تحفل الأعمال الفنية، منذ القدم، بإبراز مفاتن الجسم البشري؛ لعدة أسباب، منها ما يتعلق بالعبادة لدى الحضارات المتعاقبة، وبعضها فني بحت، والكثير منها لدغدغة نوازع النزق البشري، ففي الكهوف نُحتت الأجسام العارية منذ قرون طويلة، وكذلك رُسمت على حوائط المعابد أشكال العلاقات الحميمة بين البشر، والحيوانات أحياناً، فضلاً عن التماثيل العارية التي أخذت أحجاماً كبيرة لتحتل مكانها في الميادين العامة في العديد من مدن الحضارات السابقة.

في الوقت الراهن فلَت زمام حصرها بالفنون فقط، بعد أن احتلت الصورة المباشرة مكان الصدارة في الأفلام السينمائية، إذ انتقلت منها إلى أجهزة التلفزيون، فالإنترنت، ثم الهاتف النقال!

Ad

الانفلات الحادث الآن سبقته سنوات من الصراع بين المحافظين وتجار الأعمال الإباحية تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، لكنني سوف أستشهد بفيلم عنوانه "المفاجعة" أُنتج عام 1969 مثلته ڤيڤا والدون، وزوجها لويس.

يعرض الفيلم على مشاهديه آلة تصوير وهي تراقب زوجين في فراشهما، حيث يثرثر الرجل مع زوجته حول الأحداث الجارية في حرب ڤيتنام، وهما يشاهدان التلفاز، ثم يتعانقان، والكاميرا تصورهما في كل مراحل علاقتهما الحميمة، ثم يتجهان إلى الحمام بلا شيء يستر جسديهما، وتحت هطول مياه "الدوش" تحدث بينهما مداعبات عبثية... إلخ.

وبعد عرض الفيلم في السينمات العامة في نيويورك صدر قرار بإيقافه، وإلقاء القبض على مدير السينما، وعامل آلة العرض... وأُطلق سراح بائع التذاكر.

وعند استئناف أصحاب الفيلم، قرَّر رئيس القضاة "برغر" أن البوليس تصرف خارج حدود صلاحياته عندما طلب من النيابة إيقاف عمل فني، وهذا ما يتنافى مع مبادئ الديمقراطية. وأُعيد عرض الفيلم، وحقق أرباحاً خيالية بسبب هذه القضية.

لماذا أطرح مثل هذا الموضوع؟!

إذا كانت المؤسسة الدينية في بلادنا قد فشلت في النهي عن الفحشاء والمنكر، فلماذا لا تتحرك المؤسسات المدنية في بحث تأثير ما يشاهده الإنسان في بلادنا على أجهزة يتحكم فيها بين يديه؟! وتأثير ذلك على البنية الاجتماعية؟! والبحث عن حلول ناجعة؟!