العديد من الناس، الذين يتابعون عمليات سلب الشركات الكبرى يتشاطرون الشعور بأن القانون الجنائي الأميركي وقوى تنفيذه، غالباً ما يفشلون في تحميل تلك المؤسسات المسؤولية، والكتّاب من أمثال القاضي جد راكوف والصحافي مات تيبي، اشتكوا من ندرة إدانات الجرائم المالية.

Ad

الإصلاحات المقترحة

وجاء الآن صموئيل بويل، وهو بروفسور القانون في جامعة ديوك الذي ليشرح في كتابه بعنوان (الجرائم الخطيرة: جرائم الشركات والعقاب في عصر الشركات في أميركا) سبب تقصير النظام القضائي المتعلق بالموظفين.

وعلى الرغم من رقته إزاء الإصلاحات المقترحة فإن هذا العرض الجديد يستحق الاهتمام من جانب أي شخص مهتم بالموضوع.

ويطرح المؤلف وثيقتين ممتازتين لدعم هدفه هما أسلوب كتابة مرح وتجربة مقاضاة عميقة. وقد ترأس قوة العمل انرون كورب في وزارة العدل الأميركية، كما عمل في وقت سابق في مقاضاة رجل عصابات بوسطن جيمس "وايتي" بلغر.

وعندما يتعلق الأمر بالشركات الضالة، يقول بويل في كتابه، إن الحكومة تواجه مشكلة هيكلية: وبوصفها كياناً قانونياً، فإن الشركة كانت مصممة بشكل محدد على خفض المسؤولية الشخصية. وهي أداة تسمح للمالكين الأفراد – المساهمين – بالحد من مسؤوليتهم القانونية فيما يتشاطرون رأس المال.

ويسمح حجم وتعقيدات العديد من الشركات الحديثة لكبار المديرين – وهم موظفون اسميون لدى المساهمين – بالقول، إن أي عملية جنائية حدثت غابت عن ملاحظتهم.

ولننظر في هذا: على الرغم من دوره المركزي في إطلاق الأزمة المالية العالمية في سنة 2008، فإن بنك ليمان براذرز، ورئيسه التنفيذي ريتشارد فلد، لم توجه لهما أي تهمة ارتكاب جريمة.

والأمر لم يكن يتعلق بأن وزارة العدل لم تتمكن من العثور على عمليات مريبة، ويشير بويل إلى ما يدعى "ريبو 105"، الذي استخدمه بنك ليمان من أجل اقتراض كميات كبيرة من الأموال، دون أن يدعوها ديناً.

ويقول إن "البناء اليقظ، الذي تضمنته تلك الاتفاقات على حد السكين في الأنظمة ومباركة خبراء القانون والمحاسبة، جعل من شبه المستحيل مقاضاة بنك ليمان".

وبشكل أوسع، واجه الادعاء، الذي كان يستعرض أكوام انهيار وول ستريت مشكلة في تحديد الضحايا الذين تعرضوا للاحتيال بصورة مباشرة.

وقد تعرض مين ستريت أميركا إلى معاناة عندما تجمّدت أسواق الائتمان، وحدث الركود الكبير، لكن نظام العدالة الجنائية يطلب صلة أوثق بين جرم الاحتيال والخداع.

مشترو كل تلك الأسهم المدعومة بالرهونات العقارية السامة التي أعدها بنك ليمان ومنافسوه كانوا من المؤسسات المتقدمة إلى حد كبير، بما في ذلك شركات تأمين وبنوك.

وكانوا يعلمون، أو كان عليهم أن يعرفوا، الأخطار، بحسب بويل، ولم يتعرضوا لاحتيال بصورة عامة – فقد قاموا ببساطة برهانات سيئة. وهو يقول إن " انهيار سنة 2008 في أسواق ديون الأسهم اشتمل على العديد من الأشياء، بما فيها البرهان على الفشل التنظيمي الواسع وإدارة الخطر الحمقاء، لكنه لم يكن احتيالاً كبيراً على الأقل".

قد لا يوافق المرء على استنتاجاته، لكن بويل يبرع في تحليل مكمن الخطأ في مقاضاة الشركات.

وكانت معالجته للإخفاق التام في انرون موجزة بصورة جلية: المديرون الذين ساعد على مقاضاتهم "لم يدخلوا السجن بسبب إدارتهم لشركة زائفة. واعتمد الادعاء على مناورات محاسبية محددة تجاوزت الخط من إدارة خطرة أو نشطة لأموال الشركة إلى الاحتيال".

واللافت، يضيف، أن المدعى عليهم كانوا يعلمون أن ما يقومون به كان خطأ.

ولسوء الحظ تبدو أفكار بويل الإصلاحية مثل فكرة تلوية متأخرة. ونظراً لأن الاندماج هو من الوجهة الفنية ترخيص رسمي للقيام بعمل فهو يقترح أن تكون الولايات أكثر انتقائية إزاء الشركات، التي يجب السماح لها بالعمل. لكن في العالم الحقيقي تتنافس الولايات من أجل جعل الاندماج أكثر سهولة وليس العكس.

ويدعو اقتراح آخر لبويل إلى إعادة تعريف الواجبات القانونية لمديري الشركات، بحيث تشمل المزيد من الواجبات الراسخة نحو العامة. ويبدو هذا جيداً، لكنه ينطوي على الكثير من الغموض.

ويقر المؤلف نفسه بأنه في البيئة السياسية المفرطة في الحزبية "مثل تلك الأفكار ليست مطروحة على الطاولة، إن لم تكن مخادعة". وبكلمات أخرى، فإن الأخطاء والتناقضات في القانون الجنائي المتعلق بالشركات يحتمل أن تستمر.

(بلومبرغ)