على الرغم من اندلاع النزاع على "دير السلطان" - المجاور لكنيسة القيامة في القدس - بين مصر وإثيوبيا قبل نحو نصف قرن، حين طردت القوات الإسرائيلية الرهبان المصريين منه عام 1967 وسلَّمته للإثيوبيين، فإن المؤشرات تتجه إلى احتمالية انتهاء الصراع، بعدما سافر وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية إلى الدير الاثنين الماضي، وهي الزيارة التي تستهدف ترميم الدير القديم، وربما إنهاء الجدل الدائر حول أحقية الكنيسة المصرية في ملكية الدير، الذي قامت إسرائيل بتمكين الكنيسة الإثيوبية – المنفصلة عن الكنيسة المصرية - من امتلاكه عام 1959.

ويرجع تاريخ هذا الدير إلى زمن السلطان صلاح الدين الأيوبي، حيث أهداه للأقباط تقديراً لدورهم في النضال ضد جيوش الدول الأوروبية المُسماة وقتئذاك بـ"الصليبيين"، ويحتل مكانة تاريخية ودينية كبيرة رغم صغر حجمه.

Ad

وبدعوة من الكنيسة الإثيوبية المهيمنة حالياً على الدير، سافر وفد من الكنيسة المصرية الاثنين الماضي إلى القدس، لمتابعة أعمال الترميم التي يخضع لها، وفي موازاة ذلك يُتوقع ترطيب الأجواء بين الجانبين المصري والإثيوبي.

المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية بولس حليم، قال إن الدير لا يوجد به رهبان أقباط، بل يقتصر الوجود فيه على رجال الدين التابعين للكنيسة الإثيوبية، مؤكداً في تصريحات صحافية أن الوضع الحالي للدير يتلخص في أن "مصر تمتلكه قانوناً وإثيوبيا تمتلكه فعليا".

وشدد على أن الكنيسة الأرثوذكسية لن تتنازل عن أحقيتها في امتلاك الدير، الذي لايزال ملف ملكيته موضع مفاوضات بين الجانبين المصري والإسرائيلي على الصعيد الرسمي، والكنيستين الأرثوذكسية والإثيوبية على الصعيد الديني.

ويعتبر الصراع حول الدير سبباً رئيسياً في قرار بابا الأقباط المتنيح شنودة الثالث عام 1980، بمنع زيارة الأقباط للقدس، لحين استعادة الكنيسة لهذا الدير رسمياً، على الرغم من تقدم الأساقفة المصريين بطلب لإحدى المحاكم الإسرائيلية بهدف استرداده، وصدور حكم بأحقية امتلاك الكنيسة الأرثوذكسية له، وتغريم وزير الشرطة وأسقف الأحباش وقتها، إلا أن السلطات الإسرائيلية لم تنفذ الحكم.

المفكر القبطي، كمال زاخر، توقع انفراجة في أزمة ملكية الكنيسة القبطية لدير السلطان، لافتاً في تصريحات لـ"الجريدة" إلى أن ذلك يأتي في ظل محاولات التقارب بين الأطراف الثلاثة "مصر وإسرائيل وإثيوبيا".

في المقابل، قال محامي الكنيسة الأرثوذكسية السابق، رمسيس النجار، لـ"الجريدة"، إن هناك تحسناً في العلاقات بين الكنيسة المصرية والقبطية منذ تولي بطريرك جديد للكنيسة الحبشية، وهذه العلاقة تشهد الآن مرحلة توافق، متوقعا إعادة ملكية الدير للكنيسة المصرية تنفيذا للحكم القضائي الإسرائيلي دون منع الرهبان الإثيوبيين من استخدامه، لتشارُكهم مع الأقباط في نفس العقيدة.