم محافظ قوي. وقلل بينس، حاكم إنديانا، من اهمية خلاف ترامب وراين قائلا لمحطة "فوكس نيوز": "إن الأمر يستغرق وقتا لبناء علاقات في السياسة وهذا بالضبط ما يفعله ترامب وراين".

إلا أن ترامب عاد وتمسك بتصريحاته قائلاً: "لقد أطلقت تصريحات عفوية ومباشرة، وأنا سعيد بها. سنرى ماذا سيحدث، أعتقد أننا سنكون على ما يرام".

وكان أعضاء جمهوريون بارزون، ومن بينهم رئيس الحزب رينس بريبوس وعمدة نيويورك السابق رودي جولياني ورئيس مجلس النواب السابق نيوت غنغريتش قد أعربوا عن أملهم بإجراء "مداخلة" مع ترامب لحثه على إعادة حملته الانتخابية إلى مسارها الصحيح، بحسب ما ذكرته شبكة "إن بي سي نيوز".

ترامب

وقال ترامب، أمس الأول، إن حزبه متحد رغم التقارير الإعلامية التي تعمق القلق داخل حملته والحزب الجمهوري.

وأضاف ترامب في تجمع انتخابي بفلوريدا: "لم نكن متحدين من قبل مثل هذا"، وأشار إلى استطلاعات رأي قال إنها تظهر تقدمه على المرشحة الديمقراطية في عدة ولايات رئيسية.

ونفى رئيس حملة ترامب بول مانافورت أن تكون الحملة في حالة فوضى، وقال إن "المرشح يسيطر على حملته. الحملة في شكل جيد للغاية. نحن منظمون ونمضي قدما".

تقدم هيلاري

جاء ذلك، فيما أظهر استطلاع جديد للرأي صدرت نتائجه أمس أن كلينتون تتفوق على ترامب بعشر نقاط مئوية رغم تحفظ غالبية الناخبين على كلا المرشحين. وأوضح الاستطلاع الذي أجرته شبكة "فوكس نيوز" الاخبارية المحافظة أن 49 بالمئة من الناخبين ممن جرى استطلاع آرائهم يؤيدون كلينتون مقابل 39 في المئة يفضلون ترامب.

كلارمان

إلى ذلك، بعدما حظيت كلينتون بتأييد مديرة شركة "هوليت باكارد" ميغ ويتمان وهي جمهورية نافذة في كاليفورنيا، وعضو الكونغرس الجمهوري عن نيويورك ريتشارد هانا الذي أصبح أول عضو جمهوري يعلن أنه سيصوت للمرشحة الديمقراطية، شن الملياردير الأميركي سيث كلارمان رئيس مجموعة "بوبوست" هجوما على ترامب قائلا ان تصريحاته في الأيام الأخيرة غير مقبولة على الاطلاق، مؤكدا أنه لا يجوز في مجتمع ديمقراطي تعددي ان يأتي ترامب رئيساً. وقال كلارمان انه سيدعم كلينتون.

«الصناديق الخشبية»

في سياق آخر، نفى البيت الابيض، أمس الأول، اتهامات جديدة بدفع 400 مليون دولار لإيران مقابل الافراج عن اربعة سجناء اميركيين في يناير الماضي، أثارت انتقادات حادة من الجمهوريين الذين يهاجمون باستمرار الاتفاق النووي الذي ابرم مع طهران قبل اكثر من عام، معتبرين انه سيسمح لها بتمويل الارهاب.

وأوضح البيت الابيض ان هذا المبلغ الذي يعاد الى ايران يعود الى صفقة أسلحة لم تنجز وتعود إلى ما قبل انتصار الثورة الإسلامية.

وكانت محكمة التحكيم الدولية في لاهاي التي نظرت في الخلاف الأميركي الإيراني، أمرت بإعادة هذا المبلغ الى ايران مقسما إلى 400 مليون دولار من الديون و1.3 مليار دولار من الفوائد.

لكن صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت الثلاثاء الماضي أن المبلغ كان "فدية" لإطلاق سراح الأميركيين الأربعة. وأوضحت ان جزءا من الـ1.7 مليار دولار وضع في صناديق خشبية ونقل سرا الى ايران في الطائرة في شحنات لم يكشف محتواها.

وبرر الناطق باسم البيت الابيض جوش ارنست نقل الاموال جوا الى ايران وبصناديق خشبية بأن "الولايات المتحدة لا تقيم علاقات مصرفية مع ايران".

وشكل ما كشفته الصحيفة الاميركية مادة دسمة لشخصيات كبيرة داخل الحزب الجمهوري الذي واجه عددا من الفضائح التي تسبب بها ترامب.

وقال رئيس مجلس النواب بول راين "اذا كان هذا صحيحا، فإن هذه المعلومات تؤكد شكوكنا منذ فترة طويلة بأن الادارة دفعت فدية مقابل اطلاق سراح اميركيين محتجزين ظلما في ايران".

واضاف ان "هذا سيشكل حلقة جديدة في مسلسل تضليل الشعب الاميركي من اجل الترويج للاتفاق النووي"، مؤكدا ان "الجمهور يستحق توضيحا لما ذهبت إليه هذه الادارة لمصلحة اكبر دولة راعية للارهاب في العالم".

من جهته، دان دونالد ترامب في بيان "منح إدارة أوباما إيران الدولة الأولى في العالم بدعم الإرهاب 400 مليون دولار ستصل من دون أدنى شك إلى أيدي الإرهابيين".

وطلبت لجنة المراقبة في مجلس النواب الأميركي في رسالة من وزير الخارجية جون كيري الحضور للإدلاء بإفادته وشرح "التزامن بين الافراج عن الرهائن وتسليم الاموال".