كله عشان الكويت
قبل نحو ربع قرن غزانا صدام حسين بذريعة النفط وحكاية حقل الرميلة، ثم حُدِّثت إصدارات القصة بتطور الأحداث، إلى أن وصلنا للوحدة الاندماجية من زاخو إلى البحر، فلم يُسلِّم المعتدي بعدها لا على زاخو ولا على البحر، واليوم تأبى الحكومة، الرشيدة طبعاً، إلا أن تعاود غزو جيوبنا بزيادتها المباغتة لأسعار البنزين بمناسبة اليوبيل الفضي وقليلاً للغزو الآثم، وحتى بلا اجتماعات أو مفاوضات أو لقاءات جانبية على الأقل، "نمت بنزيني خصوصي قعدت لقيته ممتاز"، والنتيجة راسب كالعادة. لا تلوموا حكومتنا، الرشيدة طبعاً، فهم زادوا البنزين ليدفعوا رواتب الموظفين الذين يبصمون ويمشون، والذين لو أُعفوا منها لخفت الزحمة وقل استهلاك البنزين المدعوم سابقاً كذلك، وليغطوا فرق ربح المقاول الأصلي المسيكين في المناقصات الكبرى، بعد أن يبيعها من الباطن، وليسفروا نصف الشعب بالصيف ليتعالج بالخارج، ولتأمين مصاريف الوفود البرلمانية ورواتب درزن السكرتارية للسيناتورات الأفاضل، وليسددوا قيمة البدلات والعلاوات والكوادر التي أقرت لكم بالأيام السمان، زادوه عليكم ومن أجلكم، زادوه وهم أصلاً يأخذون كوبونات ولا يدفعون شيئاً، لكنهم يريدون إعطاءنا درساً جديداً في التضحية والفداء من أجل الكويت والتكاتف المطلوب، فالمسألة ليست قصة زيادة ٥٠ فلساً فقط، فالشعب مبذر بطبعه، وإنْ ماراحت للبنزين فستتبخر على السلع الفاخرة والترفيهية وأقداح القهوة الصباحية والعصرية والمسائية التي يحتسيها الناس ليصحصحوا جيداً وتزيد إنتاجيتهم ولتنبههم كي لا يخدعهم أو يسرقهم أحد، لا سمح الله، ضاربين عرض الحائط بنصيحة المرحوم فهد العسكر الخالدة.
فالحكومة، الرشيدة طبعاً، ستأخذ من الناس لتعطي من لا يستحق من الناس حتى تستمر بالقيادة، وهذا المهم، ثم بالقدرة على تسيير الوضع الخاطئ أساساً والذي لا أحد يريد أن يعترف بأنه خاطئ، "فالسِّسْتم" واضح أنه بحاجة لإطفاء وإعادة تشغيل ليعمل جيداً وينصلح حاله، إنما لا أحد يجرؤ على اللمس، لكن يبدو أنه بعد أن رفع العدو بوجهنا شعار "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق" واستطعنا الانتصار عليه بتكتيك "زرع الميانين يطلعه رب العالمين"، فإن حكومتنا، الرشيدة طبعاً، تعلمت الدرس هذه المرة، وقررت الاستمرار في العمل وفق ذات التكتيك والآلية التي أثبتت نجاعتها على مدى الأيام والسنين، فلماذا نستبدل "الفكر" القديم بالجديد، ما دام القديم مازال يعمل وبنجاح، وتوفيراً للمصاريف أيضاً، لكن الفارق البسيط فقط أن الغزو العراقي اندفع ثمنه من صندوق الاحتياطي والاستثمارات والناقلات، واليوم أنا الذي سأدفع. لذا، فبعد كل هذه التجارب والصفعات برفقتكم أستطيع القول وبثقة تامة أنه أصبح لدي تراكم خبرات و"فلعات" يجعلني تلقائياً فور سماعي لكلمة "عشان الكويت" أتحسس جيبي.