مجلس الاحتياط الفدرالي يحجم عن رفع معدلات الفائدة

نشر في 06-08-2016
آخر تحديث 06-08-2016 | 00:01
التطورات الإيجابية على صعيد الاقتصاد الداخلي، بما في ذلك تحسن سوق العمل بعد التراجع الذي شهده في شهر مايو الماضي، لا تزال مستمرة في وجه رياح معاكسة من جانب أسواق دولية أكثر ضعفاً، لذلك لم يشعر مجلس الاحتياط الفدرالي بحاجة فورية الى رفع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة.
 بلومبرغ • أحجم أخيراً مسؤولو مجلس الاحتياط الفدرالي عن اتخاذ قرار حول اجراءات سياسة نقدية جديدة في ختام اجتماعات استمرت يومين كما كان متوقعاً على نطاق واسع، لكنهم مضوا، الى حد ما، الى ما هو أبعد من مجرد التصريحات الرقيقة التي كان معظم المشاركين في السوق يتوقعونها.

ولأن المزيد من التطورات الايجابية على صعيد الاقتصاد الداخلي، بما في ذلك تحسن سوق العمل بعد التراجع الذي شهده في شهر مايو الماضي، لا تزال مستمرة في وجه رياح معاكسة من جانب أسواق دولية أكثر ضعفاً، لم يشعر مجلس الاحتياط الفدرالي بحاجة فورية الى رفع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة. واللافت بقدر أكبر أن المسؤولين لاحظوا أن "الأخطار في الأجل القصير قد تبددت بالنسبة الى الوضع الاقتصادي"، وهو تصريح كان أقوى الى حد ما من توقعات المراقبين. وعلى أي حال فقد كان اللافت أيضاً أن هذه التعليق لم يتسبب– حتى الآن على الأقل- في رفع معدلات الفائدة في السوق في الأجل القصير كما سبق أن أشرت أنا في وقت سابق.

ولكن الجانب الأقل وضوحاً في بيان مجلس الاحتياط الفدرالي، على الرغم من أن ذلك سيصبح أكثر جلاء عندما تنشر محاضر الاجتماعات المذكورة خلال عدة أسابيع– كان مدى العوامل المحددة التي أخذها مسؤولو مجلس الاحتياط الفدرالي في الحسبان خلال حكمهم على العديد من المبادلات المعقدة: بين القوة النسبية في الاقتصاد المحلي وبين حالة الضعف على الصعيد الدولي، وبين كبح التقلبات المالية في الأجل القصير وأخطار عدم الاستقرار المالي بقدر أكبر والمحتمل الحدوث، وبين التقييد الحذر على المعدلات ورفعها الآن من أجل افساح المجال أمام رد مستقبلي في السياسة في حال تعرض الأنشطة الاقتصادية الداخلية الى تعثر.

وعندما يتعلق الأمر بهذه الجوانب المعقدة أنا أتوقع أن يراقب مسؤولو مجلس الاحتياط الفدرالي عن كثب أعمال البنوك المركزية الاخرى المهمة، ولا يوجد واحد من تلك البنوك أمام خطر أكبر في مجال السياسة، مما يواجهه بنك اليابان الذي تبدأ اجتماعاته التي تستمر يومين في وقت قريب، وسط توقعات عالية بأنه سيطرح تحفيزا اضافيا.

وفي مناسبتين سابقتين في هذه السنة شهد بنك اليابان ردة فعل الأسواق بطريقة غير متوقعة ومعاكسة ازاء اعلانه السياسة المالية، بما في ذلك دفع العملة الى مستوى أعلى كثيراً عندما قرر البنك المركزي بصورة غير متوقعة خفض معدلات الفائدة الاسمية الى أقل من الصفر. وفي هذه المرة قد يشعر مسؤولو بنك اليابان بشكل أفضل بصورة طفيفة ازاء احتمالات السياسة المالية لأن حكومة طوكيو عززت أكثريتها في البرلمان كما أن رئيس الوزراء الياباني شنزو آبي يشعر بمزيد من القوة بغية الضغط من أجل القيام بتحفيز مالي واصلاحات هيكلية.

وسواء في مجلس الاحتياط الفدرالي أو بنك اليابان أو العديد من البنوك المركزية الاخرى فإن القضية الرئيسية تظل هي ذاتها.

وبعد نحو ثمانية أعوام تقريباً على ذروة الأزمة المالية العالمية لا يزال العالم يعول كثيراً على البنوك المركزية من أجل تحسين وتطوير النمو الشامل وضمان استقرار مالي حقيقي، وكلما استمرت هذه الحال لفترة أطول تقل احتمالات تحقيق تلك الغاية المرجوة. وفي غضون ذلك، تزداد الأخطار التي تواجه صدقية سياسة البنوك المركزية والعواقب غير المقصودة التي ستطرحها بالنسبة الى مسألة استقلالها السياسي.

منذ وقت طويل والحكومات لم تبتعد عن الاعتماد المفرط على البنوك المركزية والتوجه نحو سياسة تجمع بين ادارة شمولية بقدر أكبر مع اصلاحات هيكلية تدعم النمو، ورفع جيوب المديونية الزائدة، اضافة الى تنسيق اقليمي عالمي في السياسة، وكلما استمرت هذه العملية فترة أطول ازداد خطر ان تحذو البنوك المركزية الاخرى حذو بنك اليابان في اعتبار سياستها أقل فعالية وربما ذات نتائج عكسية.

المسؤولون لاحظوا أن الأخطار في الأجل القصير قد تبددت بالنسبة إلى الوضع الاقتصادي
back to top