دفعت الإكوادور الأسبوع الماضي لشركة شيفرون 112 مليون دولار لتسوية قضية تحكيم تعود إلى سبعينيات القرن الماضي. وهذا الاتفاق الذي يعالج أموراً تعاقدية غامضة، يمكن أن يسفر عن عواقب أكبر لمعارك قضائية بين الخصمين اللدودين. واتخذت حكومة الرئيس الاكوادوري رافائيل كوريا موقفاً عدائياً حاداً في معارك قانونية أخرى أعلى سعراً إزاء شركة الطاقة الأميركية.
والسؤال الطبيعي، الذي يطرح هو ما إذا الدفعة تؤشر على ليونة في موقف الإكوادور في المواجهات الأكبر.
المشهد القضائي المعقد
أولاً، بعض الخلفية عن مشهد قضائي معقد: منحت هيئة محلفين دولية تتخذ من مدينة لاهاي الهولندية مقراً لها سان رامون شيفرون، التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها 96 مليون دولار في سنة 2011، في دعوى تتعلق بترتيبات تعود الى أربعة عقود قامت بموجبها تكساكو (التي استحوذت عليها شيفرون في ما بعد) بتطوير حقول نفط في الأمازون. وسمح الاتفاق للإكوادور بالحصول على النفط بمعدلات تقل عن السوق. واستأنفت الدولة الصغيرة في أميركا اللاتينية خسارتها في التحكيم ولكن دون جدوى. ومع تراكم الفوائد ارتفع مبلغ الحكم الى 112 مليون دولار.وأكد الجانبان، أن الاكوادور دفعت المبلغ بالكامل. وقالت الشركة في بيان بالبريد الإلكتروني، إن "شيفرون يسرها أن جمهورية الاكوادور لبت التزامها الدولي عبر دفع هذا المبلغ. وقال دييغو مارتينز، وهو حاكم البنك المركزي في الإكوادور في مقابلة مع إذاعة محلية: "نحن لا نتفق مع طريقة عمل هذه الآليات الدولية"، لكنه أضاف "نحن نحترم وننفذ التزاماتنا الدولية".لنطلق على هذه أول قضية A لدفعة من الإكوادور إلى شيفرون تأتي في وقت تواجه فيه الدولة الأندية المنتجة للنفط هبوطاً في الدخل بسبب أسعار الخام الدولية المتدنية. ويكاد أن يكون في حكم المؤكد أن الدفعة هدفت إلى توجيه رسالة إلى المستثمرين في الخارج بأن الإكوادور تريد أن تكون صديقة للأعمال التجارية. (وفي نزاع منفصل يمكن أن يدعى القضية B وافقت الإكوادور في وقت سابق من هذه السنة على دفع حوالي مليار دولار إلى أوكسيدنتال بتروليوم كورب لتعويضها عن مصادرة حقل نفطي في سنة 2006).ولننتقل الآن الى القضية C، وهي معركة قانونية أخرى اتهم فيها الآلاف من القرويين وأبناء القبائل في الإكوادور شركة تكساكو بأنها خلفت وراءها كميات ضخمة من التلوث النفطي من أواخر ستينيات القرن الماضين وحتى مطلع التسعينيات منه. وأفضت القضية C إلى محاكمة في سنة 2011 حملت الإكوادور فيها شيفرون مسؤولية أضرار تقدر الآن بأكثر من 9 مليارات دولار، وكانت حكومة الرئيس كوريا مؤيدة بقوة لجانب الادعاء كما انتقدت بشدة شيفرون في القضية C.من جهتها، رفضت شيفرون دفع قيمة أضرار التلوث، وهي تزعم أن القضية C يشوبها الاحتيال والإكراه والأدلة الملفقة. وفي سنة 2014 في الولايات المتحدة كسبت شركة الطاقة قضية ابتزاز ضد المحامي الرئيسي عن المدعين الإكوادوريين ستيفن دونزيغر. ولنطلق على تلك اسم القضية D وقد نفى دونزيغر مزاعم شيفرون واستأنف الحكم.قضية التلوث النفطي
ومن أجل جعل الأمور أكثر تعقيداً رفعت شيفرون القضية E وهي إدعاء تحكيم منفصل ضد حكومة الإكوادور. وهذه القضية التي لاتزال معلقة تشير، ضمن أشياء اخرى، إلى أن ذلك البلد أنكر عدالة شيفرون في القضية C والمتعلقة بالتلوث.وبالعودة إلى السؤال المتعلق بدفعة الـ 112 مليون دولار في القضية A: هل يشير تصرف الإكوادور إلى احتمال تحقيق نوع من التسوية العالمية للنزاعات المعلقة الأخرى المرتبطة بشيفرون والتلوث النفطي؟أنا أقول ربما. ولكن ليس بالضرورة. ويرجع ذلك في جزء منه الى أن دونزيغر وحلفائه لا يزالون يريدون أن تدفع شيفرون المبلغ كاملاً.وقد أشارت كارن هنتون المتحدثة الأميركية باسم دونزيغر وعملائه في بريد إلكتروني، إلى أنه أياً كان ما تفكر فيه حكومة الإكوادور، فإن فريقها ليس مستعداً لتسوية. وقالت في هذا الصدد: " إذا كانت الإكوادور تتبع "حكم القانون"، كما وصفته هيئة التحكيم، فإن على شيفرون عمل الشيء ذاته ودفع الـ9 مليارات دولار على شكل أضرار بيئية، وفقاً لما قررته المحكمة العليا في الإكوادور. ويستحق الإكوادوريون المعاملة نفسها ولكن، حتى الآن، كانوا يعاملون وكأن معاناتهم وخسارتهم لا قيمة لها من الوجهتين القانونية والأخلاقية.ومن أجل الحصول على ما يعتقدون أنه حقهم ينشد موكلو دونزيغر مساعدة النظام القضائي الكندي. وقد طلبوا من كندا إجبار شيفرون على الانصياع لحكم الإكوادور عن طريق بيع الأصول الكندية في الشركة، ودفع العائدات إلى الإكوادوريين. (بزنس ويك)