البنزين يشعل غضب المواطنين
اتخذت الحكومة من انخفاض أسعار النفط في الفترة الأخيرة "شماعة" لتمرير عدة قرارات تمس حياة المواطنين المعيشية، فأقدمت على خطوة متسرعة برفع أسعار البنزين، ومن قبل رفعت الدعوم عن الديزل العام الماضي، وستزيد من مصاريف الكهرباء والماء لتضيق الخناق على المواطنين والوافدين بزعم دعم الميزانية التي تعاني العجز، بدلاً من أن تعالج ذلك عبر وقف سياسة الهدر والتنفيع والفساد المستشري في مفاصل الدولة، الذي يستنزف مليارات الدنانير، وكذلك فرض ضريبة تصاعدية على الدخول الكبيرة خصوصاً للشركات الكبرى والبنوك لا عن طريق جيب المواطن.ولعل قرار رفع أسعار البنزين يعد دليلاً جديداً، إلى جانب دلائل أخرى كثيرة، على مدى هشاشة وسطحية السياسة التي تنتهجها الحكومة في جميع القضايا، خصوصاً التي تمس الجانب المعيشي للمواطنين، حيث إنها تصوب سهامها دائماً تجاه محدودي الدخل في الوقت الذي تترك فيه كبار التجار يجمعون ويكنزنون الأموال الطائلة من دون أن يدفعوا ضرائب عن دخولهم العالية لتمويل ميزانية الدولة، فلا خطة مدروسة لدى الحكومة تسمح بتنوع مصادر الدخل وتنويع الاقتصاد وتشجيع الاستثمار، إنما خطتها تقوم على الهجوم المتكرر على جيوب المواطنين للخروج من الأزمة.
ولا يختلف اثنان على أن قرار رفع أسعار البنزين مطلع الشهر المقبل سيكون له آثار سلبية كبيرة على الحياة المعيشية اليومية لغالبية المواطنين، خصوصاً من ذوي الدخول المتدنية من العمال وصغار الموظفين والمتقاعدين والوافدين، حيث من المتوقع أن تقفز أسعار السلع والخدمات ما بين 20 و30 في المئة بسبب تكاليف النقل، وارتباط ذلك بأسعار البنزين، إضافة إلى الزيادة الكبيرة التي تشهدها الكويت أصلاً في ارتفاع أسعار الكثير من السلع الغذائية والملابس والعلاج، والخدمات والإيجار، ومن ثم فإن إلغاء الدعوم سيفتح الباب للتجار لمزيد من الجشع، وفي الوقت ذاته سيزيد من معاناة المواطنين والمقيمين.واللافت في الموضوع أن نواب مجلس الأمة المكلفين بحماية حقوق المواطنين وتخفيف الأعباء المعيشية عنهم وتحسين الخدمات المقدمة لهم لم تكن ردود أفعالهم على مستوى الحدث، بل مجرد ذر الرماد في العيون كما يقولون من قبيل بيانات الإدانة والشجب والتهديد والوعيد، والجعجعة بلا طحين عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، من دون أن يهبوا ويتخذوا مواقف حاسمة، ويفعلوا أدواتهم الدستورية لمنع الحكومة من التمادي في اتخاذ قرارات تضر بالمواطنين، وتحملهم أعباء إضافية ترهق كاهلهم، وتزيد معاناتهم المالية، ولمحاسبة الحكومة على كل أخطائها وفشلها في علاج الأزمة الاقتصادية، وتطبيق سياسة الترشيد في الجهات والمؤسسات والوزارات التابعة، ولجوئها إلى حلول ترقيعية غير مدروسة.