عمل أكثر من 900 حزب وحركة سياسية وتجمع انتخابي، في العراق، منذ سقوط النظام البعثي قبل 13 عاماً، ولم تتقيد بقانون طوال تلك السنوات، لكنها تواجه لأول مرة مهلة تنتهي في أغسطس الجاري، كي تُسجل رسمياً وفق قانون جديد ليس من السهل تطبيقه بدقة، لأنه يتضمن ضوابط تخص شؤوناً دينية وسياسية معقدة.ودعت المفوضية العليا للانتخابات في العراق، الأحزاب إلى الإسراع بالتسجيل قبل انتهاء المدة الزمنية المحددة في أكتوبر المقبل، وافتتحت المفوضية دائرة الأحزاب والكيانات السياسية التي ستشرف على الوضع القانوني لها. وقد جاء ذلك بعد أن تسلمت المفوضية التمويل المالي الخاص بانتخابات مجالس المحافظات المقررة العام المقبل، رغم تشكيك في إمكانية انعقادها وسط الحرب على «داعش».
وفي أكتوبر الماضي، نجح البرلمان بعد محاولات دامت أكثر من ستة أعوام، في تمرير قانون الأحزاب، حيث أمهلها عاماً لتكييف أوضاعها مع التشريع الجديد، ورغم أن الجميع يشعرون بصعوبة تطبيق القانون بشكل جاد، إلا أنه سيبقى خطوة نادرة لتنظيم التعددية السياسية التي تكاد تبلغ درجة الفوضى.وتضمن القانون المزمع تطبيقه جملة من المفارقات والعُقد، ففي المادة السادسة من القانون ورد أن على الحزب أن يعتمد الآليات الديمقراطية لاختيار قياداته! بينما تظل معظم الأحزاب الكبيرة في العراق خاضعة لزعامات تاريخية هي فوق الانتخاب والصراع الداخلي، فكيف ستطبق هذه المادة بحيث تحافظ على «القيادة التاريخية»؟أما المادة الثامنة فتنص على أنه لا يجوز ارتباط الحزب بأي تنظيم عسكري، كما تشير المادة 25 إلى عدم ممارسة الاستقطاب الحزبي في صفوف الجيش وقوى الأمن. وهذا يعني أن تتخلى الأحزاب عن أجنحتها العسكرية وتتوقف عن العمل داخل الجيش، ولا أحد يعلم كيف سيتحقق ذلك فعلياً.
ولعل الأكثر إثارة أن المادة نفسها تنص على «عدم استخدام دور العبادة للدعاية الحزبية، أو منصةً لمهاجمة الخصوم السياسيين»، وهذا يعني حرمان التيار الإسلامي من الجوامع والحسينيات التي تعد معقله الرئيسي.كما يزخر القانون بقيود مالية غير مسبوقة، مثل ضرورة عدم الارتباط المالي بأي جهة خارجية، كما ورد في المادة 26 و28 نصٌّ على «إلزام الحزب كشف نفقاته وممتلكاته وأرصدته والتبرعات التي يحصل عليها وعرضها في تقرير سنوي على البرلمان ومجلس الوزراء»، وهو ما يعني قاعدة عمل جديدة لم يألفها الحزبيون في العراق.وهناك تعقيد آخر لا يقل خطورة، فإذا التزم الحزب بهذه الاشتراطات، فسيحصل وفق القانون على إعانات مالية حكومية يفترض أن تكون مجزية، وتتولى تقديرها وزارة المالية ومفوضية الانتخابات، وهذا بند سيحمل معه خلافات كبيرة وطعوناً أثناء التنفيذ، ويخلق حساسيات كبيرة مع مفوضية الانتخابات ووزارة المالية.وكان نائب رئيس مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات كاطع الزوبعي قال، في بيان، إن «عدد الأحزاب التي تقدمت بطلب التسجيل (حتى الأسبوع الماضي) بلغ 45 حزباً سياسياً منها 13 حزباً جديداً، فيما بلغ عدد الأحزاب التي قامت بالتسجيل والتي شاركت في العمليات الانتخابية السابقة 32 حزباً سياسياً»، داعياً بقية الأحزاب إلى «الإسراع في التسجيل ومراجعة مفوضية الانتخابات».